أكد خبراء الاقتصاد والتمويل أنه علي الرغم من أن الهدف الأساسي من إنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية منذ 25 عاماً هو مساندة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. وأن يكون شبكة أمان اجتماعي واقتصادي ليسهم في محاربة البطالة والتخفيف من حدة الفقر. وتحسين مستوي المعيشة والأسراع في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة إلا أن الآلية وأسلوب التعامل مع المستفيدين خلق هروباً جماعياً للشباب من التعامل مع الصندوق الاجتماعي. نظراً لتعرضه لمخاطر عديدة قد تؤدي إلي الشجن. يقول الدكتور صلاح هاشم. أستاذ التخطيط والتمويل بجامعة الفيوم إن الصندوق الاجتماعي للتنمية وهم كبير وقع فيه العديد من الشباب لأن جميع القائمين عليه مصرفيين. مما يعكس ذلك علي تعاملهم مع الشباب حديثي التخرج الذي يبحث عن فرصة عمل ليبدأ بها حياته. وأصبح يتعامل معهم بطرق بنكية. لا تراعي ظروفهم. موضحاً أن الصندوق يحصل علي القروض بفائدة نصف في المائة. فيعيد إقراضها للشباب بنسبة قد تصل إلي 54% كفائدة مركبة للإنفاق علي مكافآت العاملين به ويضع البنوك كوسيط حتي لا يكون في الصورة النهائية. أشار د.هاشم إلي أن السياسة الائتمانية التي يقوم عليها الصندوق لا تؤدي لإقامة أو تنمية للمشروعات الصغيرة أو متناهية الصغر لأنها سياسة مصرفية بحتة ذات فوائد مرتفعة. مما يتناقض مع سياسة الدولة المالية. مؤكداً أن آليات منح القروض التي يتبعها الصندوق غير قانونية لأنهم يجعلون العميل يوقع إيصالات علي بياض لأنه لا يوجد في القانون ضمانات قانونية للقروض فيطلبون من العميل توقيع إيصال علي بياض. مما يجعلها أيضاً طرقاً غير أخلاقية للحصول علي القرض. طالب د.هشام الحكومة بأن تعترف بفشل سياسات الصندوق الاجتماعي للتنمية. خاصة بعد إنشاء هيئة الرقابة المالية. وأن تحاول الحكومة الاستفادة من تجارب بنجلاديش وأندونيسيا وماليزيا والبرازيل في مجال مكافحة الفقر. وأن تعيد النظر في طريقة اختيار قيادات الصندوق ومسئولي الإقراض. بحيث لا يكونون من أبناء المحافظة. ولا يستمرون في مواقعهم لمدة عام أو عامين علي الأكثر تجنباً للفساد الإداري. الذي ينتج عن آلية "التعشيش" التي تتسبب في توجيه أموال القروض إلي المناطق التي لا تستحقها. لتصب بمجملها في قري العاملين في الصندوق لتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية خاصة بهم. ويقول محمود ياسين.. خبير اقتصادي: ما يحدث من الصندوق الاجتماعي للتنمية لا يتناسب مع شباب يبدأ حياته عن طريق قرض ينشئ به مشروعاً جديداً يبدأ به حياته. ولكن ما يحدث من تعجيز ومعوقات لا يتخيله إلا من تعامل مع الصندوق. طال الصراخ ولا مجيب. حتي أنه يوجد "عنبر الصندوق الاجتماعي" في سجن وادي النطرون. علي الرغم من نفس مسئولي الصندوق خلال السنوات الماضية. وهو العنبر الممتلئ بالعديد من الشباب المتعثرين في سداد مستحقاته. بسبب الشروط التعسفية والفوائد المركبة. التي أرهقت كاهل الشباب المقترض ونظام البيروقراطية في التعامل معهم. أضاف: عندما يتأخر المقترض في سداد قسط القرض في المواعيد المحددة لظروف طارئة كتعرض البضائع للحريق أو للسرقة. تجد مباحث تنفيذ الأحكام تبحث عنه في كل مكان وخاصة ما ينيب عن الصندوق مثل البنوك وغيرها من الجهات التي تعيد إقراض أموال القروض الدولية لها للمواطنين.. الأمر الذي حدث مع آلاف المقترضين الذين استقر بهم المقام أخيراً في عنبر واحد سمي ب"عنبر سجن الصندوق الاجتماعي". أوضح ياسين أنه علي الرغم من أنه بلغ إجمالي التمويلات التي قدمها الصندوق للشباب نحو 27 مليار جنيه منذ نشأته في عام 1992 وحتي أغسطس الماضي. ويعمل من خلال 31 مكتباً إقليمياً تغطي كافة محافظات الجمهورية. ملحق بمعظم هذه المكاتب مجمعات خدمات تعمل بنظام الشباك الواحد وتتيح للمتقدمين سرعة الحصول علي القروض وإنهاء الأوراق المطلوبة والحصول علي خدمات استخراج التراخيص والسجل التجاري والبطاقة الضريبية.. إلا أن الصندوق ليس لديه فكر متحرر. وأن ضمانات القرض وإجراءاته تعسفية للغاية. ومن أبرز شروطه رهن كامل للمشروع للصندوق الاجتماعي أو البنك الذي يمرر قرض الصندوق.. مما يفقد الشاب الثقة بالجهة التي يتعامل معها. أضاف أن من بين الشروط أن يقوم الشاب بالتوقيع علي شيكات علي بياض لصالح البنك أو الصندوق الاجتماعي. ولابد من أن يجد الشاب ضامناً من الدرجة الأولي "الأب- الأم- الأخ- الزوجة- الابن" وذلك للتوقيع كضامن علي شيكات بقيمة القرض. اقترح ياسين عدة خطوات لتعديل نظام الصندوق الاجتماعي. منها: لابد من تعريف واضح لعمل الصندوق الاجتماعي أولها تخفيض سعر الفائدة علي القروض حتي لا يتجاوز ال3% في السنة. ومساعدة الشباب في إعداد دراسات المشروعات الصغيرة التي يقوم بها الشاب. بالإضافة إلي متابعة التحصيل كل شهر أو أسبوع. وبمجرد إنشائه في أوائل التسعينيات. بدأ الصندوق عمله في مكتب صغير يتبع رئاسة مجلس الوزراد لضمان سرعة الإنجاز. واتخاذ القرارات الجريئة التي لا يستطيع مسئول بيروقراطي القيام بها إلا رئيس مجلس الوزراء بنفسه. وانهالت عليه المنح من معظم الدول الأوروبية واليابان. وكندا. لتمويل الصندوق الاجتماعي. وقامت دول أخري بإعطاء قروض للصندوق لمدة تتراوح ما بين 10 سنوات و15 عاماً بدون فوائد علي أن يعود القرض للدول المانحة لهذه القروض حتي يتم استخدامه في نفس الدولة أو في دول أخري فقيرة تحتاج للاقتراض "القرض الدوار". وقامت بعض الدول بإعطاء قروض وتسهيلات ائتمانية للصندوق الاجتماعي بفائدة لا تتجاوز 1.5% سنوياً. وكان لزاماً أمام كل هذا الطوفان من الأموال والمنح المقدمة جذب عدد كبير من الشباب لإقراضه بفائدة 6% علي حد زعم الصندوق. وكانت تصل فعلياً لحوالي 14%. كابوس أضاف: يجب أن نتوخي الخذر حتي لا نعود إلي الماضي. فعندما طرحت فكرة إقراض الشباب علي الرأي العام. وحملت الدعاية للصندوق شعار "لا بطالة بعد اليوم" وأن مصر لن يكون بها شاب واحد في احتياج لوظائف حكومية بعد خمس سنوات. اجتذب الصندوق آلاف الشباب للحصول علي القرض بفائدة حوالي 6% من أجل تمويل عدد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ولكن بعد فترة قصيرة تحولت فوائد القروض إلي كابوس.. وتحولت فائدة القرض لفائدة مركبة. وبدلاً من فترة السماح للمشروع. التي من المفترض أن تكون مرفقة بكل دراسة. والتي لا تزيد علي دورة كاملة من الإنتاج. نجد أن فائدة القرض وأقساطه يبدأ احتسابها من أول يوم للمشروع. في حالة التأسيس أو التجهيز أو الاستعداد أو الإنتاج. بالإضافة إلي مصارف أخري تتمثل في: مصاريف إدارية تبلغ 1% ومصاريف ودراسات القرض. وتبلغ 1.5 ومصاريف متابعة للقرض 1% وغيرها من المصاريف المختلفة. لا خطة.. ولا معلومات قال: إن من أهم المشاكل التي تعوق المشروعات الصغيرة أنه لا توجد خطة تدريبية أو أي معلومات أو دراسات موثقة لهذه المشروعات بالإضافة إلي عدم وجود تمويل مصرفي وغير مصرفي محدد لها بسبب عدم تفعيل التمويل غير المصرفي في مصر لأنه منظومة كبيرة. وذلك بسبب أن التمويل غير المصرفي في الخدمات المالية لم يتم تفعيله في مصر لأن فوائده لا تزيد أرباحها علي 4% أما الجهاز المصرفي فيريد أن يعمل ويربح أكثر من 18% كما أنه من أهم المشكلات أيضاً عدم وجود أماكن مجهزة وصالحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وعدم وجود شركات تسويق محلية أو دولية. يرب نادي عزام.. أستاذ دراسات الجدوي والتمويل. والدراسات المصرفية بالاتحاد الدولي للمحللين الماليين.. أن الصندوق الاجتماعي للتنمية دوره محدود ومقصور علي إعداد دراسات الجدوي وتحديد أنواع الأنشطة التي تدخل تحت مظلته. والتي تشمل توفير المرونة في فترة السداد. وأن يكون سعر الفائدة منخفضاً نسبياً. يقول عزام إن القرض يمر بمراحل لكي يصل من الصندوق للعميل. فمن المفترض أن يعطي الصندوق للبنوك "والتي تكون وسيطاً" شرائح من المال بغرض إعادة توظيفها بسعر فائدة مخفض طبقاً لسعر الإقراض السائد. بل ويقل عنه أيضاً وبدوره يقوم البنك بإعادة إقراضها للشباب الحاصل علي دراسة جدوي مشروع من الصندوق الاجتماعي للتنمية "المجانية" وإذا انطبقت عليه شروط الصندوق من حيث المؤهل الدراسي أو المهني وبذلك يكون دور الصندوق الاجتماعي للتنمية الفعلي وعلي أرض الواقع مع الشباب. هو إعداد دراسات الجدوي الاقتصادية للمشروعات وتحديد نوع الأنشطة التي تمولها وتقديم هذه الدراسات مزيلة بخطاب منه للبنك. يقول فيه إن هذه الذراسة أو هذا المشروع يندرج تحت شريحة القرض "س. أو ص. أو ع. الممنوح لكم" وهنا تبدأ عملية التسليم والتسلم للعميل من الصندوق للبنك ويقوم الشباب للتقدم للبنك. وهنا تأتي المشكلة والمعاناة الحقيقية والتي تبدأ بضرورة وجود ضمانات للبنك لمنح هذه القروض. ضمانات صعبة أوضح أن المشكلة الكبري للشباب تقف عند هذه المرحلة. حيث إن الضمانات صعبة للغاية لأن البنك هنا يطلب من العميل لبن العصفور مثل تحويل رواتب موظفين أو ودائع كضمانة للقروض. وهذه الضمانات صعبة جداً علي الشباب توفيرها. ويتوقف القرض عند ذلك الحد لعدم تقديم الشباب الضمانات اللازمة للحصول علي القرض. وبالتالي لا فائدة من تلك الدراسات التي يقوم بها الصندوق الاجتماعي للتنمية ما لم تكن هناك ضمانة للبنوك باسترجاع هذه الأموال. لأنها مسئولة عن استرجاع الأموال للصندوق مرة أخري. أضاف أن هناك شركة لضمان مخاطر الائتمان المصرفي. ويكون دورها كضامن بنسبة محدودة للقرض وهذا لا يكفي.. ولذلك لابد من التوسع في تقوية دورها لتغطية قروض الشباب الممولة من شرائح القروض الميسرة الخاصة بالصندوق لدي البنوك بالإضافة إلي إعفاء الشباب من توفير ضمانات بمعرفتهم لأن ذلك سوف يعوق تنفيذ توجيهات الرئيس.. موضحاً أن المشكلة هنا أن البنوك مسئولة عن هذه الأموال. واسترجاعها للصندوق الاجتماعي للتنمية من الشباب مرة أخري. ولذلك تطلب البنوك ضمانات صعبة جداً لا يستطيع الشباب تقديمها للحصول علي القرض. وهنا يفشل في الحصول علي القرض. قال إنه لا توجد حلول إلا أن يتم وضع ترتيبات مع شركة ضمان مخاطر الائتمان المصرفي لتغطية كامل القروض. وليس جزءاً منها فقط. كما هو معمول به الآن حتي تستطيع البنوك منحها للشباب لأن المشكلة أن الشباب لا يستطيع تقديم الضمانات اللازمة للبنوك من رواتب وموظفين. وودائعة كضمانة للقرض. والحل هو أن تدخل شركة ضمان مخاطر الائتمان المصرفي لتغطية هذه القروض بالكامل بدلاً من التغطية الجزئية أحياناً.. وإذا كنا نتحدث عن توفير 4 ملايين فرصة عمل. فإن هذا الأمر يتطلب عقد اجتماع علي أعلي مستوي من قيادات الصندوق مع قيادات البنوك. مع مجلس إدارة شركة ضمان مخاطر الائتمان المصرفي. للاتفاق علي أن يتم تغطية ضمانة القروض بالكامل الممنوحة للشباب. مشكلات إدارية قال الدكتور عبدالرحمن طه.. خبير الشئون الاقتصادية: إن الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي أنشئ في الأصل لمواجهة العمالة الزائدة من دول الخليج إثر حرب الخليج عام 91 يعاني الكثير من المشكلات الإدارية والاقتصادية. وهو ما يظهر من خلال إحصائيات الصندوق نفه التي تشير إلي وجود قصور في الفكر الاقتصادي الإداري في إدارته. أضاف د.طه: ورغم تجاوز منافذ الصندوق لأكثر من ثلاثين منفذاً في أنحاء الجمهورية. فهي لم تستع الترويج لنفسها بشكل كاف. إضافة إلي أن إجمالي الأنشطة الصناعية الممولة لم تتجاوز 4% في حين أن المشروعات التجارية التي لا تضيف قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وقد وصلت إلي 60% من إجمالي عدد المشروعات في النصف الأول من عام 2015. والتي استحوذت علي 61% من إجمالي التمويل العام. أي أنها مشروعات غير منتجة. بل مستهلكة. وأغلبها تجارية. وهو مؤشر خطير خاصة مع وجود إجراءات من البنك المركزي ووزارة التجارة والصناعة التي تواجه الاستيراد العشوائي. الذي تعيش عليه أغلب هذه المشروعات التجارية. يشير د.طه إلي أنه يجب أن يتم تغيير العقلية الإدارية الاقتصادية القائمة علي إدارة الصندوق. وليس تغيير الأشخاص. ولكن بتغيير القانون والعقليات وتطوريها ودعمها بالخبرات الشابة بناء علي دراسات حقيقية حتي تساهم وبشكل فعال في خفض البطالة التي تجاوزت 12% بناء علي تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لتحقيق المستهدف من خفض البطالة خصوصاً البطالة العائدة من دول البترول علي إثر أزمات البترول والحرب علي الإرهاب في بعض تلك الدول. ولتنفيذ مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي. بتوفير 4 ملايين فرصة عمل.