تلقيت من "المجموعة المتحدة" المعنية بمتابعة حقوق الإنسان كتيباً أنيقاً بعنوان "مشروع قانون جديد للوقاية من التعذيب" تضمن اقتراحاً جاهزاً لإصدار أول قانون في مصر يتصدي لظاهرة التعذيب.. ويسد ثغرة تشريعية خطيرة.. خاصة أن مصر ليس بها قانون مستقل ومتكامل لمكافحة التعذيب.. وإنما هناك فقط مواد متفرقة في قانون العقوبات تعالج هذه الجريمة البشعة. ومشروع القانون الجديد "المقترح" أعدته لجنة حقوقية قانونية مكونة من القاضي المستشار عاصم عبدالجبار نائب رئيس محكمة النقض.. والقاضي هشام رؤوف الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة.. والمحامي أحمد راغب عضو الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان.. والدكتور عماد الفقي أستاذ القانون الجنائي المساعد في كلية الحقوق بجامعة القاهرة.. والمحامي بالنقض الحقوقي المعروف نجاد البرعي.. والمحامي بالاستئناف إيهاب سلام. وأكدت "المجموعة المتحدة" في المقدمة أنه لو جري إصدار هذا القانون الجديد فإن ذلك من شأنه تقليل الآثار السلبية لظاهرة التعذيب وضمان تعويضات عادلة للضحايا وملاحقة جادة وعادلة للمجرمين لمواجهة تفشي ظاهرة التعذيب. يتكون القانون من عشر مواد تتضمن تعريفاً "واسعاً" للجريمة يتفق مع الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية.. ويتضمن لأول مرة اعتبار مدير السجن أو مركز الاحتجاز مسئولاً جنائياً عن جرائم التعذيب التي تقع في السجن أو المركز أو القسم الذي يديره.. كما يتضمن المشروع المقترح لأول مرة إنشاء نيابة متخصصة في دائرة كل محكمة ابتدائية للتحقيق في جرائم التعذيب فضلاً عن ندب قاضي للتحقيق في تلك الجرائم. واستحدث القانون مادة يحق من خلالها للمجني عليه في جرائم التعذيب أن يطلب ندب قاضي للتحقيق علي أن يبت في هذا الطلب خلال 48 ساعة.. وراعي القانون وضع مدة زمنية لا يجوز أن تتجاوزها التحقيقات في قضايا التعذيب والإكراه وسوء المعاملة بحيث لا تتجاوز هذه التحقيقات مدة ستة أشهر وأعطي للمجني عليه الحق في الاطلاع علي التحقيقات ولو كانت سرية. وعمد القانون إلي تشديد العقوبة علي جرائم التعذيب مع تدرجها لتكون السجن المشدد الذي لا يقل عن خمس سنوات إذا كان التعذيب بغرض إجبار المجني عليه علي الإدلاء بأقوال معينة أمام جهات التحقيق والمحاكمة أو سلطات الضبط أو كان بغرض إجباره علي الإدلاء بأقوال أمام إحدي وسائل الإعلام.. وشدد العقوبة لتكون العقوبة بالسجن المؤبد إذا كان التعذيب واقعاً علي النساء أو الأطفال.. أما إذا مات المجني عليه نتيجة التعذيب فتكون العقوبة هي نفس عقوبة القتل العمد.. وفي كل الأحوال يتم تطبيق العزل من الوظيفة علي من تثبت عليه جريمة التعذيب. كما تضمن القانون في المادة الخامسة أن تلتزم الدولة بتقديم العلاج النفسي والبدني للمجني عليه في جرائم التعذيب وتأهيلهم نفسياً ووضع حد أدني للتعويض لا يقل عن 250 ألف جنيه. ونص القانون في المادة السادسة علي استحداث "إدارة عامة لمكافحة التعذيب" وهي إدارة شرطية تتبع النائب العام مباشرة وتختص بأعمال الضبط والتفتيش والتحريات الخاصة بجرائم التعذيب.. كما نصت المادة السابعة علي تشكيل مجلس دائم لمكافحة التعذيب برئاسة النائب العام وعضوية ممثلين من بعض الوزارات وأعضاء من المجلس القومي لحقوق الإنسان ووضع برامج تدريبية لضباط الشرطة والطب الشرعي وإصدار تقارير نصف سنوية عن أوضاع المحتجزين في الأقسام والمراكز. ويبقي هذا المشروع في النهاية مجرد اقتراح يمكن تعديله من خلال حوار موسع.. ولو نجحنا في إصداره فسوف نكون قد قطعنا شوطاً طويلاً في سبيل التخلص من وصمة التعذيب.