الحديث عن الصحافة الأدبية في مصر يعني الحديث عن تاريخ الصحافة نفسها.. فليس هناك أي فصل بين المفكرين والأدباء وبين نشأة هذه المهنة في مصر والتي بدأت علي المستوي الرسمي من خلال جريدة "الوقائع المصرية".. وقد احتكر رئاسة تحريرها كبار الأدباء وروادهم ابتداء من رفاعة الطهطاوي ثم علي مبارك والشيخ محمد عبده. هكذا يؤكد المتحدثون في ندوة "الصحافة الأدبية" التي أقامها نادي أدب منف بالجيزة وقدمها عبدالعليم إسماعيل بمشاركة عدد كبير من المبدعين والنقاد. منهم: د.أمجد ريان ومحمد مطر وحمدي عبدالرازق وعبدالناصر العطيفي وفاطمة منصور وجمال العدوي وبهي الدين عبداللطيف. ذكر الأدباء أن مهنة الصحافة كانت شبه مقصورة علي المفكرين والأدباء طوال عصورها المختلفة. فكان من هؤلاء الصحفيين الأدباء نخبة كذلك من كبار الساسة الوطنيين. حتي بدت ظاهرة الثلاثي المرتبط ببعضه: الأدب والصحافة والسياسة.. من هؤلاء كان مثلاً عبدالله النديم ومحمود سامي البارودي. ثم أحمد لطفي السيد وجيله كالدكتور محمد حسين هيكل وسلامة موسي. واستمر هذا الارتباط حتي وقت قريب حين رأينا د.طه حسين رئيساً لتحرير الجمهورية. وهو عميد الأدب العربي وكان وزيراً للمعارف قبل ثورة يوليو.. وبعد 23 يوليو ظل هذا الارتباط قائماً إلي حد كبير. فكان هناك مثلاً عبدالرحمن الشرقاوي وعباس العقاد ومحمود أمين العالم.. وغيرهم. قال الأدباء في ندوة قصر ثقافة منف: إن فك هذا الارتباط بين الصحافة والأدب بالذات بدأ بعد أن ساءت العلاقات بين المثقفين والرئيس الراحل أنور السادات.. وقد كان صحفياً قبل رئاسة الجمهورية حينما رفض المثقفون وعلي رأسهم توفيق الحكيم السير خلف السادات في علاقته بالصهاينة. وتوقيع معاهدة السلام. فأصدروا بياناً ضده. وظل المثقفون رافضين للتطبيع في كل تجمعاتهم ومؤتمراتهم سواء في اتحاد الكُتَّاب أو نقابة الصحفيين أو مؤتمرات أدباء الأقاليم. كان رد السادات أن اتخذ سياسة الحصار للثقافة والمثقفين. حتي يحد من تأثيرهم علي المجتمع. وبالتالي خلق رأياً عاماً مناوئاً لسياساته.. فبدأ السادات عملية إحلال لغير الأدباء مكان الأدباء في المناصب الصحفية. حينما كانت الصحافة القومية قائدة الرأي العام وحدها علي الساحة.. ثم مارس السياسة نفسها في الإعلام. فتقلص دور المثقفين والأدباء وتراجع عن إدارة المؤسسات الإعلامية للدولة من إذاعة وتليفزيون. أضاف المتحدثون أن التراجع لم يقف عند حد تغييب المثقفين والمفكرين. بل استمر ليصل إلي محاصرة الإصدارات الصحفية الثقافية كالثقافة والرسالة والقاهرة وغيرها ثم وصل إلي الصفحات المتخصصة نفسها. وإن كان الأمر بدون قصد. بل بوضع هذه الصفحات في ذيل الاهتمامات.!! الندوة اختتمت بنماذج من الشعر والقصة القصيرة استمع إليها الحاضرون لمدة ساعة.