أخطأ العهد البائد في التعامل مع أهالي سيناء إما عن جهل أو عن عمد فلم يضع اعتباراً للتقاليد والأعراف التي تسود مجتمعاتهم. فإذا كان أي مواطن يرفض المساس بأي سيدة أو فتاة من أسرته للحصول علي اعترافات معينة أو لإجبار متهم هارب علي تسليم نفسه فإنه في مجتمعات الصعيد وسيناء ومطروح يكون هذا الفعل شنيع فالمساس ولو بشعرة واحدة من أي سيدة أو فتاة تنتمي لقبيلة ما يعني قيام حرب شعواء لا هوادة فيها وهذا هو ما حدث فقد أراد النظام السابق تطبيق هذا الأسلوب مع المجتمع السيناوي وكان الطبيعي أن تهب كل القبائل السيناوية لنصرة بعضها البعض في مواجهة النظام الفاسد وكان عداؤها صارخاً لأجهزة الأمن واستمر هذا حتي الآن والمطلوب ان تكون هناك مصالحة حقيقية بين الطرفين. من هنا رأينا ان نلقي الضوء علي منظومة القبيلة في بعض المحافظات وكيف ان الانتماء لها يسبق غالباً الانتماء الحزبي والسياسي ويظهر هذا جلياً في الانتخابات البرلمانية أو انتخابات المحليات حيث يتعصب أبناء كل قبيلة للمرشح الذي اتفقوا عليه بغض النظر عن انتمائه الحزبي وهذا هو الحادث في محافظات مثل أسوان والأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط وسيناء ومطروح والبحر الأحمر وفي بعض محافظات الوجه البحري خاصة الشرقية. والتعصب لمرشح القبيلة قد يصل إلي التقاتل بالسلاح الناري فمعظم حالات الثأر التي توارثتها الأجيال في الصعيد كان سببها غالباً الصراع السياسي بين القبائل. والآن وبعد ثورة 25 يناير مطلوب عدم تجاهل المنظومة القبلية فقد خرج أبناؤها مع جموع الجماهير يطالبون بإسقاط النظام الفاسد الذي أهانهم وتجاهل عاداتهم وتقاليدهم وتعمد إهانتهم. وأتمني ان تزول العصبية القبلية سياسياً مع الحفاظ علي التقاليد العظيمة لهذه المنظومة والمتمثلة في الاحترام الشديد المتبادل بينهم ونصرة الضعيف والتكافل الاجتماعي الواضح جداً بينهم فمهما كان الشخص فقيراً فإنه يكون مستور الحال لأن أبناء عمومته يتسابقون لستر حاله. وبالنسبة لأهالي سيناء أتمني ان يتعامل معهم أي نظام قادم علي أساس احترام تقاليدهم وأعرافهم العظيمة فهم أهلنا وحراس البوابة الشرقية ومنهم المجاهدون الذين ضحوا بدمائهم.