النغمة السائدة الآن والتي تطالب بضرورة إقالة أو استبعاد كل مسئول كان يعمل في منصبه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك أصبحت نشازاً. ولم تعد ترقي لفكر الثورة. ومروجوها أقل ما يقال عنهم إنهم قصيرو النظر. فهناك من يطالب بإقالة المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام لأنه من عهد مبارك. وآخرون يطالبون بتغيير د.حسن يونس وزير الكهرباء لأنه من عهد مبارك. بل طالب بعض المتظاهرين في ميدان التحرير بإقالة المجلس العسكري لأنه من عهد مبارك. وبدأت هذه النغمة مع الفريق أحمد شفيق الذي اضطر لتقديم استقالته بعد مشادة كلامية علي الهواء مع الكاتب علاء الأسواني الذي تهجم علي الرجل بطريقة أثارت استفزاز كثيرين من مشاهدي البرنامج الذي كان يذاع علي قناة نجيب ساويرس وبوجود ساويرس شخصياً دون أن يحاول تهدئة الأجواء بين شفيق والأسواني وكأن ما حدث كان متفقاً عليه. شفيق لم يتحمل تطاول الأسواني عليه فخرج من الاستديو عاقداً العزم علي تقديم استقالته وبالفعل قدمها في اليوم التالي ومن يومها لم نشاهد الرجل ولم نسمع عنه أي تصريح حتي الآن رغم الكلام الكثير عن نيته الترشح للرئاسة. ولو طبقنا نفس المنطق الذي يقول إن كل من عمل مع مبارك يرحل فسوف يطول هذا الكلام د.عصام شرف رئيس الوزراء الذي كان وزيراً للنقل في عهد مبارك وظل في منصبه ولم يقدم استقالته اعتراضاً علي الفساد الذي كان مستشرياً ويراه الصغير والكبير بمنتهي الوضوح. ولكن لأن د.شرف "راح ميدان التحرير" فكان ذلك جواز مروره لتولي المنصب. هناك بعض من المسئولين في عهد مبارك شرفاء. قدموا الكثير لخدمة الوطن رغم الضغوط التي كانت تمارس عليهم من الفاسدين لتغييب ضمائرهم. لكنهم رفضوا وجاهدوا بالعمل وسط المخاطر. النائب العام لم يقصر في عمله منذ اندلاع الثورة حتي الآن. والمجلس العسكري يحمل هموم الوطن الداخلية والخارجية. ووزير الكهرباء هو الوحيد تقريباً من بين أعضاء حكومة نظيف الذي احتفظ بمنصبه لأنه لم تكتشف ضده أي علامات فساد وإلا لتم تغييره فوراً. إن معظم المسئولين في المناصب الحكومية كانوا يعملون في عهد مبارك. ولكن إذا أردنا تغيير أحدهم فليكن المعيار "هل هو فاسد أم لا". وليس "هل كان يعمل في عهد مبارك أم لا".. فليس كل من عمل مع مبارك فاسداً رغم أن الغالبية منهم كذلك.