كيف يمكننا تفسير هذا التصعيد الذي جري في الليلة الماضية في القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية بمثل هذا التزامن المريب؟ لا تفسير حتي الآن. ولكن يوماً بعد يوم يتضح أن الخطر الأكبر الذي يحيق بثورة 25 يناير المباركة لا يأتي من فلول الحزب الوطني أو القوي الخارجية المعادية للثورة فحسب بقدر ما يأتي من حالة الهيجان الثوري التي تنتاب بعض القوي الداخلية والأفراد والتي لم تخمد رغم مرور أكثر من نصف عام علي اندلاع الثورة. دعونا نكون صرحاء وأمناء مع أنفسنا في تفسير ما حدث علي الوجه الصحيح.. إذ هناك من يحتكر العمل الثوري لنفسه. ويدفع بالأمور بحسن نية أو سوئها إلي حافة الهاوية. دعونا أيضاً نعيد قراءة المشهد علي نحو عاقل ومنطقي. فميدان التحرير وباقي الميادين الثورية في طول البلاد وعرضها رسائلها تصل إلي من يعنيهم الأمر علي الوجه الصحيح.. فلماذا التصعيد غير المبرر والأعمي إذن؟ لماذا يتحمل المعتصمون المسالمون في ميدان التحرير مثلاً تبعة أفعال البعض في أماكن أخري الذين حاولوا الاعتصام أمام مبني قناة السويس أو منع الصيد ليلاً في مياه القناة. أو محاولات اقتحام مقر جهاز الأمن الوطني في السويس وإلقاء زجاجات المولوتوف عليه؟ لا تزر وازرة وزر أخري كما هو معلوم من صحيح الدين والعقل والأخلاق أيضاً.. وهذا ما يجب أن يعيه الجميع حتي لا تصل الأمور إلي نقطة اللا عودة. وهي نقطة ليس فيها منتصر ولا مهزوم. إن علي من تتملكهم الروح الثورية الرفق بمصر كثيراً وكثيراً جداً. لأن الحابل يختلط بالنابل في هذه الأيام الفارقة. وبطريقة صرنا لا نستطيع معها معرفة العدو من الصديق.. الثائر والبلطجي.. المطالب المشروعة وغير المشروعة.. الخطأ والصواب. ان تاريخ الثورات ملئ بالدروس والعبر لمن يريد أن يتعلم ويعي حقائق ما يحدث بعد اندلاع الثورات من مآسي وأهوال. ومع كل ما تقدم يجب ألا نفقد الأمل أبداً في أن الأمور ستسير في نصابها الصحيح وهذا سبب يدعو إلي التكاتف والتلاحم فمهما طال الليل ستشرق شمس الثورة ناصعة إن شاء الله في المستقبل القريب والقريب جداً خاصة ونحن علي أعتاب شهر رمضان المبارك.