"إنفوجراف".. نتائج الجلسة الأولى للمجلس الأعلى للحوار الاجتماعي لمناقشة مشروع قانون العمل    استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري يوم الثلاثاء 14 مايو 2024    4 شهداء جراء قصف الاحتلال مدرسة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة    سي إن إن: إسرائيل حشدت قوات كافية لتوغل واسع النطاق في رفح    ضابط استخبارات أمريكي يعلن استقالته احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل خلال حرب غزة    تعرف على ترتيب هدافي دوري روشن السعودي قبل الجولة 32    ميدو: أوباما مفتاح فوز الزمالك بكأس الكونفدرالية    كشف تفاصيل حادثة التعدي على سيدة التجمع في أوبر: شقيقتها تكشف الحقائق المروعة    توقعات الطقس اليوم وتحذيرات الأرصاد الجوية في مصر    ل برج الحمل والقوس والأسد.. ماذا يخبئ مايو 2024 لمواليد الأبراج النارية (التفاصيل)    هيئة الدواء المصرية تحذر من أدوية مغشوشة وتطالب بسحبها من الأسواق    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    لماذا تحولت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية إلى «نكتة سياسية»؟    طلاب الصف الثاني الثانوي بالقاهرة يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الأولى    كندا تفتح أبوابها للعمال المصريين.. التأشيرة مجانا والتقديم ينتهي خلال أيام.. عاجل    حفل عشاء لجنة تحكيم الدورة 77 لمهرجان كان السينمائي (صور)    ما مواقيت الحج الزمانية؟.. «البحوث الإسلامية» يوضح    مصرع 12 شخصا وإصابة 60 آخرين في سقوط لوحة إعلانية ضخمة بالهند (فيديو)    طريقة التقديم في معهد معاوني الأمن 2024.. الموعد والشروط اللازمة ومزايا المقبولين    عمرو أديب ل عالم أزهري: هل ينفع نأخد ديننا من إبراهيم عيسى؟    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بتقلص الإمدادات    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    مسؤول أمريكي: بايدن لا يرى أن إسرائيل ستحقق نصرا كاملا بغزة    لهواة الغوص، سلطنة عمان تدشن متحفًا تحت الماء (فيديو)    عصابة التهريب تقتل شابا بالرصاص أثناء سفره بطريقة غير شرعية    بديوي: إنشاء أول مصنع لإنتاج الإيثانول من البجاس صديق للبيئة    وزير الزراعة: 300 ألف طن زيادة بالصادرات حتى الأن.. واعتبارات دولية وراء ارتفاع الأسعار    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    جوتيريش يعرب عن حزنه العميق لمقتل موظف أممي بغزة    طريقة عمل عيش الشوفان، في البيت بأقل التكاليف    رئيس شعبة الأدوية: احنا بنخسر في تصنيع الدواء.. والإنتاج قل لهذا السبب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    ارتفاع جديد بسعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    فريدة سيف النصر: «فيه شيوخ بتحرم الفن وفي نفس الوقت بينتجوا أفلام ومسلسلات»    رئيس شعبة الأدوية: هناك طلبات بتحريك أسعار 1000 نوع دواء    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    «أخي جاوز الظالمون المدى».. غنوا من أجل فلسطين وساندوا القضية    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدباء الصحفيون.. صنعوا صروح الثقافة أشهرهم الطهطاوي وعبده والنديم.. ومعظمهم عملوا ب "دار التحرير"
نشر في المساء يوم 29 - 11 - 2010

هكيل عظمي متهاو. أو ركام بلا معالم. ستصبح حياتنا الأدبية طوال القرنين الماضيين. إذا جردناها من "الأدباء الصحفيين".. لا لأن الصحفيين الأدباء يتلقون الوحي من السماء. بل لأن مهنتهم مهنة ثقافية. ترتبط بالمعرفة وتراكمها وتداولها. وبالاتصال بالتراث القومي والعالمي. والتواصل كذلك مع مستحدثات الحياة في الآداب والعلوم والفنون.. ومن مجمل هذه الحياة المهنية الواسعة تتشكل شخصية الأديب الذي يعمل بالصحافة. التي أصبحت خلال هذين القرنين.. التاسع عشر والعشرين أهم وسيلة نقل للإبداع الأدبي شعرا وقصة ورواية ومقالة إلي الجمهور الواسع.. حتي إن فنا مثل القصة القصيرة لم ينشأ ويذيع إلا من خلال الصحف. سواء أكانت عربية أم في شتي أقطان العالم.
نسوق هذه الحقيقة بعد أن أثارت إحدي الندوات التي عقدت في فرع اتحاد الكتاب بالشرقية مسألة تأثير الأدباء الصحفيين علي الواقع الثقافي. وجري إيراد هذا الرأي لا علي سبيل الاستحسان. بل الاستهجان!! وكان يمكن أن يطرح الأمر لو أن هنا - في بلادنا العربية - مهنة تسمي مهنة "الأديب" يستطيع أن يقتات منها ويعيش كما يعيش البشر.. لكن الأدب باب مفتوح تدخل منه كل المهن والحرف ابتداء عن "دبشة الجزار" وعدد كبير من النجارين والبويجية والنقاشين والسمكرية. وانتهاء برئيس وزراء مصر أيام الثورة العرابية: محمود سامي البارودي.. وما بين هذا وذاك هنالك الصحفي والطبيب والمدرس والموظف والتاجر والضابط والمهندس وأستاذ الجامعة والمزارع ورجل الأعمال والسياسي والممثل.
وربما يتساءل البعض: وماذا لو حذفنا من خريطة الأدب طوال هذين القرنين كل الصحفيين. هل ستخرب الدنيا؟! لنعد إذن إلي هؤلاء الصحفيين الأدباء الذين مارسوا هذه المهنة فعلا. وعاشوا منها. وتأثروا بها. وأثروا في الآخرين من خلالها. لنري طلائعهم الأولي متمثلة في رؤساء تحرير جريدة الوقائع المصرية الرواد الثلاثة: رفاعة رافع الطهاوي ومحمد عبده وعلي مبارك. ومن معهم من محرري هذه الجريدة.. ثم العلامة البارزة والكبري في تاريخ الصحافة والثقافة والسياسة معا: عبدالله النديم. ثم الموجة التالية التي يمثلها علي يوسف رئيس تحرير المؤيد. ومصطفي كامل وصحيفة اللواء. وجورجي زيدان مؤسس الهلال ورئيس تحريرها. ثم فكري أباظة.
وهناك نخبة من كبار أدباء الصحفيين الذين عاشوا فترة ما قبل ثورة يوليو. وما بعدها وتبوأ بعضهم منصب رئيس التحرير مثل د. طه حسين رئيس تحرير "الجمهورية". وكامل الشناوي رئيس تحرير "الجمهورية". ومن صحفيي "دار التحرير" الأدباء الكبار إسماعيل الحبروك وبيرم التونسي وعبدالرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس ولويس عوض وعبدالمنعم الصاوي الذي كان رئيسا لمجلس الإدارة ورئيسا لتحرير الجمهورية وتولي وزارة الثقافة والإعلام معا ويحيي حقي الذي ظل حريصا علي الكتابة في "المساء" حتي لحظاته الأخيرة.
غير هؤلاء الرواد والمؤسسين لمؤسساتنا الصحفية الكبري. قامت كل الهياكل الأدبية الراهنة علي أكتاف الصحفيين.. فاتحاد الكتاب أنشأه يوسف السباعي وتولي رئاسته توفيق الحكيم وثروت أباظة وسعدالدين وهبة الذي بدأ حياته صحفيا ب "الجمهورية" وحصل علي عضوية نقابة الصحفيين منها. قبل أن يتفرغ للعمل بوزارة الثقافة والإبداع المسرحي.. وفي إحدي جلساتنا أخرج لي بطاقة عضويته القديمة بالنقابة وهي يفتخر بها. ويسأل عما إذا كان يمكنه الحصول مجددا علي عضوية نقابة الصحفيين بعد سنوات طويلة من الانقطاع عنها!!
لنعد إلي طرح السؤال مرة أخري: أتكون لدينا حياة ثقافية إذا انتزعنا هؤلاء من سياقها؟! إن الصحافة هي الحاضنة للأدب. وبدونها سيبقي مبتسرا وربما يلفظ أنفاسه. خاصة إذا رصدنا التغيرات الراهنة والمتمثلة في "الصحافة الإلكترونية" والتي تعوض إلي حد ما. انصراف القراء عن الصحف الورقية. وكذلك التحول التدريجي الذي انتاب صحفنا من صحف ثقافية بالمعني الواسع. إلي صحف تكره الثقافة وتحجمها وتنفيها. وتظن صفحاتها زائدة دودية ينبغي بترها.. وهذا تحد كبير للثقافة القومية. وعبء كذلك يتحمله مباشرة محررو الأدب والأدباء الصحفيون. ولا يدركه الأدباء الآخرون خارج هذه الدائرة.. إن محررو الأدب في كل صحف مصر خاصة. أصبح في حالة رباط دائم وكفاح مستمر من أجل الحفاظ علي ما تبقي من مواطئ أقدام للإبداع الأدبي وقضايا الثقافة في صحفنا اليومية والأسبوعية.. أما الإصدارات المتخصصة كمجلة "الهلال" فتعاني نوعا آخر من المعاناة يتمثل في التضييق المالي عليها.. فمكافأة المقالة أو القصيدة أو القصة حين نشرها حوالي عشرين جنيها!! أي ثمن كيلو طماطم!!
ما نشهده الآن من تأثير للأدباء الصحفيين في مجريات الأمور الثقافية. بقايا دور قديم كان عظيما. وكان مفيدا للوطن حين ازدهاره. وتم توظيفه دائما لخدمة القارئ والمثقف والمبدع لا لخدمة الأشخاص.. والحفاظ علي هذا الدور - أو ما تبقي منه - حفاظ علي ثقافتنا ومنافذ الضوء لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.