بعد رحلة من المعاناة مع المرض الخاطف رحل الصديق العزيز الاستاذ السيد المعبدي نائب رئيس تحرير الجمهورية.. فقد كانت رحلته مع المرض مفاجأة وصدمة لي لكن كان الرجاء إلي الله في أن يساعد الاطباء في علاج تلك الجلطة التي أصابت المخ.. مضت الأيام سريعاً ورغم مرارتها في المعاناة والغيبوبة التي أفقدته الحركة والنطق إلا الامال كانت تحدونا مع أسرته في أن يخرج من هذه الأزمة لكن شاءت إرادة الله أن يرحل هذا الصديق إلي جوار ربه. وقد ودعه إلي مثواه الأخير كوكبة من الزملاء الصحفيين والعاملين بجريدة الجمهورية ومؤسسة دار التحرير وعدد كبير من الأهل والاصدقاء. فقد كان ودودا ومحباً لكل المتعاملين معه خاصة البسطاء فقد كان مهموماً بهم أكثر من نفسه. حقيقة لقد افتقدت أخاً عزيزاً الوفاء والشهامة تغلي في عروقه رحمه الله فقد كانت عشرة دامت أكثر من خمسين عاما.. وكانت تزداد قربا ومودة مع مرور السنوات.. يغضب أشد الغضب عندما لم اتصل به ولو يوماً واحداً.. انه نعم الأخ.. رجولة وشهامة ومواقف لاتنسي مدي الحياة. ففي أحد الأيام منذ سنوات مضت توفيت شقيقتي عندي بالمنزل وفي لحظة من الألم والمفاجأة لم أجد سوي هذا الصديق وعقب اتصالي به بادر بإحضار سيارة لنقل الجثمان وتعهد بكل همة الأمور حتي تم دفنها بالشرقية. معذرة.. إنها شجون ومشاعر ربطت بيننا في أخوة ومودة.. لكن هذه المفاجأة التي أصابت السيد المعبدي عقب نقله إلي أحد المستشفيات الخاصة بمصر الجديدة والمرتبطة بمشروع علاج نقابة الصحفيين كشفت عن وقائع تتطلب وقفة من المسئولين عن مشروع علاج الصحفيين واتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لتوفير أقصي وسائل الرعاية لهؤلاء الزملاء الذين افنوا حياتهم في مهنة البحث عن المتاعب.. هناك بعض المستشفيات والاطباء قد انهوا تعاقدهم مع نقابة الصحفيين وللأسف ليست هناك متابعة لهذه التعاقدات. كل ذلك يعرض أهل الزميل المريض للإحراج والمعاناة وناهيك عن التكاليف الباهظة للعلاج بالمستشفيات الخاصة ترهق أي أسرة عائلها علي المعاش.. نريد تحركاً من النقابة أكثر فعالية حتي يتم توفير أماكن لعلاج الصحفيين وأسرهم وجميع الزملاء علي أتم استعداد لرفع قيمة مبالغ الاشتراك في هذا المشروع الحيوي إذ لا يخفي علي أحد مدي المعاناة في البحث عن مستشفي تتوافر به اماكن للرعاية والعناية المركزة. إرهاق وقلق عند أي مفاجأة كما حدث للزميل السيد المعبدي. نريد البحث بكل جدية عن أماكن للعلاج تقدم الخدمات الصحية والرعاية.. بعيداً عن المعاناة والمغالاة اعتقد أنه إذا أخلصت النوايا وكانت لدي الزملاء بمجلس النقابة العزيمة الصادقة فإن هذه المهمة لن تكون عسيرة. تتطلع إلي همة هؤلاء الزملاء والبحث عن أماكن لاستقبال وعلاج الصحفيين تتناسب مع أبسط الحقوق الإنسانية.. ويجدونا الأمل في فتح نافذة مع مستشفيات وزارة الدفاع حيث الإمكانيات والرعاية المتكاملة.. ولا يغيب عن خاطر هؤلاء والزملاء بمجلس النقابة اننا جميعا في مركب واحد. دعونا ننتظر ونتأمل لعلنا نري صدوراً أكثر إيجابية وتحفظ للصحفيين مكانتهم وتقيهم الإحراج والمعاناة. في نفس الوقت فإن التأمين الصحي التابع لوزارة الصحة إمكانياته متواضعة وفي أشد الحاجة لهزة عنيفة تعيد لمستشفيات التأمين الصحي مكانتها بحيث تختفي تلك المأساة التي يتعرض لها المشتركون في خدمة التأمين الصحي خاصة أصحاب المعاشات وكبار السن.. الإمكانيات محدودة وأماكن الرعابة والعناية المركزة محدودة جداً ولست أدري إلي متي تستمر هذه الهيئة بهذه الصورة التي لا تسر أي إنسان. معذرة مرة أخري فقد حركت المفاجأة التي أصابت الزميل العزيز السيد المعبدي كل هذه المشاعر ومدي المعاناة في البحث عن مكان تتوافر به الرعاية بأبسط الإجراءات وأيسر الوسائل. رحم الله هذا الصديق وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ يقول: عش ماشئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه" دعوات من القلب بأن يتغمده الله بواسع رحمته ولأهله وأسرته وزملائه صادق العزاء.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.