سخيف جداً حديث الشماتة الدائر الآن في د. جابر عصفور وزير الثقافة السابق . من النبل ألاتهاجم مسئولاً بعد تركه منصبه لأنك كنت مختلفاً معه.. أدي جابر عصفور ما عليه. تتفق أو تختلف مع أدائه. لكن يكفي أن رجلاً في قيمته وقامته وهي قيمة وقامة تشرف أي منصب وليس العكس قبل هذا المنصب في ظرف صعب وخطير تمر به مصر. وفي ظرف صعب صحي يخصه. ورغم ذلك لم يتكاسل ولم يتخاذل وفعل ماعليه وكان مدركاً أن وجوده في الوزارة مؤقت وصرح بذلك أكثر من مرة مؤكداً أنه مهتم بتمكين الشباب لأنهم يجب أن يكونوا مسئولين عن صناعة المستقبل وقد فعلها في أكثر من منصب. علينا أن نشكر جابر عصفور علي ما قدمه سواء في منصبه كوزير للثقافة أو ماقدمه ككاتب وناقد ومفكر من طراز رفيع . أما الشامتون فهذه عادتهم مع أي مسئول طالما ترك منصبه . وهذا . في ظني . سوء تربية وسوء أخلاق.. بل ونقص في الرجولة! الآن تولي د. عبدالواحد النبوي وزارة الثقافة ونقول له كان الله في عونك فالظرف الخطير الذي تمر به مصر لم يبرح مكانه .والملفات الصعبة في الوزارة مازالت صعبة وتحتاج جهداً مضاعفاً لفضها وبحثها وإيجاد حلول جذرية لها. ربما تكون ملفات قصور الثقافة هي الأهم والأكثر خطورة وصعوبة. وليس غريباً أن يوصي الرئيس عبدالفتاح السيسي. في اجتماعه بالوزراء الجدد. بالاهتمام بقصور الثقافة. فهي المؤسسة الأكبر والأهم في وزارة الثقافة. وإذا كان رئيس الجمهورية يدرك أهمية مؤسسة بهذا الحجم فإن أول شئ يجب أن يفعله حتي تستطيع القيام بدورها علي الوجه الأكمل هو مضاعفة ميزانيات أنشطتها. فميزانية هذه الهيئة حوالي300مليون جنيه. يذهب منها حوالي 270 مليوناً كمرتبات للعاملين بها . بينما لايتبقي سوي 30 مليون جنيه للأنشطة التي يجب أن تقام في حوالي 560موقعاً في جميع أنحاء مصر. هذا فضلاً عن أن أغلب هذه المواقع تحتاج إلي صيانة وترميم حتي تستطيع القيام بدورها علي النحو الأكمل. أيضاً أوصي السيسي بالتعاون مع الأزهر والشباب والرياضة. والمعروف أن هناك بروتوكولات وقعهتا وزارة الثقافة مع حوالي عشر وزارات ومنها الشباب والرياضة والتربية والتعليم والأوقاف وغيرها. لكن أياً من هذه البروتوكولات لم ينفذ بسبب الموظفين الذين في الدرجات الأدني كما قال د. جابر عصفور متهماً هؤلاء الموظفين التابعين للوزارات الأخري بتعطيل تنفيذ هذه البروتوكولات. علي الوزير الجديد د. عبدالواحد النبوي أن يفتح هذا الملف مع الوزراء المعنيين للوصول إلي صيغة لتفعيل هذه البروتوكولات. ويكفي أن ندرك أن تفعيلها مع وزارتين علي الأقل هما التربية والتعليم والشباب والرياضة يكفي لتغيير وجه مصر. وفي ظني أن هيئة مثل قصور الثقافة لو تم تمكينها من الوصول بأنشطتها إلي المدارس ومراكز الشباب لأحدثت ثورة ثقافية في مصر. هل يحتاج هذا الأمر إلي خبراء أجانب ومفكرين استراتيجيين مثلاً لتنفيذه؟ إن جلسة تضم الوزراء المعنيين تكفي لانطلاق النشاط الثقافي في المدارس ومراكز الشباب في كافة أرجاء مصر. ويرتبط بالبروتوكولات كذلك ماتصدره قصور الثقافة من مطبوعات قيمة وتباع بأسعار أقل من أسعار تكلفتها لكنها تعاني من سوء التوزيع وعدم وصولها إلي مستحقيها . والمعروف أن مستحقيها هم الشباب والناشئة وهؤلاء موجودون في المدارس ومراكز الشباب فما الذي يحول دون وصول هذه المطبوعات إلي هذه المواقع؟ الذي يحول دون ذلك هم أصحاب المصالح وهم معروفون في كل وزارة. لماذا لا يبحث د. النبوي هذا الأمر بشكل عاجل مع الوزراء المعنيين؟ ومايسري علي قصور الثقافة يسري علي المسرح ودار الأوبرا ومراكز الإبداع والمجلس الأعلي للثقافة وقطاع الفنون التشكيلية وهيئة الكتاب وغيرها من مؤسسات الوزارة. المهم أن يفتح الوزير الجديد هذه الملفات. والأهم أن يحسن اختيار معاونيه وخاصة في ديوان الوزارة نفسه. فالأمر يحتاج إلي مراجعة دقيقة وغربلة تبقي علي الصالح فقط وتطيح بالطالح دون حسابات لأي ردود أفعال. يتخوف البعض من أن تتحول وزارة الثقافة إلي فرع للأزهر الشريف باعتبار الوزير الجديد منتمياً لجامعة الأزهر. وهو تخوف لاينم سوي عن سذاجة مفرطة. فبغض النظر عن قيمة ومكانة الأزهر الشريف وبغض النظر عن ضرورة تعاون الثقافة مع هذه المؤسسة فيما يخص نشر الخطاب الديني الوسطي المعتدل. فإن مؤسسات الوزارة لكل منها استراتيجية ودور معروف . فلن تتحول الأوبرا مثلاً إلي مؤسسة للإنشاد الديني. ولن تتخصص هيئة الكتاب في طباعة كتب أبو حنيفة وابن تيمية. ولن تتحول العروض المسرحية إلي خطبة الجمعة. هذا فضلاً عن أن الوزير الجديد د. عبدالواحد النبوي رجل مثقف ومستنير وكان أحد العاملين في الوزارة وتولي رئاسة الإدارة المركزية لدار الوثائق القومية وبدأ مشروعاً مهماً لرقمنة الوثائق وحمايتها وقد أطاح به من منصبه الوزير الإخواني علاء عبدالهادي. ويعرف جيداً دور وزارة الثقافة وواجباتها. كما يعرف أنه ليس الوزارة حتي يحولها بجرة قلم إلي فرع للأزهر الشريف . ويكفي أن الرجل دون حتي أن يقصد بدأ عمله بالوزارة بحضور ختام سبمزيوم أسوان للنحت الدولي ولم يقل إن النحت حرام . أو حتي يعتذر عن عدم الحضور وكان لديه ألف حجة لذلك فقد حضر ولم يمض علي توليه الوزارة سوي ساعات كانت كافية للاعتذار. ما أعرفه عن الوزير الجديد أنه رجل جاد وعملي وبتاع شغل وصاحب أفكار متطورة والأهم أنه ليس له شلة من هنا أو هناك.. علينا أن ندعه يعمل ونتعاون معه ونراقب أداءه .. إذا أحسن قلنا أحسنت وإذا أساء فالطريق معروف إلي الوزارة!