دعك من المشاهد الكوميدية و"الاشتغالات" التي ظهرت في الجلسات الأولي لمجلس النواب الجديد.. والتي يبدو أنها كانت مقصودة لجذب الانتباه واختطاف الكاميرات.. دعك من ذلك فهو متوقع ومنتظر.. وتعال معي نبحث في هذه التركيبة عما هو جاد ويستحق أن نتوقف عنده لنرصده ونناقشه.. نؤيده أو نرفضه. ولقد عثرت علي هذا النموذج الجاد فكنت كمن عثر علي إبرة في كومة القش.. إنها السيدة النائبة بسنت فهمي التي قدمتها لنا مشكورة جريدة "الشروق" يوم الثلاثاء الماضي من خلال حوار مطول تحدثت فيه عن رأيها ورؤيتها.. فأعطت صورة مغايرة ومناقضة ومصححة للصورة الذهنية التي رسمتها وقائع الجلسات الأولي لمجلس النواب عن النواب.. والتي ربما أدت إلي استقالة النائب المحترم المخضرم كمال أحمد. هي واحدة من الوجوه المصرفية البارزة.. عملت في القطاع المصرفي لأكثر من 35 عاماً وشغلت مناصب عديدة بعدد من البنوك الأجنبية.. كما شغلت منصب نائب رئيس حزب الدستور "سابقاً".. وجاءت إلي مجلس النواب عضواً بالتعيين.. ولها آراء جريئة في السياسات الاقتصادية من خلال "الرأسمالية الاجتماعية" التي تسعي إلي تطبيقها لتشجيع الأغنياء علي العمل وفي الوقت نفسه تضمن حق الفقراء في العيش الكريم. تقول: هدفي أن يكون لدينا اقتصاد "الرأسمالية الاجتماعية" الموجود في فرنسا وأمريكا وكندا.. اقتصاد قائم علي رجال الأعمال لكنه يراعي البعد الاجتماعي.. ونحن في مصر لدينا ثروات هائلة وقوة عاملة تمثل أكثر من 40% من عدد السكان.. ولدينا جهاز مصرفي مستقر.. وسوق أوراق مالية مستقر.. لذا فإن تشجيع رجال الأعمال وتهيئة المناخ لهم للعمل يعني أننا نفتح الباب أمام المستثمر الأجنبي الذي لن يأتي إلا عندما يري أن ابن البلد يستثمر ويعمل.. المهم أننا عندما نعد خطة اقتصادية نركز علي العدالة الاجتماعية. المجتمع المصري به فئات مقتدرة هي التي يجب أن تدفع أكثر مقابل حصولها علي الخدمات.. لأن الفقراء إذا "جينا عليهم تاني مش هيستحملوا" والفئات المقتدرة تتمركز في مناطق سكنية معروفة كالقاهرة الجديدة والشروق وغيرهما.. هذه الأماكن يجب أن يرفع عنها الدعم نهائياً فيما يتعلق بالخدمات العامة.. الكهرباء والمياه والغاز ومن فارق تلك الأسعار يتم دعم الفقراء.. من يسكن غرفة وصالة يستحق الدعم وليس صاحب الفيللا في التجمع.. يجب فرض ضريبة 25 قرشاً علي كل مكالمة محمول.. وفرض ضرائب مبيعات علي سلع الرفاهية التي لا يستهلكها إلا الأغنياء.. وإذا كنا نريد حل أزمة عجز الموازنة فيجب زيادة الإيرادات من الأغنياء.. وأؤيد فرض الضرائب التصاعدية التي فوجئت بإلغائها رغم أن الدستور ينص عليها. وإذا جاز أن نتحفظ علي ضريبة المكالمات التي تقترحها النائبة المحترمة بعد أن صار المحمول ضرورة حياتية للفقير والغني علي السواء فإن إشارتها إلي الضرائب التصاعدية وضرائب سلع الرفاهية تستحق الإشادة والتأييد.. ونضيف إليها ضرائب أرباح البورصة التي ألغتها الحكومات السابقة.. ورفع الحد الأقصي للضريبة الذي خفضته الحكومة إلي 22.5% بدلاً من 30% خدمة للأغنياء في الوقت الذي تجتهد فيه لخفض الدعم وفرض ضريبة القيمة المضافة "الجديدة" وهو ما أشعل وسيشعل أكثر أسعار الخدمات ويثقل كاهل محدودي الدخل. وتضيف السيدة بسنت فهمي: لابد أن يناقش مجلس النواب بجدية قانون الخدمة المدنية لأن نسبة العلاوة التي حددها القانون ب 10% يجب أن تكون نسبة مساوية لمعدل التضخم السنوي حتي لا يحدث انخفاض في قيمة الأجور الحقيقية.. الناس كلها الآن تتحدث في السياسة وأصبحت مهتمة بما يثار من حولها.. ولا يمكن لهذا البرلمان أو الذي يليه أن يسير في نفس النهج الذي سارت عليه برلمانات ما قبل الثورة.. هذا البرلمان إن لم يستطع أخذ حق المواطن الغلبان ستقوم ثورة ثالثة.. وهذا الكلام لا يعني أنني ضد رجال الأعمال لأن رجال الأعمال جزء مهم وأساسي من اقتصاد هذا البلد. هذه السيدة تمثل صوتاً عاقلاً ومهماً في البرلمان.. يجب أن نتابعه ونشتبك معه.. لأنه يستحق.