في كل رحلة من الرحلات التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي الخارج يتناول موضوع السياحة ضمن الموضوعات التي يناقشها مع الرؤساء وكبار المسئولين في الدول التي يزورها.. حيث يشرح لهم إمكانيات مصر السياحية الهائلة.. وتنوع مقاصدها وانتشارها في أنحاء مصر.. ويؤكد مدي اهتمام الدولة بتوفير كل أنواع الراحة للسياح. بصراحة جهد كبير يبذله الرئيس... والمفروض أن يتبع ذلك تحرك ايجابي من القائمين علي أمر السياحة سواء من الحكومة الممثلة في وزارة السياحة وكذلك بالنسبة للقطاع الخاص صاحب المصلحة الحقيقية في ازدهار السياحة.. والحقيقة أن الرئيس بمناقشته وشرحه لأوضاع السياحة في مصر أثناء رحلاته.. هي في واقع الأمر دعاية مباشرة فريدة يتناولها رئيس الدولة.. وهذا دليل علي رغبة الرئيس في انعاش الحركة السياحية إلي بلادنا.. حرصا علي مصالح العاملين فيها وتشجيعا لهم بالعمل علي استئناف النشاط.. ولأن الناس أصبحوا يتكلمون عن هذه الصناعة ظنا منهم أن إيراداتها تدخل إلي خزائن الدولة في حين أنها تدخل في جيب شركات السياحة والفنادق مقابل إقامة وتنقلات وتحركات السياح. وقد سألت الصديق سمير حلاوة الذي شغل منصب رئيس مجلس إدارة مصر للسياحة عدة سنوات.. عن حقيقة الدخل السياحي.. فذكر أن وزارة السياحة تحسب هذا الدخل علي أساس أن كل أجنبي يدخل مصر لأي سبب من الأسباب حتي لو كانت خادمة من إحدي بلاد جنوب شرق آسيا.. فإنها تعتبر سائحة.. وتدخل مدة إقامتها حتي لو كانت عاما في عدد الليالي السياحية.. وعلي هذا الأساس يتم تقدير عدد السياح الوافدين وعدد الليالي السياحية التي أمضاها السياح.. ثم تفترض الوزارة ان ما ينفقه السائح خلال مدة إقامته وتكاليف الفندق والتحركات والمزارات بمتوسط قدره كذا دولار.. فإذا تم ضرب هذا الرقم بعدد السياح.. صار هذا الحساب هو الدخل السياحي. وهناك طريقة أخري هي قيام الشركات المنظمة للأفواج والبرامج السياحية بتحويل قيمة إقامة وتنقلات سياحها إلي احد البنوك المصرية.. وهذه طريقة أخري لحساب الدخل وفي أحيان كثيرة لا تقوم الشركة المنظمة بتحويل القيمة كاملة.. ولكن جزء منها فقط. يضيف سمير حلاوة أن هناك عدداً من الشركات العالمية قامت بشراء شركات مصرية للسياحة وفنادق وأتوبيسات. أي أن تكاليف الرحلة أصبحت "فندقية" أي أن يتم تحويل مرتبات العاملين والضرائب فقط والباقي يظل لدي الشركة في الخارج. هذا رأي أحد خبراء السياحة ممن أمضوا في العمل السياحي أكثر من 50 عاما.. عاصر خلالها أزمات وأزمات بداية من حرب عام 1967 ثم حرب 1973 وما بعدها من اعتداءات حدثت من الجماعات الإرهابية علي السياح.. وأزمات أخري عالمية أثرت بشكل مباشر علي حركة السياحة ولكن أمكن تجاوزها. والواقع أن وزارة السياحة لم تتحرك تحركا ايجابيا لاحتواء الأزمات الطاحنة التي أصبحت تحيط بالسياحة المصرية بصفة عامة.. خصوصا في اعقاب إلغاء بريطانياوروسيا لسفر السياح إلي مصر.. في الوقت نفسه لم يقم القطاع الخاص .. وهو المستفيد الرئيسي .. من زيادة الحركة السياحية بأي دور يذكر.. ويبدو أن كلهم علقوا هذه المشاكل في "رقبة الحكومة"!! كلهم أو معظمهم يريدون منها أن تقوم بالدعاية والتسويق والترويج... وهذا بالتأكيد ليس من اختصاص الحكومة بل وأري انه ليس من اختصاص وزارة السياحة. وخلال ندوة اقامتها جمعية الكتاب السياحيين المصريين اكتشفت أن اسلوب إدارة أزمة السياحة لا يرقي أبدا إلي المستوي المطلوب لإعادة الحركة السياحية. الوزارة مصرة علي اتباع أسلوب المشاركة في المعارض السياحية بوفد حكومي.. يرأسه عادة الوزير.. وهذه المشاركة في رأيي لن تساعد علي إعادة الحركة إلي مصر لأن هناك سبباً جوهرياً هو التحذيرات الحكومية التي لن يتم الإلغاء لها إلا بعد التأكد من تطبيق المعايير التي تراها هذه الحكومات.. وبصفة عامة أقول إنه منذ عام 2011 ووزارة السياحة تصر علي المشاركة في هذه المعارض السياحية.. وهذه المشاركة لم تسفر أبدا عن أي ايجابيات والدليل هو ما يجري الآن. ورغم كل ذلك.. فإن الوزير سافر إلي برلين للمشاركة في البورصة السياحية.. ثم سيسافر إلي روسيا للمشاركة في معرض آخر.. في حين أن التحذيرات مازالت مستمرة وبالتالي لن يجد من يستمع إليه رغم التصريحات الوردية التي تصدر عن الوزارة بعد العودة منها. الموضوع أكبر من ذلك كثيرا.. هناك فنادق أغلقها أصحابها وهناك استغناءات عن بعض العاملين.. وقد تأثرت إيرادات ودخول كل من يعمل في هذه الصناعة سواء التجار أو أصحاب الفنادق وأيضا من يعمل فيها. وهناك أزمة أخري تتعلق بأسعار صرف العملات الأجنبية.. وهناك تهديدات من شركات الطيران بإلغاء أو ايقاف رحلاتها لمصر لأنها تريد تحويل أموالها الناتجة عن التشغيل.. ولم تستطع.. كل هذه المشاكل وغيرها.. أعتقد أنها مشكلات في حاجة إلي حل أولا. هناك عدة أساليب لإيجاد حل لمشكلة إعادة الحركة السياحية من بينها ضرورة أن تضغط شركات السياحة المنظمة للأفواج السياحية في الخارج "تور أوبراتور" علي حكوماتها للتخفيف أو إلغاء تحذيرات السفر.. خصوصا أن هذه الشركات تعتبر المستفيد الأول من عودة السياحة. نصيحة لشركات القطاع الخاص.. اتركوا الحكومة في حالها.. واعتمدوا علي أنفسكم في الترويج والتسويق وعودة السائح إليكم.