أسعار الأسماك اليوم السبت في أسواق شمال سيناء    اليوم 68 من استئناف الحرب.. تعرف على أحدث التطورات الميدانية في غزة    كييف تتعرض لهجوم روسي مكثف بطائرات مسيرة وصواريخ    الزمالك يسعى لتصحيح المسار أمام بتروجت في الدوري    حالة الطقس اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    توافد طلاب الإعدادي بسوهاج على اللجان لأداء امتحاني الدراسات الاجتماعية و الرياضيات "فيديو"    نتيجة الصف الثاني الابتدائي بالجيزة 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام ومواعيد الامتحانات    أسعار الدولار مقابل الجنيه اليوم السبت 24 مايو 2025    شادي محمد: التتويج بكأس مصر إنجاز تاريخي لسيدات الكرة النسائية    السكة الحديد: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    صفحات الغش الإلكترونى تنشر أسئلة امتحان التاريخ للصف الأول الثانوى بالقاهرة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 6 متهمين في واقعة انفجار خط غاز طريق الواحات    وزير الزراعة يبحث مع محافظ الوادي الجديد ملفات التعاون المشترك    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    محاكمة أكبر متهم بتزوير الشهادات الجامعية والمهنية بوادي النطرون    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    أغرب حكايات اضطراب النوم من داخل معمل «السلطان»    122 ألفا و572 طالبا بالصف الثاني الإعدادي بالدقهلية يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية والهندسة    نبيلة مكرم عن شيخ الأزهر:" ما بقلوش غير أبويا وما استحملش عليه كلمة"    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    ميلاد جديد ل«تاريخ لا يغيب».. العالم يترقب «سيمفونية الخلود» على أرض الأهرامات    د. حسين خالد يكتب: تنمية مهارات الخريجين.. توجه دولة    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    «ترانس جاس» تنفي شائعة تسرب الغاز بكفر الشيخ    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    «مش شبه الأهلي».. رئيس وادي دجلة يكشف رأيه في إمام عاشور    هزة أرضية بقوة 3 ريختر تضرب جزيرة كريت في اليونان    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    حملات أمنية لردع الخارجين عن القانون في العبور| صور    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    واشنطن ترفع العقوبات عن موانئ اللاذقية وطرطوس والبنوك السورية    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    وول ستريت تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبى    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 24 مايو 2025    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    ترامب والشرق الأوسط.. خطط مخفية أم وعود حقيقية؟!    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. جوتيريش يرفض أى خطة لا تحترم القانون الدولى بشأن قطاع غزة.. ترامب يتوعد "أبل" ب25% رسوم جمركية.. وإصابة 12 فى هجوم بسكين بمحطة قطارات هامبورج بألمانيا    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكريم عمر الشريف بعرض أول أفلامه في مهرجان مونتريال
نشر في المساء يوم 20 - 09 - 2015

المهرجانات الكبيرة الدولية تتسع بالضرورة لأفضل ما تنتجه استوديوهات الدول التي تمتلك صناعة سينمائية قادرة علي المنافسة مع انتاج الدول الأخري. والمنظمون لهذه المناسبات الثقافية ذات الميزانيات المليونية. لا يكتفون بالأفلام الطازجة التي خرجت لتوها من المعامل وانما يحرصون علي تنشيط الذاكرة السينمائية وتحريك مشاعر الحنين باستدعاء أفلام من الماضي تحمل الكثير من المباهج الرومانسية القديمة لعشاق السينما. ونجوم سكنوا وجدان أجيال من المتفرجين.
ومهرجان مونتريال التاسع والثلاثون أشبع هذه الرغبة عند جمهور مونتريال ببرنامج مسائي يومي يحمل عنوان "تحت النجوم الجميلة" تبدأ عروضه في الثامنة والنصف بعد أن يِعدّي النهار بقليل. حيث تمتليء بالمتفرجين ساحة ميدان الفنون المفتوح علي متحف الفن الحديث. والأوبرا. والمعارض التشكيلية والموسيقية. ويعم المناخ الثقافي الثري محدثاً حالة من البهجة أمام الشاشة العملاقة المعلقة في الهواء الطلق الجاف والدافيء..
في كل المهرجانات الدولية تشعر بمدي الأهمية الثقافية للفيلم وحجم الجاذبية والبهجة التي يوفرها.. ومن خلال هذا البرنامج الذي يشبه عروض "الشاطيء" في مهرجان كان. شاهد الجمهور مجموعة من الأفلام للمنتج البريطاني دافيد بوتنام الذي كرمه المهرجان بجائزة كبري لإسهاماته الفريدة في حقل السينما العالمية.. من هذه الأعمال فيلمه الحائز علي عدد من جوائز الأوسكار "عربات النار" "1981" للمخرج هيو هدسون. وفيلم "قطار منتصف الليل السريع" "1978" للمخرج آلان باركر وفيلم "بطل الحي" "1983" للمخرج بيل فورسيث وفيلم "الاعتراف" "1995" للمخرج روبرت لباج. وفيلم "المهمة" "1986" للمخرج رونالد جوفيه وجميعها أفلام تعتبر الآن من كلاسيكيات السينما الغربية.
ومن الذين كرمهم المهرجان في هذه الدورة الممثل المصري الراحل عمر الشريف الذي عرض له ضمن برنامج تحت "النجوم الجميلة" فيلم "دكتور زيفاجو" "1965" للمخرج دافيد لين الذي أخرج أول أفلام عمر الشريف الذي وضعته علي طريق "العالمية" وأعني "لورانس العرب".
وتحت نفس النجوم الجميلة "Belle etoiks) شاهد جمهور المهرجان أفلام "الطيور" للمخرج الفريد هيتشكوك وذلك في اطار تكريم الممثل رود تيلور ومن أفلام هتشكوك أيضا فيلم "شمال.. شمال غرب" بطولة كاري جرانت "1968".
من بين أهداف المهرجان المدونة في لائحته التأكيد علي التنوع الثقافي والتفاهم بين الأمم وتشجيه السينما في كل القارات والقاء الضوء علي الأعمال المبتكرة والمواهب الجديدة.. والمهرجان للموضوعية وفر هذا التنوع باختيار أفلام من جميع قارات العالم..
فمن الشرق الأقصي عُرض في إطارهذا البرنامج نفسه أحد أجمل أفلام المخرج الياباني اكير كيروساوا ي "درسوا اوزالا" "1975" الذي فاز بجائزة الأوسكار والمأخوذ عن رواية لمؤلف روس فلاديمير ارسنيف.
وكرم المهرجان المخرج الإيطالي فرانشيسكو روزي واختار من أفلامه "كارمن" "1984" وأيضا المخرج ريتشارد اتمبرو بعرض فيلم "غاندي".
ومن أكثر الأفلام التي لاقت اقبالاً واسعاً من جمهور مونتريال فيلم "الحياة حلوة" للمخرج فيدريكو فلليني وقد عرض في إطار تكريم الممثلة الإيطالية انيتا اكبرح بطلة الفيلم مع مارشيللو ماستروياني.
صحيح مسألة التنوع الثقافي هذه والرغبة في تأكيد التواصل بين الأمم من خلال إنتاجها الفني وبصفة خاصة السينما لانها أكثر الفنون شعبية. لكن الصحيح أيضاً ان ثمة ثقافة غالبة ومسيطرة جدا والأسباب معروفة ومعظمها موضوعية وأنا أعني الثقافة الغربية. فالسينما نفسها اختراع غربي. ورموزها من النجوم الأكثر جاذبية غربيون بالأحري أمريكيون من أصول أوروبية في معظمهم. والروائع الخالدة والفاتنة من الفن السابع تجدها في الانتاج الغربي وإن كان هذا لا يعني إغفال الاسهامات الغنية الفنية للسينما الروسية واليابانية والصينية والمصرية في عصرها الذهبي.
أما بالنسبة للجوائز فقد ذهبت جائزة أفضل فيلم في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة إلي الفيلم الفرنسي "مجنون الحب" Fontaamonr وهو عن قصة غريبة الأطوار تدور أحداثها عام 1959 وبطلها "قسيس" داخل دير يعيش في بلده في وقت يشوبه الجفاف عاطفياً. حيث النساء في حالة تعطش للحب والعاطفة. ورجل الدين "مجنون الحب" حباه الله بالوسامة وبكاريزما تجعله محط أنظار الجنس الآخر. فقد عشقته كثيرات وعشق هو بعضا منهن حتي وقع في هوي عذراء صغيرة حتي الجنون فارتكب جريمة قتل مزدوجة وأدين وتم إعدامه تحت المقصلة.. وبعد أن استقرت رأسه بعد قطعها بدأت تخرج منها حكاية هذا "القسيس" الذي افتتن بالحياة الدنيا وشرب من كأسها حتي الثُمالة. ولم يقصر في واجباته كرجل دين داخل الكنيسة يقيم صلوات الآحاد وينصت إلي "الإعترافات" انها الحياة "الكاملة" التي يريدها. فردوس الدنيا ونعيم الآخرة "!!"..
مخرج الفيلم من مواليد 1966 وقد درس السينما في مدرسة الفيلم بباريس وهو عضو في جماعة من المخرجين الشباب يشار إليهم باعتبارهم الموجة الجديدة الفرنسية الموجة التالية لموجة فترة الستينيات بطبيعة الحال..
وفازت تركيا بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلم "الزائرة" أو "مسافر" للمخرج مهمت ايرلماز عن سيناريو من تأليفه أيضا سبق أن أشرت في رسالة سابقة إلي انه فيلم عادي جدا ولكن هناك جاذبية خاصة للأفلام التي تلقي الضوء علي وضعية المرأة في العالم الإسلامي والصورة المتدنية لها في نظام الأسرة وكما لاحظت من خلال فيلم تسجيلي عرض في نفس المهرجان بعنوان "محاكمة الربيع" للمخرجة جيني ريتكر التي تقدم بورتريه لإمرأة صغيرة مصرية تسافر من قريتها إلي القاهرة حتي تنضم إلي المظاهرات مع الآلاف مثلها حتي تبدي اعتراضها علي "الحكم" الذي يقول الفيلم انه مستمر منذ ستين عاماً فهذه الفتاة التي ترفع شعار "يا نجيب حقهم يانموت زيهم" تواجه بالاعتقال والضرب من قبل قوات الأمن ثم تحاكم وتسجن لاحقاً من خلال أسرتها لأنها تجرأت وجاهرت برغبتها في الحرية والعدالة الاجتماعية في بلد لا يحتمل كثيراً هذا النوع من الإناث. الفيلم مدته 80 دقيقة وهو من انتاج مصري أمريكي ولا أعرف تحديداً من الجهة الممولة له ولكن مثل هذه الشرائط الموجهة كثيرة وهذه العينة من الأفلام التي تعالج قضايا النساء في السينما الروائية أو التسجيلية غالياً ما تجد قبولاً كبيراً في المهرجانات الدولية الغربية. فهذه الموضوعات جذابة وجزء من الدعاية المضادة وبمناسبة "الربيع" المزعوم عرض المهرجان ضمن برنامج "وورلد جريتس" فيلم "الربيع" للناقد والمخرج المصري أحمد عاطف وبطولة حنان مطاوع وأحمد وفيق وهنا شيحة ويتناول جانباً من الأحداث التي سبقت ثورات "الربيع العربي" وأدت إلي تفجيرها. وكذلك يستلهم بعض الشخصيات الواقعية ويلقي الضوء عليهم باعتبارهم رموز ثورة 25 يناير وأبطالها. ومنهم بطل الفيلم الذي أصيب بالعمي في عينيه الاثنتين أثناء الاشتباكات مع قوات الأمن إلي جانب مجموعة "المدونين" "البلوجرز" الذين استخدموا أدوات التواصل التكنولوجية الحديثة "الفيس بوك" لشن حملات مناهضة للنظام. حتي اشتعال المظاهرات التي شاركوا فيها واسقاط النظام.. سبق عرض الفيلم في مسابقة مهرجان الإسكندرية 2014. وفي عدد من المهرجانات الأخري. ومنذ أيام عرض الفيلم نفسه في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي الأربعين الذي بدأ بعد انتهاء مهرجان مونتريال بثلاثة أيام "10 سبتمبر 20 سبتمبر".
وفي إطار المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة فاز فيلم "ليلتان حتي الصباح" بجائزة أفضل مخرجة وهو نوعية من الأفلام تدور أحداثها في ليلة واحدة وأثناء "وقفة" وحيدة للبطل أو البطلة في طريق رحلته حين يتوقف "ترانزيت" أو لأداء مهمة سريعة..
في هذا الفيلم المشترك بين فنلندا ولتوانيا تتوقف البطلة بسبب شبورة ترابية بركانية ألغت رحلات الطيران. وأثناء ذلك تتعرف مصادفة علي شاب وتحدث بينهما علاقة عاطفية سريعة ويتعرف كل منهما علي الآخر. فهو متزوج وله ابنة. وهي علي علاقة مِثلية مع أخري تنتظر عودتها ولكن مع نهاية الرحلة وبعد أن يذهب كل واحد في طريقه تتبدل أشياء كثيرة في حياة الاثنين. حبكة الفيلم مألوفة وقد رأينا أعمالا تنتمي إلي هذه النوعية التي أسميها "في الطريق" ويطلقون عليها onenight stard وهي ليست مثل أفلام الطريق "Road Movies) التي يمكن أن تطول أحداثها علي امتداد طريق طويل وليس مدة 24 ساعة حيث تتوقف الشخصيات الرئيسية لمدة ساعات محدودة قبل استئناف الرحلة فتلعب المصادفة دورها وتغير أشياء كانت مستقرة في حياة الفرد.
فاز المخرج ميكو كوبارنين بجائزة الاخراج مناصفة مع فيلم آخر مشترك أيضاً بين بلغاريا وألمانيا يحما عنوان "ملف بتروف" للمخرج جورجي يلابانوف.
لاحظ ان معظم الأفلام المشاركة وتحديداً الأفلام الأوروبية أعمال مشتركة بين عدد من دول الاتحاد الأوروبي ولذلك لا نندهش حين نقرأ في مطبوعات المهرجان ان هناك 86 دولة مشاركة في فعاليات دورة مونتريال ال 39 ومن هذه الدول نفسها يشارك أكثر من مائتي فيلم قصير وطويل.. الأمر الذي يُثقل كثيرا علي المتابع ويجعل مهمة الاختيار شاقة.. علي أي حال انصب الاهتمام الأكبر من ناحيتي علي الأفلام المشاركة في المسابقة الدولية التي قد تصل إلي خمسة أعمال في اليوم وهو عدد مُشبع لي شخصياً ولا أدعي انني حرصت علي مشاهدة المزيد اللهم إلا مشاركة الجمهور الكندي في الفرجة علي بعض الأفلام القديمة المعروضة في برنامج "تحت النجوم الجميلة" في وسط المدينة فقد كان الجو رائعا والناس في حالة بهجة يقضمون الساندوتشات من المطاعم الملاصقة ويحتسون أكواب القهوة ويتسامرون حتي يبدأ العرض.. فمن حسن الحظ ان تقليد الفرجة الجماعية والطقس الاحتفالي للفيلم مازال قائماً ودافئاً وما المهرجانات الدولية الا تكريساً لهذا التقليد وحرصاً علي استمراره علي مستوي الدول والشعوب.
وفيلم "ملف بتروف" من الأعمال الجيدة التي تكشف وتفضح بعض خبايا النظام الشيوعي في بلغاريا من خلال قصة ممثل مسرحي موهوب ومحبوب يفاجأ دون أسباب واضحة بأنه ممنوع من الظهور علي المسرح. وبعد أن ينهار النظام يسمح له بالمشاركة في الأعمال المسرحية ويعاود الظهور مرة ثانية ومن دون أن يعرف أيضا أسباب ذلك. ولكن وبينما يعد خطبة تشيد بعظمة واخلاص أحد أصدقائه أثناء جنازته وكان يعتبره أستاذه وواحداً ممن يكون لهم اعجاباً وتقديراً. يكتشف ان هذا الشخص المتوفي نفسه هو من كان السبب وراء منعه. وبدافع الاحباط والحزن يعلن اعتزاله الحياة العامة.
الفيلم بأحداثه الذي يصور فساد أحد أبناء النظام الشيوعي السابق وواحد من الضالعين في جهاز المخابرات السري والذي يصبح رجل أعمال ناجحا عندما تندفع بلغاريا في منتصف تسعينيات القرن الماضي إلي النظام الرأسمالي المتوحش بعد نظام شيوعي قمعي ومستبد. بهذه الأحداث التي تتخللها هَبّات من العنف والحروب الأهلية يرسم صوراً مألوفة للواقع في بلدان كثيرة مرت بهذه التجارب وكان من ضحاياها فنانون انتهازيون وشرفاء مثل "بتروف" بطل الفيلم.
هذه الأفلام السياسية والاجتماعية وحتي الأفلام الرومانسية تعتبر أدوات ليست فقط للفرجة والترفيه وإشاعة البهجة. وانما للمعرفة واثراء الوعي والتواصل الذهني إن صح التعبير والتوحد مع شخصيات مروراً بتجارب مشابهة وليست بعيدة عن تجارب آخرين عاشوا نفس الظروف السياسية في بلادهم.
وعلي مستوي العلاقات الإنسانية الحميمة والمفقودة في الزمن الشرس جسد فيلم "رايدر جاك" علاقة "أب ابن" بعد طول انقطاع واغتراب كل منهما عن الآخر. ولكن.. حين يصاب الأب بداء "زهايمر" يبحث عن ابنه الذي لم يره منذ طفولته والذي بدوره يعيش ظروفا صعبة ولكن اللقاء بين الاثنين يولد تجربة عودة إلي الجذور وإلي الوطن المهجور. وإلي اشياء أخري كانت نائمة.. والفيلم للمخرج السويسري شيس لوشر وقد حصل بطله الممثل الألماني وولفرام برجر علي جائزة احسن ممثل عن أدائه لشخصية رايدر جاك.
وفازت الممثلة مالين بوسكا بجائزة أحسن ممثلة عن ادائها لدور الملكة كريستين في فيلم "الملكة الفتاة" the Girl King وهو عمل مشترك بين كندا وفنلندا وألمانيا وسويسرا ومن الاعمال القوية ذات الميزانيات الكبيرة حيث يستحضر مرحلة زمنية بعينها في النصف الأول من القرن السابع عشر حين بدأت الملكة الصغيرة ممارسة سلطتها كملكة علي السويد عام 1632 وحتي عام .1654
و"كريستينا" التي سبق أن لعبت دورها الممثلة جريتا جاربو عام 1933 في فيلم بنفس الاسم ويعتبر أهم اعمال هذه النجمة السويدية الاسطورة توجت ملكة وهي في سن السادسة. وحينما بدأت تمارس سلطتها الفعلية في سن الثامنة عشرة صارت ضمن أقوي النساء في التاريخ.
ومن خلال سيناريو محكم وبلغة بصرية آسرة تقدم الممثلة الفاتنة مالين بوسكا صورة لفتاة أتت بها الأقدار لحكم السويد عندما لم ينجب والداها "الذكر" الجدير بوراثة الملك ولكنها ولمدة 22 عاما اصبحت ايقونة تجسد لبنات جنسها قدرة "الانثي" علي التمرد وعلي فرض تقاليد مغايرة حديثة رغم أنف القوي الرجعية التي حاربت افكارها وحاولت أن تسد الطريق امام طموحاتها أو تفرض عليها رجلا حتي تلد وريثا ذكرا يثبت حكمها وبسبب هذه النزعة التقدمية اشتهرت "كريستينا" بكونها اكثر نساء عصرها تعليما وثقافة وأكثرهن معرفة بعلوم الدين والفلسفة والرياضة واستطاعت ان تجذب العديد من العلماء إلي مدينة استكهولم وايضا حركت عداوات ضارية في صراعها بين العقل والعاطفة وبين كونها إمرأة وملكة في عصر لم يكن يعترف بالحداثة ولا بتعليم المرأة ولا بجموحها العاطفي الذي يكسر التقاليد ويشرع ما ليس مشروعا في العلاقات العاطفية.
من أجمل أفلام المهرجان في المسابقة الدولية. وأجملها علي الاطلاق بالنسبة لي شخصيا فيلم من الصين لمخرج شاب من مواليد 1984 اسمه اكسنج جيان والفيلم بعنوان "سبعة أيام" وبطلة عجوز طاعن في السن وطفل في العاشرة وعصفور جريح وأسماك يصطادها العجوز ثم يعيدها الي مسارها في اليوم التالي..
الفيلم عمل ابداعي تعبيري فريد ويستحق عن جدارة جائزة أفضل اسهام فني وبالذات علي مستوي التصوير الذي يتم وسط الثلوج حيث اللون الأبيض الثلجي يطغي علي كل ما عداه. يقدم المخرج الفنان وهو بالمناسبة خريج فنون جميلة ومعهد السينما ورسام ونحات وبارع في مجال التصوير السينمائي فعلا.
بطل الفيلم الذي يرسم المخرج من خلاله بورتريهات جميلة لوجه عجوز امتزج بياض شعره ولحيته ببياض البيئة الثلجية اثناء شتاء قارص في شمال الصين.. والحكاية إن كانت هناك حكاية لا ترويها احداث ملموسة وانما مشاعر انسانية تسري مع كل خطوة يخطوها العجوز في هذه البيئة قارصة البرودة بينما يصطاد غذاءه اليومي ثم وهو يضم في كفه طائرا جريحا سقط وسط الثلوج وكاد يموت بردا. فيدفئه ويداويه ويصبح رفيقا له وعندما تتهدد هذه العلاقة الانسانية وجود صبي مشاكس يعجب بالطائر ويتحين الفرصة للسطو عليه ثم يسطو عليه فعلا. يحدث ما لم نتوقعه حين يحاصر الصبي نفسه ويصبح في حاجة الي من ينقذه. وهنا تبدأ علاقة رائعة وغير متوقعة بين هذا العجوز وذاك الطفل العدواني وتتغير حياة الاثنين.
عندما تري المخرج المبدع أثناء تسلم الجائزة بحجمه الدقيق وهيئته التي لا تشي بأي عبقرية تراجع أفكاراً كثيرة عتيقة تسكن ذاكرتك وتستحضر معها أسماء أعماها الغرور وقصور البصيرة عن حقيقة حجمها الفني مع التطور الهائل في ادوات التعبير.
الفيلم من الاعمال التي تتر علامة لأنه استطاع ان يأسرك بشحنات انسانية لا يستطيع اشاعتها بهذه النعومة غير فنان حقيقي يتحول كل مشهد إلي تابلوه مدهش غني بالايحاءات يضم عجوزاً وصبياً وطائراً تعافي.. وبورتريه خاص جدا لشيخوخة "بكر" ان صحت الصيغة لم تلوث ولم تعبأ بشرور العالم المشتعل بالشرور والاشرار.
فمن مزايا الاعمال الفنية الابداعية تنويع مستويات البهجة "وتشحيم" التقلصات الشعورية الناجمة عن الاحباط واليأس من البشر والأذي البشري فتخرج وأنت قادر علي التواصل متجدد الطاقة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.