لاشك أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يواجه موقفا صعبا بعد أن فقد حزبه الديمقراطي سيطرته علي مجلس النواب وتقلصت الأغلبية التي كان يتمتع بها في مجلس الشيوخ خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأسبوع الماضي. وخلال الفترة المتبقية من رئاسته. ينبغي علي أوباما أن يقنع الأمريكيين بأنه يتفهم مشاعر الاحباط التي تنتابهم جراء الكساد الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة. وأن الأولوية القصوي لإدارته هي اصلاح أحوال الاقتصاد وإذا لم يستطع فانه يخاطر بأن يفقد منصبه في عام .2012 ويواجه أوباما حاليا تحديين رئيسيين يتمثلان في إقناع الجمهوريين الذين انتقلت لهم حديثا الهيمنة علي مجلس النواب للعمل معه بشأن خطوات لاحياء النمو الاقتصادي وثانيا ايجاد سبل للتواصل مع الطبقة المتوسطة التي يعتبر كثيرون من أفرادها الرئيس الأمريكي متباعدا عنهم أكثر من اللازم. وأعرب فريد جرينستاين الذي يؤرخ لرؤساء الولاياتالمتحدة والأستاذ الفخري بجامة "برينستون" عن اعتقاده بأن نتائج الانتخابات ستضعف مهارات أوباما السياسية وأضاف أن الرئيس اأمريكي يحتاج لاستثمار المزيد من الوقت في شرح سياساته للمواطنين. من جهته. قال بروس بوكانان أستاذ العلوم السياسية بجامعة "تكساس": إن أوباما اشتهر بأن يكون في أفضل حالاته حين يكون ظهره للحائط. مضيفا ان الاحتفاظ بهدوء نسبي في الأوقات الصعبة من مقومات القيادة رغم انها صفة لا ترضي الناس دائما وتابع بوكانان أن الرئيس الأمريكي ليس انفعاليا ولا يبالغ في اظهار مشاعر الندم كما يردد بعض منتقديه. ولكن يبدو مستعدا تماما للتعامل مع واقع الأمر ولتقييم مستقبله السياسي أيضا. وكانت استطلاعات الرأي التي أجريت قبل انتخابات التجديد النصفي قد توقعت تحولا لصالح الجمهوريين منذ شهور نتيجة قلق الناخبين ازاء نسبة البطالة البالغة 9.6 في المائة وعدم تقديرهم لما حققه أوباما من انجازات علي صعيد السياسات الداخلية متمثلة في اصلاح نظام الرعاية الصحية والخدمات المالية وحاول أوباما والديمقراطيون اقناع الأمريكيين بأن الكساد كان سيستمر لفترة أطول ويتعمق أكثر بدون اجراءات مثل برنامج التحفيز البالغ حجمه 814 مليار دولار. ولكن كانت اليد العليا للجمهوريين في توصيل الرسالة. وقبل اقتراع الثلاثاء الماضي انغمس أوباما في الحملة الانتخابية محاولا احياء الحماسة التي أفرزها ترشحه للرئاسة في عام 2008 حيث أوقد حماسة الناخبين ببلاغته ووعود التغيير ومهمته هذا العام كانت أكثر واقعية إذ كان عليه اقناع الناخبين بمواصلة السير علي نفس الطريق.. فقد أبلغ الناخبين أن سياساته حققت تغييراً للأفضل وحذر من أن الجمهوريين سيعودون بالبلاد للوراء ولكن نتائج الانخابات أظهرت انه لم يقنع كثيرين. وحرص أوباما ومعاونوه في الأسابيع الأخيرة علي عدم التحدث عن استراتيجية ما بعد الانتخابات ولكنه ألمح الي انه سيحاول الضغط علي الجمهوريين وتحديهم للعمل معه بدلا من التركيز فقط علي عرقلة جدول أعماله وإذا رفض الجمهوريون العمل معه. فإن البيت الأبيض يراهن علي أنهم سيدفعون ثمن هذا الرفض في انتخابات عام .2012 وفي محادثة هاتفية عقب الانتخابات. قال أوباما لجون بوينر العضو الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي عن الدائرة الثامنة من ولاية أوهايو والذي اتفق الجمهوريون علي اختياره رئيسا للمجلس بعد أن استعادوا الأغلبية فيه انه يتطلع لايجاد أرضية مشتركة مع الجمهوريين للمضي قدما والعمل من أجل الشعب الأمريكي ونقل أوباما نفس الرسالة لميتش مكونيل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ. قال توماس مان الباحث بمعهد بروكينجز للأبحاث إن هناك من يكرهون أوباما ولكن شعبيته ومستوي التأييد لادائه أعلي من ريجان وكلينتون عند نفس النقطة في رئاستيهما وأضاف أن نجم أوباما سيبزغ من جديد إذا تغلب علي الكساد الاقتصادي ونجح في انهاء الحرب بأفغانستان التي تتزايد كراهية الأمريكيين لها.