لم تتح لي ظروفي الصحية أن أمارس عادتي القديمة: أستغني عن السيارة الخاصة. أو التاكسي. استقل أوتوبيس النقل العام. أجلس بجوار النافذة. استغرق في قراءة كتاب حتي أصل إلي المكان الذي أريده. تابعت عمليات تشغيل عربات جديدة من أوتوبيسات النقل العام في شوارع القاهرة. أهدتها لنا- كما صرح محافظ العاصمة- دولة الامارات العربية المتحدة. زاد عدد الاتوبيسات في الخط الواحد. واضيفت خطوط جديدة. وتغاضي المواطنون عن زيادة سعر التذكرة لقاء استخدام وسيلة مواصلات مريحة. كانت سعادتي بالعودة- ولو بمعاناة- إلي جلستي المفضلة بجوار نافذة الاتوبيس. في يدي كتاب وقلم. وإن انشغلت بالتعرف إلي الجديد الذي أضافته دولة الامارات من إمكانات خدمية داخل الاتوبيس. ومنها اتساع مساحة السيارة والمقاعد المريحة وبرامج الاذاعة والكاسيت والمراوح الكهربائية. اسعدتني الملاحظات الايجابية. ومنها انفراجة أزمة الزحام نسبياً. يجد الراكب مكاناً له واقفاً. إن لم يجد كرسيا للجلوس..لكن الظاهرة الجديدة. الجميلة رافقتها تصرفات سلبية من بعض سائقي الاتوبيسات. كل سائق يحاول ان يستوعب العدد الاكبر من الركاب فهو "يحرق المحطات" بلغة النقل العام. يسابق الاتوبيسات المماثلة وسيارات الميكروباص ليصل إلي الواقفين علي المحطات وربما حول أحدهم مسار السيارة أو اختصر المسافة. يستأثر بالركاب فتزداد نسبة حوافزه لا يشغله الانزعاج من اهتزازات السيارة. ومحاولة اختراق الزحام. والتوقف المفاجئ. ومن الالفاظ النابية التي يتبادلها مع سائقي السيارات الاخري في سباق الجنون بين المحطات. من مهام السائق والمحصل ان يقنعا الركاب بأن الحفاظ علي وسائل المواصلات العامة واجب وطني. لكن السائق. وربما المحصل- في ثقة من يعرف غياب المساءلة عن تصرفاته- قد يشعل سيجارته في هدوء. لا شأن له بتحول باعة رمسيس والعتبة ووسط البلد إلي سيارات النقل العام. جعلوا منها أسواقاً بديلة. المراوح متوقفة في عز الحر. إذا تجرأ راكب بالسؤال عن السبب. تعالت الاجابة: هو ده نظامنا!! يناوشني السؤال: لماذا نحرص أحياناً وبلا سبب علي مضايقة الاخرين حتي في المتاح من الخدمات؟