وكأن التاريخ يعيد نفسه.. خلال السنوات من عام 1924 إلي عام ..1936 انتشر في مصر نظام التعليم بالمصروفات وادي ذلك إلي أن تسود الطبقية نظام التعليم في مصر.. وصدرت بعض التشريعات التي قررت ان تكون مجانية التعليم شاملة لنحو 44% من عدد التلاميذ. وحدثت ضجة في بعض الأوساط من ظهور طبقية التعليم ووقف حسن باشا صبري "ضد الزعماء السياسيين" في البرلمان ويقول: "من حق كل مصري مهما كانت بيئته وطبقته ان يتعلم في مدارس الحكومة ولوكان في المستطاع جعل كل المدارس مجانا للجميع.. لتحقق كل الخير للشعب". ويقول الدكتور عبدالواحد النبوي في كتابه المعارضة في البرلمان المصري انه اثناء الازمة الاقتصادية التي حدثت في البلاد لم تستطع وزارة المعارف ان تعطي الاعفاءات إلا لعدد محدود لم يتجاوز 31% من عدد الطلاب في المدارس والبالغ عددهم 38500 تلميذ وثار الاعضاء في البرلمان حيث اكتشفوا ان الاعفاءات التي ذكرها وزير المعارف كانت ربع المصروفات فقط. وذكر حسن صبري باشا بان ميزانية التعليم في العام الدراسي 33/1934 هزيلة اذا انها بلغت ثلاثة ملايين و323 ألف جنيه يخصص للمجانية منها أقل من 50% مما اعتبره حسن صبري قليلا وطالب بانه يكون التعليم كله بالمجان.. وذكر مقرر لجنة المالية ان التلميذ يدفع في التعليم الابتدائي ستة جنيهات بينما يتكلف علي الوزارة 15 جنيهاً وبالتالي فان من لا يستطيع السداد يحرم من التعليم.. ورد حسن صبري.. وهل هذا عدل. ورفض كبار الملاك الدعوة للمجانيين أو خفض المصروفات. ودارت عجلة الزمان.. واعلن الدكتور طه حسين وزير المعارف سنة 1951 ان التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن.. وجاءت ثورة 23 يوليو جعلت التعليم كله بالمجان. وعندما حل النظام السابق في عام 1982 تغيرت انظمة التعليم ولم يعد هناك شياء مجاناً.. كله بالمصروفات.. وظهر ما يعرف باسم التعليم الجامعي بمصروفات فلكية.. وانشأت وزارة التربية والتعليم المدارس التجريبية بمصروفات كبيرة. أما التعليم الجامعي.. فقد تم تطبيق عدة انظمة كلها بمصروفات عالية.. بالاضافة إلي الجامعات الخاصة بمصاريف تصل إلي عدة آلاف من الجنيهات في العام الواحد.