ما بين 1952 و2011 شهد المجتمع المصري تقلبات وتحولات كبري.. انها فترة ما بين ثورتينا العظميين: ثورة يوليو وثورة يناير.. فأين موقع الثقافة والمثقفين. وأين دور الحراك الثقافي في هاتين الثورتين؟؟ اجتمع أدباء السويس بكبار رموزهم للاجابة عن هذا التساؤل في ندوة نظمها نادي أدب السويس برئاسة عزت المتبولي. وإشراف أحمد الكتاتني مدير عام ثقافة السويس. ومشاركة شيخي الحياة الثقافية في القناة: كابتن غزالي وخالد الكيلاني. وكذلك المبدعين والنقاد: عصام ستاتي وأحمد رشاد أغا وصباح الهادي والسيد عبدالسلام وعبدالهادي الصيفي وماهر المنشاوي ودرويش مصطفي ود. رضا صالح ورمضان السنوسي وفوزي محمود ومجدي سحيم ويوسف الحسيني ومحمد غازي.. وغيرهم. رأي الأدباء ان الحراك الثقافي قاد مصر: شعباً ودولة طوال القرنين الماضيين. ولم يكن المثقفون والأدباء تحديداً هامشيين أبداً. بل هم من خلق حياة سياسية وطنية واعية. ابتداء من مؤسسي الثقافة العربية الحديثة في مصر: رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك وجيلهما. ثم الجيل التالي. جيل أحمد عرابي الذي أنشأ الحزب الوطني لأول مرة في منزل سلطان باشا بحلوان. وكان يقود الحركة العرابية ومقاومة الانجليز والخديو وإنشاء هذا الحزب أدباء عظماء هم: محمود سامي البارودي الذي حكم مصر بعد هروب توفيق إلي الإسكندرية وعبدالله النديم الشاعر والناثر والصحفي والزجال الكبير. والشيخ الإمام المفكر المجدد محمد عبده.. ثم استمرت أجيال المثقفين في قيادة مصر وتوجيه الشعب. والمطالبة بالاستقلال والحرية والديمقراطية. من خلال قامات عالية كأحمد لطفي السيد ومصطفي كامل ود. محمد حسين هيكل.. حتي كانت الحلقة التالية لهم أساتذة مباشرين لثوار يوليو. انها حلقة طه حسين وتوفيق الحكيم والعقاد.. فهم مهدوا لثورة يوليو. وكانوا قد أدركوا ثورة 19. ثم شاركوا في بناء مصر ووعي الشعب وتحديد هويتنا العربية عقب ثورة 1952 فكان أول من أطلق علي حركة الضباط الأحرار مسمي "ثورة" هو طه حسين في جريدة "الجمهورية" التي أنشأتها الثورة. وكان عميد الأدب العربي رئيساً لتحريرها. كما أنشأت "المساء" وكان أكبر مثقفي الضباط الأحرار "خالد محيي الدين" هو رئيس تحرير المساء كذلك. أكد بعض المتحدثين ان موجات المثقفين وتأثيرهم استمر مع يوليو. وشاركوا في صياغة توجهات الشعب ومواجهة مؤامرات الأعداء واستمر هذا الحراك حتي بدأ ضربه ومحاصرته بعد عام 1970. حتي تحولت الثقافة إلي هامش مع ثورة 25 يناير. ذكر عزت المتبولي ان الثورات بصفة عامة. لا يوليو ويناير فقط. هي نتاج ثقافة محرضة علي التمرد والحرية والتغيير في المجتمع.. وتساءل خالد الجمال: لماذا لم يكن للصحافة الدور المنتظر منها أيام النظام السابق؟! لقد شاركت في تضليل المجتمع وتسطيح اتجاهاته.. فحينما ماتت سعاد حسني انقلبت الدنيا واحتلت صورها جميع الصفحات الأولي. وفي التوقيت نفسه مات مفكر كبير هو د. عبدالرحمن بدوي في صمت. يري ماهر المنشاوي ان الحراك الثقافي لا يمكن الحديث عنه منفصلاً عن الحراك الكلي للمجتمع. علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. ومع الانهيار الاقتصادي يتراجع الحراك المجتمعي كله. أما ما يتعلق بالصحافة فليس لنا أن نتجاهل الدور الذي أدته الصحف المستقلة في التمهيد للثورة والتحريض عليها وشحن المجتمع كله. أشار عصام ستاتي إلي أن المثقفين ليسوا طبقة ولا فئة واحدة ولا اتجاهاً فكرياً بعينه. بل هم طليعة كل الاتجاهات في المجتمع. والحراك ليس اجتماعيا بقدر ما هو حراك وطني عام.. وحين يبرز تيار وطني عام يقلل من الفجوة بين كل التيارات. أما أهم ما في ثورة 25 يناير رغم عدم بروز الحراك الثقافي فهو إظهار المسكوت عنه من التيارات وخروجه إلي السطح.. وما يحدث الآن من خلافات حول وزارة الثقافة سيدفع المثقفين لإنشاء مؤسساتهم ومشروعاتهم الخاصة بهم. يؤكد كابتن غزالي أن البعض من المثقفين لا يري من مصر إلا القاهرة ومشاكلها واهتماماتها. رغم أن 90% من الريف يعيش في ظلام. والقري الواقعة علي النيل نفسه تعيش في جفاف وعطش!! وعلي المثقف ألا يقصر اهتمامه علي السينما والغناء والمسرح. في ظل الجوع والفقر والمرض والتهميش والبطالة التي يعاني منها الشعب المصري. ويواجهها البسطاء وحدهم. بدون دعم لا من دولة ولا من إعلام ولا من مثقفين!!.