بين تخوفات خبراء الاقتصاد من تأثيرها السلبى على الأسعار وتطمينات القائمين على مصلحة الضرائب، تتأهب الأسواق لإقرار مجلس الوزراء لمشروع قانون الضريبة العامة على القيمة المضافة تمهيدا لإقراره للصدور، والبدء فى تطبيقه ليحل محل قانون الضريبة العامة على المبيعات، وهو القانون الذى يحاول، بحسب الحكومة، علاج تشوهات القانون الحالى الصادر قبل نحو ربع قرن من الزمان، علاوة على أنه يراعى حقوق الطبقات الفقيرة، ويستهدف زيادة الحصيلة بدون الإضرار بالمواطنين.بداية أكد عبد المنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، أن قانون الضريبة على القيمة المضافة يعتبر امتدادا طبيعيا لضريبة المبيعات ، من خلال إخضاع كافة السلع والخدمات للقانون، وأنه لا يمكن الإعلان عن سعر الضريبة المقترح فى مشروع القانون، إلا بعد إقراره رسمياً من مجلس الوزراء، وأنه سيتم تطبيق حد تسجيل للممولين بالضريبة على القيمة المضافة بواقع 500 ألف جنيه، وأن هذا المبلغ يعادل حد التسجيل الحالى بواقع 54 ألف جنيه، الذى تم وضعه مع بداية تطبيق ضريبة المبيعات. وكشف رئيس المصلحة عن الاتفاق على إعفاء الخدمات التعليمية والصحية العامة والخاصة، وإعفاء السلع الاستراتيجية من الضريبة لعدم رفع الأعباء على المواطنين ، وأبرز هذه السلع السكر والشاى وزيت الطعام والمسلى، والمكرونة باستثناء المنتجة من «السيمولينة»، وإبقاء الضريبة على السيارات والسجائر ومنتجات النفط والبن والخمور والكحوليات. موضحا أن سعر الضريبة فى مشروع القانون ينقسم إلى 3 أنواع، الأول سعر عام لكافة السلع والخدمات، بدلاً من الفئات المحددة حالياً بقانون ضريبة المبيعات، والثانى سعر «صفر» للمصدرين، وثالثاً وضع جدول لباقى السلع التى تزيد أو تنخفض عن السعر العام. ولفت مطر إلى أن المصلحة استعدت لتطبيق الضريبة المضافة من خلال إجراء ربط إلكترونى بين الضرائب والمصالح الحكومية مثل الجمارك والتأمينات والكهرباء والشركات الكبرى، للحصول على بيانات بشأن الممولين، مشيرا إلى أن القانون الجديد يغلظ عقوبات التهرب الضريبى، ويرفع الغرامة لتتراوح بين ألف جنيه و5 آلاف جنيه، بدلاً من 100 جنيه إلى ألفى جنيه حاليا، والسجن من سنة إلى 10 سنوات، بدلاً من الحبس شهر إلى سنة، وكشف عن خفض مدة رد الضريبة، لتكون خلال 6 أسابيع بدلاً من 3 شهور. من جانبه، أكد المحاسب القانونى أشرف عبد الغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب، أن وجود نظام ضريبى متطورا إداريا وتشريعيا يعد مطلبا أساسيا للمجتمع الضريبى بصفة عامة لدفع عجلة النمو وخلق بيئة مناسبة وجاذبة للاستثمار، ويأتى هذا التحول إلى القيمة المضافة فى إطار هذه الجهود الرامية إلى تحسين مناخ الاستثمار، موضحا أن طرح قانون القيمة المضافة يعالح تشوهات عديدة فى قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991. وطالب عبد الغنى بإقرار سعر مناسب وموحد للضريبة على القيمة المضافة سواء على السلع أو الخدمات، واقترح أن لا يتجاوز 10% حتى لا تتضاعف الآثار التضخمية للضريبة، ويتسبب فى زيادات كبيرة للأسعار، فضلا عن حرص مصلحة الضرائب على سرعة علاج حاسم للمشكلات التطبيقية للضريبة الإضافية، بما يضمن عدم تسببها فى تحميل المكلفين بأعباء ضريبية إضافية ومغال فيها. ولفت إلى أنه فى هذا الشأن لابد من العمل لإعادة النظر فى تحديد تاريخ استحقاق الضريبة المقرر حاليا، لأنه يتسبب فى زيادة أعباء الضريبة على المكلف دون مبرر، ودراسة إمكانية تطبيق الفحص بالعينة أسوة بقانون الضرائب العامة رقم 91 لسنة 2005، وإعادة النظر فى المواعيد القانونية لتقديم الإقرارات حتى لا تتضاعف الأعباء الإدارية على الجهاز الضريبى. وأشار رئيس جمعية خبراء الضرائب إلى أنه يجب العمل على اقرار نظام ضريبى يسمح بتوافر السيولة المناسبة للشركات لسداد التزاماتها الضريبية دون تأخير، مطالبا بوضع الآليات القانونية الواضحة والمحددة، التى تضمن تفعيل نظام رد الضريبة، وتنهى مشكلات التأخير فى عمليات الرد للمستحقات سواء بسبب تعقيدات إجرائية أو بيروقراطية. ويرى المهندس محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات، أن ضريبة القيمة المضافة المنتظر أن تحل محل ضريبة المبيعات تساهم فى القضاء على الاقتصاد الموازى وتحسين مناخ الاستثمار ويجذب المزيد من رؤوس الأموال فى حال تحقق العدالة الضريبية، بالإضافة إلى توفير دخل للخزانة العامة قد يصل إلى أضعاف الدخل الحالى، موضحا أن اتحاد الصناعات يرى ضرورى إلغاء حد التسجيل فى الضريبة بحيث يسجل كل من يستخرج بطاقة ضريبية، بما يحقق العدالة الضريبية وعدم إعطاء غطاء شرعى للتهرب الضريبى، وبالتالى دخول جميع الكيانات الموازية إلى المنظومة الضريبية، وأن السعر الأنسب للضريبة هو 10%. وأشاد بقانون الضرائب على القيمة المضافة لأنه يقر آلية رد الأعباء لما يترتب عليه من فائدة كبيرة للصناعة المصرية، ويحافظ عليها ويزيد من قدرتها على المنافسة فى الأسواق العالمية، علاوة على أن المنظومة المالية التى تربط القيمة المضافة للسلعة من المكون المحلى ورد الأعباء منظومة جديرة بالاحترام، مشيرا إلى أن هناك صناعات لا تستحق رد الأعباء لأنها لا تقدم قيمة مضافة، وأنه يجب تشجيع زيادة القيمة المضافة من خلال ربطها برد الأعباء. ولفت السويدى إلى أنه من الضرورى العمل على زيادة نسبة رد الأعباء، وأن النسبة الحالية 25% للمكون المحلى ويجب زيادتها بحيث لا تقل عن 40%، وهو ما يشجع الصناعة المصرية، ويزيد من قدرتها على المنافسة دوليا، ومن ثم يجب أن تعيد الحكومة النظر فى هذا الأمر، لما يمثله من أهمية كبيرة للقطاع الصناعى. فيما شدد المهندس مجدى المنزلاوى، رئيس لجنة الطاقة بجمعية رجال الأعمال، على ضرورة التواصل بين الحكومة ومنظمات الأعمال للاتفاق على آليات تنفيذ قانون الضريبة على القيمة المضافة حتى يتم تلافى الآثار السلبية المنتظرة للتحول من ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة، مشيرا إلى أنه من المهم الإسراع فى جهود الربط بين الضرائب والتأمينات والجمارك لإتاحة المزيد من المعلومات لمأمورى الضرائب، بما ينتج فى النهاية حلم «كارت لكل ممول» محمل عليه كافة المعلومات التى تهم الجهات المتعاملة مع قطاع الأعمال (ضرائب وتأمينات ومكاتب العمل والجمارك.. وخلافه). وأوضح أنه على القائمين على الضرائب فى مصر أن يرسخوا ثقافة أن الضرائب هى حق الدولة يدفعها الممول اقتناعا بها وليس جباية يجبر الممول على دفعها خوفا من الحبس والغرامة، وبالتالى العمل على زيادة عدد الممولين فى الجهاز الضريبى، لأنه لا يليق أن يكون 30% فقط من أصحاب الأعمال هم من يتحملون العبء الضريبى، فيما ينعم 70% بأرباح تقدر بالمليارات بدون دفع أية ضرائب، بحجة أنهم غير مسجلين ضريبيا، رافضا آلية العمل الذى يقره قانون القيمة المضافة وهو 500 ألف جنيه حجم أعمال سنوى للتسجيل بضريبة القيمة المضافة، لأن ذلك يحرم المصلحة من مئات الآلاف من الممولين. ولفت المنزلاوى إلى أنه لابد أن يتم تسجيل كل مواطن يعمل بنشاط اقتصادى حتى لو تم تسجيله بدون مخاطبته ضريبيا أو إعفائه من الضرائب، وأن الدول المتقدمة لا يوجد بها مصطلح حد التسجيل، وأن المنشآت التى تحصل على دعم من الحكومة يتم تسجيلها ضريبيا، لابد من تسجيل كل التجار أو الممولين مهما كان حجم الأعمال، خاصة أن غير المسجلين دوما يكونوا الفاعلين فى سوق التجارة العشوائى، مؤكدا ضعف الحافز الذى يقره القانون لمن يتعامل بفاتورة ضريبية وهى رد 5% من الضريبة المحصلة للمستهلك و3% للبائع بفاتورة، لأن هذه النسبة متدنية جدا. ونصح رئيس لجنة الطاقة بجمعية رجال الأعمال، بضرورة أن يكون الهدف توسيع القاعدة وليس زيادة الأعباء على الممول الحالى، وأنه فى حالة زيادة سعر الضريبة –هذا الأمر الغالب- فإنه لن يتم تحقيق هذا الهدف، لأن الملتزمين سوف يسعون عن مخرج لهم للتهرب من دفع الضريبة لزيادتها، وسابقا قد خفض يوسف بطرس غالى سعر ضريبة الأرباح التجارية فكان الناتج زيادة الحصيلة، وبالتالى فإنه من الضرورى أن تكون مصلحة الضرائب أكثر ذكاء من الممول، بحيث تثبت سعر الضريبة مع تطبيق القيمة المضافة، ويمكن زيادة سعر الضريبة فى حالة انخفاض الحصيلة، وذلك بعد عامين أو أكثر من البدء فى تطبيقها.