لعل أحد الأسباب الرئيسية لانهيار الإدارة في الغالبية.. إن لم يكن جميع المنشآت الاقتصادية ومنها الحكومية هو وجود المرءوس المطبلاتي الذي يدفع المسئول إلي الغرور والتعالي والديكتاتورية .. وأهم أنجح أدوات الإنهيار بل المزيد من الانهيار والفشل إذا كان المسئول في الأصل جاهلا بأساسيات الإدارة. المرءوس المطبلاتي نوعان .. الأول المستفيد من النفاق و¢التطبيل¢ سواء بتوليه أي موقع حتي لو كان قسما أو إدارة أو بالمن وما أسهله تحت بند الحوافز الذي يعد في هذه الحالة تجارة رابحة .. والنوع الثاني هو "عبده مشتاق" الذي يبالغ في النفاق سواء بشكل مباشر أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي آملا في انتقاله إلي النوع الأول أو للموافقة علي تعيين أحد أبنائه. المرؤس المنافق والمطبلاتي تجده في كل زمان ومكان وينشط مع تغيير القياده.. وغالبيتهم لا يتوانون وأو يخجلون من الخوض في سيرة الرئيس السابق .. وللأسف كلما زاد المطبلاتي في سب القيادة السابقة زاد إعجاب المسئول الجديد به حتي وإن أعلن وأظهر عكس ذلك. للأسف المسئول خاصة الضعيف يجمد عقله عن التفكير ويغض بصره عن حقيقة مؤكده بأن هذا المرءوس المطبلاتي سيكون أول من يخوض في سيرته وسبه فور صدور قرار إعفائه أو بلوغه سن التقاعد .. لكن نشوة التأييد المطلق من المطبلاتية والمنافقين هي الأكثر سيطرة علي المسئول مهما بلغ انهيار المنشأة بسبب قراراته العشوائية التي يتخذها منفردا رغم جهله بما يترتب علي المنشأة من خراب. وعلي الجانب الآخر الأزمة الحقيقة التي نعيشها في مصر علي خلاف غالبية دول العالم التي تحقق نموا حقيقيا أنه لا يوجد حتي الآن قياسات حقيقية لاختيار القيادات.. والقواعد التي يتم علي أساسها الاختيار لا تخرج عن الإجراءات الشكلية واتباع القواعد القانونية من خلال تستيف الأوراق لاختيار المسئول إما بالوساطة أو التربيط أو يكون مثاليا في تنقيذ الأوامر.. الصحيح منها والخطأ "بيسمع الكلام". النمو الحقيقي لأي مجتمع يبدأ بتطبيق الأساليب العلمية لاختيار الرجل المناسب في المكان المناسب فعلا وليس قولا.. فعلي سبيل المثال خلال زيارتي لشركة بومبردييه لصناعة الطائرات في كندا وأثناء جولتي في احد المصانع بمدينة تورونتو فوجئت برجل مغربي ¢ عبد المجيد ¢ في العقد الرابع من عمره هو الذي يرافقني لشرح خطوات صناعة الطائرة ومميزاتها عن منافساتها قي السوق العالمي .. وتبين أن عبد المجيد العربي المسلم يتولي منصب مدير تطوير الأبحاث علي مستوي الشركة التي تعد أحد أربع شركات عالمية لصناعة طائرات الركاب. بالطبع دفعني فضولي الصحفي لسؤاله بشغف عن تعيينه في هذه الوظيفة التي يكاد يعتمد علي تقاريرها أغلب أقسام ومصانع الشركة .. فأجابني بأن كل الشركات العالمية تضع لديها شروط وخبرات حقيقية لشغل كل وظيفة.. وما قام به تقديم السيرة الذاتية مدعما بشهادات الخبرة.. وبعد دراستها ومطابقتها قامت لجنة بمناقشته مناقشة علمية -وليست شكلية - فتم قبوله وتعيينه. بعدها انتقلت بالطائرة إلي العاصمة مونتريال لزيارة مصنع الطائرات الصغيرة ¢الخاصة¢ فوجئت بمن يرافقني ¢محمد دسوقي¢ مصري ويتولي منصب مدير التسويق في منطقة شمال أفريقيا.. وكان أهم ما لفت نظري خلال جولتي في مصانع بومبردييه اختفاء المطبلاتي.. فالعامل يركز في عمله ولا ينتفض واقفا أثناء مرور المدير الذي يمر بجواره او حتي يلتفت إليه.. ولكن لو حدث هذا في مصر لكانت أيام العامل المتبقية له في وظيفته سوداء. ياسادة.. إذا كنا عازمين حقا علي النمو الذي يبدأ من القاعدة وجب علينا نسف لغة الوساطة في تعيين المسئولين واختيارهم من خلال قواعد وأسس ثابتة.. والأهم تدريب المسئولين علي مقاومة سحر المنافقين والمطبلاتية. وعمار يامصر!