بعض وسائل الاعلام الأمريكية التي تتبني علي طول الخط وجهة النظر الإخوانية الأردوغانية هاجمت بضراوة قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما استئناف المساعدات العسكرية لمصر واعتبرت ذلك شراً لابد منه..!! واستكمالا لما ذكرته في مقالي أمس الأول بعنوان "مجبر أوباما لا بطل" أؤكد اليوم ان قرار اوباما لم يكن عشوائيا ولم يصدر من أجل "سواد عيوننا" أو حبا فينا أو خوفا علينا من الارهاب أو حرصا علي سلامة اراضينا ووحدتها.. فهذا كله بعيد عن اسباب القرار خاصة ان أي قرار امريكي لا يصدر بشكل منفرد ولا جدال ان أمريكا تكرهنا كراهية التحريم وتتمني تدميرنا اليوم قبل الغد بل انها سعت فعلا وتآمرت لتفكيك الجيش واسقاط الدولة وتقسيمها ولأن ثورة 30 يونيه هي التي كشفت واحبطت المؤامرة الامريكية الاخوانية علي مصر والمنطقة كلها كان قرار وقف المساعدات العسكرية.. وبالتالي فمن المؤكد ان كل المشاعر الانسانية الجميلة من الحب والخوف والحرص والتي ذكرتها آنفا لم تخطر علي بال أوباما وإدارته. إذن.. لماذا صدر القرار..؟؟ * هل كان أوباما مجبراً علي رفع الحظر عن تسليح مصر بسبب المخاطر المتفشية في الشرق الأوسط والمتمركزة في مصر والعراق وسوريا ولبنان وليبيا وتونس واليمن مما يهدد المصالح الأمريكية بشكل أساسي ويقوض مكانة واشنطن في المنطقة اذا هيمنت قوي أخري علي مقدرات الدول.. رغم يقيننا بأن كل هذه المخاطر صناعة أمريكية اصلاً؟؟ * هل اكتشف اوباما بعد قرابة سنتين ان رهانه علي الاخوان كان خاسرا وانهم لا يمكن بأية حال عودتهم للحكم في مصر أو الاعتماد عليهم نظرا لفشلهم الذريع في الإدارة فكان لابد ان يحسن علاقاته مع مصر حتي تظل بلاده علي صلة بأرض الكنانة ولو ظل الشك والتوجس موجودين واستمر الجرح الذي سببته ادارته ينزف..؟؟ * هل أيقن أوباما ان القافلة المصرية تسير في طريقها وان النباح والعواء والحظر والارهاب من هنا وهناك لم ولن توقف مسيرتها بدليل عقد المؤتمر الاقتصادي الناجح جدا واستمرار حفر قناة السويس الجديدة واعلان الانتهاء منها في أغسطس القادم والتوصل الي وثيقة اعلان المباديء حول سد النهضة وعقد القمة العربية الخطيرة بشرم الشيخ والتي قررت انشاء جيش عربي واتخاذ مصر قرار تنويع مصادر السلاح.. وبالتالي وجد أوباما ان حظر المساعدات العسكرية بلا قيمة ولم يحقق الغرض منه فتراجع عنه..؟؟ * هل وجد أوباما ان الامن القومي الامريكي اصبح مهددا بعد تنامي دور روسيا في المنطقة وكذلك ايران التي اصبحت تسيطر فعليا علي 4 دول هي العراق وسوريا ولبنان واليمن اضافة الي وجودها بكثافة في كل دول الخليج العربي وان المد الروسي الايراني بذلك يقطع يد وارجل امريكا ويفصل المنطقة كلها عنها ويحاصر اسرائيل من جميع الجهات وفي ذلك خطر داهم علي أمن أمريكا واسرائيل علي السواء.. فتراجع ليضمن مصر معه أو علي الاقل عدم ارتمائها في حضن روسيا بالذات.. رغم اننا لن نرتمي في أي حضن كان..؟؟ قد يكون أي من هذه الأسئلة أو كلها قد طرحتها الادارة الأمريكية علي نفسها وخرجت بقرار واحد.. لابد من رفع حظر التسليح عن مصر. لكن.. اذا كانت شبكة بلومبرج الامريكية في هجومها علي أوباما قد اعتبرت قراره "شرا لابد منه" فنحن نرد عليها بأن قبولنا هذه المساعدات المنصوص عليها في اتفاقية كامب دافيد ولم نسع اليها طوال سنتين. وترحيبنا بفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية وتغاضينا عن الجرائم الامريكية في حقنا.. كل هذا هو ايضا "شر لابد منه". انتم يا سادة لا تمنون علينا.. المسألة كما سبق وقلت مصالح متبادلة ليس إلا.. واذا كان علي المساعدات العسكرية فالله الغني عنها.. اشبعوا بيها أو اقطعوها وقتما تريدون كما ينص القرار.. عشنا سنتين بدونها وكنا أفضل وسنكون في منتهي السرور من غيرها الي الأبد وتحيا مصر