قاعة عرض للنساء فقط. حدث فني فريد كان موضوعا لجدل ومونولوج داخلي وذلك عندما فكرت فيما أقوله عند افتتاح هذه المناسبة التي دعيت اليها من مؤسسة سباير زون القطرية. هل أحتفي بهذه المناسبة غير المسبوقة في عالمنا العربي بل وفي الشرق الأوسط. ومثلي يتردد علي قاعات السينما صباحا ومساء وفي معظم الاحيان دون رفيق واحيانا اكون السيدة الوحيدة وسط جمهور جله من الشباب الذكور؟! فكرت أن أغير زاوية النظر واستحضر جانبا من قناعتي الفكرية بأن الحدث مهما اختلفت المناسبة التي يدور حولها لا يمكن عزله عن السياق المجتمعي الذي يقام في اطاره والدوحة بلد محافظ لا جدال حول ذلك. والخليج منطقة لم تعرف السينما كصناعة. ولم تتعرف علي الفيلم داخل داره الطبيعية "السينما" الا مؤخرا. كانت الدار الأولي والآخرة للفيلم السينمائي شاشة التليفزيون. وكان لا يصل إلي هذا "المقر" الا بعد رقابة حاسمة. وقد عملت من حسن حظي ابان الثمانينات من القرن الماضي في احدي لجان الرقابة في قطر. وكانت تجربة مفيدة جدا للتعرف علي "المناطق" التي تتعرض "للقطع" والفيلم الذي يتم رفضه ولماذا؟ أغلب هذه المناطق هي التي ينفرد فيها الرجل بالمرأة حتي لو حصل ذلك في أضيق الحدود ولم يكن لدينا وعي كاف ازاء المناطق الاكثر خطرا في الأفلام التي تأتينا من الغرب وأفلام ديزني لاند التي تخاطب الاطفال وبعضها يكرس العنصرية. ويصور الحضارات الانسانية غير الغربية من منظور يتم علي التعالي والازدارء ناهيك عن الشخصية العربية نفسها. وقد ظل "الجنس" من التابوهات الاكثر منعا وايضا "السياسة" اذا كانت مباشرة وصريحة وتنطوي علي اساءة فجة. و"الدين" ولكن نادرا ما يساء للدين علي نحو مباشر. وانما من خلال تصوير الانسان المسلم باعتباره "هدفا". وحتي الآن مازال هدفا. وما اكثر السهام الذي يتلقاها خصوصا بعد 11 سبتمبر وقد ظلت المرأة في الشرق عموما. وفي منطقتنا العربية بصفة خاصة وفي الخليج العربي علي نحو أخص ينظر اليها باعتبارها ملكية خاصة وجزءا أساسيا في متاع الرجل. والتقاليد الموروثة والقيم الراسخة والتفسير الديني المغلوط في معظم الاحيان يجعل المرأة مخلوقا ناقص الأهلية. يحتاج إلي حماية أو بالاحري "صيانة" مثل الاشياء القابلة للكسر. من يحمي المرأة من نفسها اذا كانت ناقصة "عقل ودين" كما استقر في الوجدان الجمعي؟! الاجابة من عندي: تزويد عقلها بالتعليم والعلم وتفعيل آدميتها بالفهم الصحيح للدين. ولقيمه ومبادئه الاخلاقية وانارة كيانها بالثقة في نفسها والتعامل مع ذاتها كانسان كامل متكامل يعي ويفهم العالم الذي يحيا فيه. والفيلم السينمائي أحد ادوات المعرفة والاستنارة والوعي بالعالم والتواصل مع ثقافات الآخر وفهم انجازات المرأة واسهاماتها في صنع المجتمع. اذن لا بأس من الخروج إلي "دار الفيلم" كخطوة للحماية الشكلية وأقول "شكلية" لان الحماية تتحقق بقوة الوعي والادراك ولا بأس من حوار "آمن" في مجتمع للنساء فقط خصوصا لو تلا عرض الفيلم ندوة عنه لالقاء الضوء علي موضوعه ونماذج الشخصيات التي تؤدي الادوار فيه. ونوع الرسالة الثقافية التي تنطوي في مادته الموضوعية. ويا حبذا لو تضمن البرنامج قائمة بأفلام صنعتها المرأة في الدول العربية ولدينا كثيرات جدا في مصر ولبنان ودول شمال افريقيا وتونس والجزائر والمغرب وفي الخليج سنجد تجارب للمرأة في نوعية الأفلام القصيرة والتسجيلية. لا أريد ان استسلم للنزعة الليبرالية التي توجه احيانا تقييمي للأمور فأري "سينما للنساء فقط" مثل "الحرملك الفني" تنطوي علي تمييز في النوع "gender" ولكن عند النظر إلي النهضة الحاصلة هنا في قطر في مجال التعليم والاعلام والرياضة ونجد انه في كل هذه المجالات دور بارز للمرأة. نشعر بالراحة ونقول بالفم المليان النساء قادمات للوقوف إلي جانب الرجل دون تمييز فهذا هو الضمان الأكيد لمستقبل يضعنا جنبا إلي جنب مع الشعوب المتقدمة.