منذ أيام أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه يشعر بمعاناة الغلابة من المصريين مع الأسعار. ووعد باتخاذ إجراءات تنهي الغلاء بنهاية الشهر. وبدلا من أن يوجه وزراء المجموعة الاقتصادية جهودهم لتحقيق هدف تخفيض الأسعار. إذا بهم يجتمعون في مساء نفس يوم حديث الرئيس ليوافقوا علي قانون القيمة المضافة. وبذل السيد هاني قدري وزير المالية جهودا غير عادية للإسراع بتطبيق القانون.. فاجتمع بعد ساعات من تصريحات الرئيس مع المحاسبين بكبري مكاتب المحاسبة وكشف عن النسخة الخفية من قانون الضريببة علي القيمة المضافة ليبدأ الحوار المجتمعي لأول مرة علي نصوص القانون الحقيقية. وبدأ رئيس مصلحة الضرائب جولة مكوكية لحضور كافة الاجتماعات التي يدعي لها لمناقشة قانون القيمة المضافة.. ويصرح بأننا "مستعجلين" علي تطبيق القانون لتعويض خسارتنا من عدم تطبيقه لمدة 3 شهور. تحدث هذه الحركة غير العادية بينما يعلم جميع وزراء المجموعة الاقتصادية أن قانون القيمة المضافة ضد تخفيض الأسعار. بداية لأن القانون الجديد يرفع السعر العام للضريبة بنسبة 50% كما يفرض ضريبة مزيدة بنسبة 3% بخلاف السعر العام علي كل مبيعات المسجلين بالمصلحة إلي غير المسجلين المنتشرين في المناطق الشعبية والعشوائية التي تمثل مناطق تمركز محدودي الدخل.. وبالتالي فإن القانون الجديد للقيمة المضافة سيؤدي حتما إلي زيادة الأسعار علي محدودي الدخل بسبب الضريبة. وإذا أضفنا إلي ذلك حقيقة أن الأسواق في مصر ليس لديها رقيب علي الأسعار ولا علي أرباح التجار وأن الإدارة الضريبية ليس لديها إمكانيات النجاح في تتبع الضريبة في كافة حلقات تداول السلع والخدمات فالنتيجة المتوقعة مع تطبيق القانون أن يشهد السوق المصري طفرة هائلة من الشطط في ارتفاع الأسعار لكل السلع والخدمات بما في ذلك السلع التي تمس محدودي الدخل ومنها السلع الغذائية التي يدعي الوزير أنها محمية من زيادة الأسعار لأنها ستعفي من الضريبة. بينما الواقع يؤكد علي أن أسعار كافة الخضر والفواكه والخدمات الأكثر مساسا بمحدودي الدخل سيطولها ارتفاع الأسعار نظرا لأن القانون الجديد سيفرض الضريبة علي خدمات النقل والصيانة وسيعامل البنزين والحديد والأسمنت بمعاملة ترفع الضريبة المسددة. كما أن الحصيلة الضريبية الحالية سيكون مصيرها إلي الانخفاض وليس الزيادة بعد التطبيق للقيمة المضافة. والسؤال: هل وزراء المجموعة الاقتصادية يعيشون معنا في هذا البلد. ويعملون ضمن منظومة الرئيس السيسي؟ علي حد علمي فإن الضريبة علي قانون القيمة المضافة - ووفقا لتأكيدات وزير المالية - ليست بالضريبة الجديدة.. فإنها تطبق في مصر بنسبة 80% منذ التسعينيات إلا أن تطبيقها بشكل كامل يدخل ضمن أجندة صندوق النقد في مصر. الذي يصر عليها في كل اجتماع مع وزراء المجموعة الاقتصادية الذين يصرون من جانبهم علي الحصول علي قرض الصندوق بحجة أن القرض سيعطي مصر شهادة ستشجع الأجانب علي الاستثمار فيها. وهذا غير صحيح.. ففي شهر مارس القريب شهدت مصر أكبر فرصة لتجمع المستثمرين الأجانب في شرم الشيخ.. رغم عدم حصولنا علي القرض أو الشهادة المزعومة.. إلا أن الفرصة انتهت ولم نستغلها بشكل جيد لأن الأجانب عملوا ما عليهم بحضورهم إلي مصر. أما وزراء المجموعة الاقتصادية فلم يعملوا واجبهم. ومستمرون في حلم وأمل الحصول علي الشهادة. إن صندوق النقد يصر علي تطبيق قانون القيمة المضافة رغم علمه بأن السوق المصرية لا تستطيع تحمل زيادات جديدة في الأسعار. كما أن الإدارة الضريبية لا تمتلك أدوات الحفاظ علي الحصيلة الحالية في ظل الانهيار الذي تشهده مصلحة الضرائب عمدا علي مدي العشر سنوات الأخيرة وأيضا بفعل صندوق النقد. وعندما سألت أحد أهم مستشاري وزير المالية عن السر في الإصرار علي تطبيق القيمة المضافة رغم ارتفاع الأسعار وعدم استعداد المصلحة حتي علي الحفاظ علي الحصيلة الحالية بعد تطبيق الضريبة.. قال إن هذا الإصرار يأتي استجابة للضغوط التي يتلقاها الوزير من الداخل والخارج.. إلا أن الحقيقة غير ذلك فالسيد الوزير يصر علي تطبيق قانون القيمة المضافة لأنها تجعله يحصل علي لقب أحسن وزير مالية علي مستوي العالم وهو اللقب الذي يحصل عليه وزراء المالية المروجون لسياسات الصندوق في بلادهم.. ولكل من يسمح لبلده بالخضوع للضغوط.. أقول: لماذا تستجيبوا لضغوط أصحاب المصالح الذين يعملون بنقاط ضعف الإدارة الضريبية. وضغوط أصحاب المصالح في تركيع مصر. ولا تستجيبوا للمصريين من محدودي الدخل الذين أصبحوا علي شفا الانفجار بسبب السياسات المالية والنقدية غير المنضبطة. وأخيرا.. فإن رضاء الشعب عن النظام لن يتم إلا في حالة أن يكون بمصر مجموعة اقتصادية حكيمة ومنضبطة يشرفها العمل باسم المصريين وللمصريين وليس باسم صندوق النقد.. تحيا مصر دائما بعيدا عن شر صندوق النقد والمروجين لسياساته.