لم يدر أن نهايته ستكون خلف القضبان يقضي زهرة شبابه في غياهب السجون وظلماتها.. كان يظن أن ذكاءه وحذره الشديدين سيكونان الملاذ له والسد المنيع ضد وقوعه في قبضة رجال المباحث بعد أن تعلم فنون الاجرام واحترف جرائم المزاج بعد فشله في ترويج العملات المزيفة. بدأ "حمادة" حياة الضياع بترويج العملات المضروبة باحياء الجيزة بعد حصوله علي دبلوم صنايع.. وعمل في احدي ورش الحدادة.. لكن المعاملة السيئة من صاحب الورشة والاهانات المتكررة من الصنايعية بالاضافة الي قلة العائد المادي واليومية الصغيرة لم يرضينا طموحه.. وعندما طالب الاسطي بزيادة يوميته انهال عليه ضربا حتي اصابه بجرح قطعي في جبهته عقابا علي تطاوله في طلب زيادة مادية. هرب من الورشة وهام علي وجهه في الشوارع واسودت الدنيا في وجهه.. حاول الالتحاق بورشة أخري أو عمل آخر لكنه فشل.. وعندما أخبر والده بترك العمل انهال عليه ضربا بالسوط "كرباج" فمزق جسده بالجراح ودمر نفسيته بالآلام.. وسقط مغشيا عليه.. وبعد اسبوعين من العلاج قرر الهروب من جحيم والده وقسوته والبحث عن حياة جديدة بعيدا عن أسرته. كانت الحدائق العامة ملاذه عند النوم ليلا.. والشوارع مرتعا لحياته نهارا يبحث فيها عن لقمة العيش.. وفي أحد الأيام وجد أحد الشباب يعرض عليه العمل معه في ترويج العملات المزيفة مقابل يومية قيمتها 20 جنيه.. فرح "حمادة" بعرض العمل ووجدها فرصة سهلة لجني المال في عمل بلا مشقة وسار علي طريق الاجرام في بداية حياة الحرام التي قرر أن يعيشها.. وقبل أن يفرح بعمله وما يحققه من مكاسب فوجيء برجال المباحث يلقون القبض عليه.. واحالته النيابة للمحاكمة ليصدر ضده حكم بالحبس 6 أشهر.. لتكون نقطة سوداء في حياته دفعته للاستمرار في عالم الاجرام ولم تردعه عن السير علي طريق الشيطان. بعدها خرج من السجن.. وسرعان ما تلقفته أيادي الشر.. التي كان مستعدا للتعلق بها.. واقنعته بالعمل في تجارة المزاج.. ليبدأ حلقة جديدة في سلسلة الانحراف التي ارتبط بطرقها.. ليسلم زمام أمره الي تاجر السموم وعمل لديه صبيا لترويج بضاعته المحرمة بمنطقة أوسيم بالجيزة.. واستمر فترة يمارس عمله بحذر مستغلا ذكاءه في التخفي والهروب من عيون رجال المباحث خشية السقوط مرة أخري خلف القضبان.. جعله هذا مقربا من تاجر المخدرات الذي اعتمد عليه بصورة كبيرة في تجارته وترويج بضاعته بين عملائه من أصحاب المزاج ومدمني الصنف. لاحظ "المعلم" ان الطمع يملأ قلب صبيه وانه ينتهز الفرصة المناسبة للتمرد عليه خاصة بعد ان عرف مصادر بضاعته ونال ثقة عملائه.. فقرر أن يشاركه تجارته ويجعل منه ذراعه الأيمن وشريكا في الأرباح حتي يستمر معه ويضمن ولاءه.. وبالفعل رضي "حمادة" بوضعه الجديد واستمر في عمله وزاد نشاطه طمعا في زيادة مكاسبه. استمر "حمادة" لمدة 3 سنوات في ممارسة نشاطه وجني مكاسب تجارته وذاع صيته بين تجار التجزئة وعملائه من أصحاب المزاج.. فزاد نشاطه واتسعت شهرته حتي وصلت الي مسامع رجال مباحث مكافحة المخدرات التي أعدت له كمينا وتمكنت من القبض عليه بعد عدة محاولات ليسقط وبحوزته كمية كبيرة من نبات "البانجو" المخدر. تم احالة "حمادة" الي النيابة التي وجهت اليه تهمة الاتجار في المخدرات.. وباحالته الي محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد عبداللطيف حمزة التي قضت بمعاقبته بالسجن المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. ويجد "حمادة" نفسه خلف القضبان للمرة الثانية ويكتشف ان أوهام الثراء التي عاش يحلم بها ما هي الا سراب قادته الي الزنزانة ليضيع مستقبله بين جدرانها المظلمة وتنهار حياته تحت أقدامه.. وان قسوة والده حولته الي مجرم لا يعرف طريق الرشاد.