وصف د. عمار علي حسن أستاذ علم الاجتماع السياسي الأحزاب التقليدية بأنها صناعة النظام البائد ومباحث أمن الدولة مشيراً إلي أن التحالفات الجديدة بين الأحزاب تسعي إلي اقتسام السلطة. * ما هي رؤيتكم للحياة الحزبية بمصر في الوقت الحالي؟ ** لم يكن لدينا أحزاب سياسية حقيقية قبل الثورة فجميع الأحزاب بلا استثناء تم اضعافها وتهميشها ومحاصرتها إلي درجة أنها أصبحت موالية للسلطة.. فالأحزاب التقليدية لم تساهم أو تشارك في صنع الثورة ولكن بعضها بدأ يتطهر من ارتباطاته القديمة لاسيما الأحزاب التي كانت تقوم علي مجرد أفراد وضعتها السلطة ومباحث أمن الدولة وذلك بقيامهم بإقامة دعاوي قضائية ضد النظام السابق وحاولوا الانضمام للتحالفات الجديدة لاقتسام السلطة في المستقبل.. * لكن كيف يحدث هذا ومعظم الأحزاب غير قادرة علي صناعة صف ثان يتولي القيادة؟ ** هذا صحيح فالسلطة داخل الأحزاب كانت غير قادرة علي إعداد رموز وقيادات أخري فلو كانت حدثت انتفاضة داخل كل حزب وتم إزاحة القيادات القديمة وتم انتخاب قيادات جديدة كان من الممكن أن تعمل علي توسيع القاعدة الجماهيرية وتشكل روافد حقيقية لجمع وتسويق مطالب الشعب. * وما هي العقبة الرئيسية التي تقف أمام الأحزاب التقليدية لتطوير هياكلها الداخلية؟ ** المشكلة تكمن في أن قيادات هذه الأحزاب لا تؤمن بدورها الحقيقي فبعضها مازال يخشي مواجهة الناس وليس لديه إجابة علي تساؤلات الجماهير حول تواجدها ودورها في الفترة الماضية في الشارع المصري وبعضهم يبحثون عن كيفية الدخول في عباءة التشكيلات الجديدة لحماية مصالحهم الخاصة وبالتالي ليس لديهم القدرة علي صناعة حزب ينافس علي السلطة بل أن ما يشغله هو كيفية الابتعاد عن الملاحقة أو المطاردة القانونية بعد الثورة. * وهل معني هذا أنهم عاجلاً أو أجلاً سيختفون من علي الساحة السياسية؟ ** بالفعل أتوقع ألا يستمرون طويلاً في مواقعهم والانتخابات القادمة ستكون كاشفة للجميع كما تشهد أيضا انتفاضات داخلية للتخلص من القيادات القديمة وبالفعل توجد انقسامات حادة في بعض الأحزاب مثل التجمع . نفس الشيء ينطبق علي الأشكال المؤسسية في الأحزاب الأخري فكلها مصاب بعوار الاستبداد والفساد. * وهل تتوقع أن يكون للاحزاب الجديدة تواجد ومصداقية في الشارع المصري؟ ** لابد من أن تعطي هذه الأحزاب فرصة لتصبح قوية وقادرة علي المنافسة وبعضها يطالب بتأجيل الانتخابات حتي يحصل علي هذه الفرصة رغم رفضي لهذا التوجه فأنا أؤمن بالمقولة التي تؤكد أن المؤسسات السياسية نحن الذين نصنعها بأيدينا.. بمعني أن خوض غمار الانتخابات التشريعية المقبلة هي الفرصة لميلاد الأحزاب وليس العكس.. وهذه التجربة بالنسبة للاحزاب الجديدة قد تكون قاسية لكنها ستخرج أقوي وقد لا يحصد بعضها مقاعد كثيرة في البرلمان المقبل لكنها ستكون فرصة لبناء شبكات اجتماعية تابعة للأحزاب حتي لو استطاع البعض أن يصل بنائب واحد إلي البرلمان ويضع الحزب علي الخريطة السياسية * وما هي رؤيتك تحديداً للتحالفات الجديدة؟ ** أعتقد أن الوضع الحالي يمثل انتقالنا من عصر الحزب الوطني الذي كان يجمع حوله بعض الأحزاب الصغيرة ليوهم العالم بأنه يقيم حواراً وطنياً حقيقياً حول المشاكل والقضايا التي تهم المصريين إلي جماعة الإخوان المسلمين التي بدأت تسلك نفس المسلك تحت راية حزب الحرية والعدالة. فهذا التحالف بين الحرية والعدالة والأحزاب الأخري الصغيرة قد يكون مفيداً لتحقيق مطالب الثورة والثوار ولكن هذا علي غير الحقيقة ولا يحقق المصلحة الوطنية. * وما هي رؤيتكم لحالة الانقسام التي تشهدها التيارات الدينية حاليا؟ ** التيار الإسلامي يدخل الآن فيما نسميه مرحلة التأسيس الثالث ففي البداية كانت تيارات دعوية ثم دخلوا معترك العمل السياسي من باب ممارسة العنف ضد السلطة وضد المجتمع وبدأت بالإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد وبعض التنظيمات الصغيرة التي نشبت علي ضفاف هذه الجماعات ثم بدأ دخولهم الحياة السياسية بصورة أكثر وضوحاً بالتحالف مع حزب الوفد في عام 1984 ثم أبرموا اتفاقاً مع الحزب الوطني في عام .2005 أما الآن فنحن أمام حالة مختلفة تماما.. وقرار الانشقاق جاء نتيجة عدم رضا الشباب عن بعض تصرفات جماعة الإخوان بعد الثورة.. ولإيمانهم أن السياسة تمارس من خلال الأبواب الشرعية السليمة ومن خلال القنوات التي يحميها القانون.