في سنواته الأخيرة وقبل رحيله إلي العالم الآخر ونتيجة ما تعرض له في حياته من جحود.. لجأ الفنان الكبير "زكي طليمات" أستاذ وعميد ومؤسس معهد التمثيل في مصر "المعهد العالي للفنون المسرحية الآن" إلي أسلوب جديد يخفف من آثار وجيعته النفسية.. فقد لجأ إلي خطاط كتب له لافتة كبيرة وضعها في مدخل مسكنه بوسط القاهرة.. وبالتحديد في عمارة بشارع عبدالخالق ثروت كان اسمها "الاسكورزياتي" بهدف أن يقرأ من يدخل هذه العمارة وبالذات الزائرين إليه هذه اللافتة والتي تضم هذين البيتين لأحد الشعراء القدامي: أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني وكم علمته نظم القوافي فلما قال "قافية" هجاني الفنان الكبير كان من أوائل رواد المسرح.. ممثلاً ومخرجاً.. أرسلته الحكومة المصرية في بعثة لدراسة التمثيل والإخراج في معهد "الأوديون" في العاصمة الفرنسية باريس.. وبمجرد عودته من البعثة استطاع أن يبعث وبأسلوب جديد ومعاصر فن المسرح في مصر حيث أنشأ معهدا للتمثيل والإخراج وفنون المسرح ومقره الآن بأكاديمية الفنون بالهرم.. كما أنشأ المسرح المدرسي وفرق عديدة باسم المسرح الشعبي مهمتها إيقاظ الوعي الشعبي بالمسرح وتقريبه إلي إبصار وتذوق أبناء الشعب.. في الوقت نفسه أنشأ فرقة نموذجية من خريجي المعهد لتعرض نتائج ثقافتها المسرحية علي أسس أكاديمية. وتصوروا ان هذا المعهد تم إغلاقه في نفس عام افتتاحه بقرار من وزير جديد لوزارة المعارف التربية والتعليم الآن والذي قام المعهد تحت رعايته بدعوي الحفاظ علي التقاليد وعدم جواز تعليم الفن المسرحي لشبان وفتيات في دائرة سن المراهقة.. واستمر المعهد مغلقاً لمدة 11 عاما ثم أعيد افتتاحه عام 1942 بعد أن اقتنعت الحكومة في ذلك الوقت بأهمية قيام المعهد لتحقيق رسالته التي كانت حلم حياة زكي طليمات..وأكثر من ذلك استفادت بعض الدول العربية من علم وثقافة فناننا المبدع الكبير.. فقد استدعته حكومات دول الكويت وتونس وليبيا لإنشاء معهد للتمثيل في كل منهم.. ولا تزال هذه المعاهد قائمة وتخرج للفن وللمسرح العربي رعيلاً بعد رعيل.. وكان يتولي التدريس والإشراف علي هذه المعاهد أساتذة من مصر بينهم عمر الحريري وأحمد عبدالحليم رحمهما الله. وبمرور السنوات بدأ معهد الفنون المسرحية في وضع الأمور في نصابها وإعادة الفضل لصاحبه وذلك بإقامة حفل سنوي فيه بعض الذكر والعرفان يطلق عليه "يوم زكي طليمات" يتم فيه تكريم الدفعات التي تتخرج من المعهد.. أما الدولة فقد كرمته في آخر أيامه ومنحته الدكتوراه الفخرية.