الشعب المصري معروف عنه أنه "ابن نكتة" لذلك عندما يتعرض لمصيبة فإنه يحولها إلي نوع من السخرية وهذا ما يحدث هذه الأيام.. فرغم فجيعته في ضحاياه الذين ذبحهم داعش في ليبيا وغيرهم ممن يتساقطون يوميا في الانفجارات هنا وهناك إلا أنه تماسك واستعاد ثقته بالله بل وحول مأساته إلي نكتة وصارت المصيبة محل سخرية حينما أخذ رواد فيس بوك وتويتر علي عاتقهم محاربة داعش بسلاح الفكاهة والاستهزاء عن طريق تحويل النشيد الرسمي لهم والذي يحمل عنوان "صليل الصوارم" إلي أغنية شعبية بإدخال بعض الموسيقي الراقصة وإرفاقها بلقطات لبعض ممثلي الكوميديا أمثال الليمبي محمد سعد والناظر علاء ولي الدين والكبير قوي أحمد مكي وغيرهم. وصليل الصوارم في اللغة لمن لايعرف معناه هو صوت السيوف الحادة القاطعة الذي أراد به إرهابيو داعش بث الرعب والخوف في نفوس من يسمعه إلا أن الشباب المصري علي الانترنت حولوه إلي مثار للسخرية ليتغلبوا بذلك علي الرعب والخوف بالضحك وهذا سلاح لايقل أهمية وخطورة عن السيوف التي يحتمون بها.. ولقد أعجبني تعليق أحد المحللين النفسيين علي هذه الظاهرة عندما قال "إن سخرية المصريين نوع من الصحة النفسية. نحن نضحك حتي لانبكي ونسخر حتي لا نيأس ونمرح حتي لانصاب بالاكتئاب. وهذه عبقرية من المفترض أن نحسد عليها". وهذه ليست المرة الأولي التي يسخر فيها المصريون من همومهم فأيام ثورة 25 يناير كان المعتصمون يلقون الشعر الحلمنتيشي ويعلقون لافتات تحمل كلمات ساخرة ويطلقون العنان للأغاني وغيرها مما يفرغ شحنة الغضب والحزن التي كانوا يعانون منها من ظلم النظام السابق.. كما أن الرئيس جمال عبدالناصر كان يتابع أحوال الشعب عن طريق ما يطلقه من نكات. لاشك ان أساليب بث الرعب والخوف في نفوس المصريين لن تؤتي ثمارها كما يريد الداعشيون طالما ظل الشعب محتفظا بخفة دمه وإيمانه بالله في أن النصر آت لا محالة حتي ولو تأخر بعض الشيء.. فثقة الشعب بنفسه وإخلاص النوايا والعمل علي النهوض بالوطن كلها أسلحة فتاكة تقف حائلا في وجه أي إرهابي. إشارة حمراء كلب شبرا أصبح بطلا وتنظم له وقفات احتجاجية هو الآخر وصار حديث الرأي العام في الفترة الماضية بعد أن قيده بعض الشباب في عامود إنارة وانهالوا عليه بالسكاكين حتي قتلوه.. ورغم أن الرحمة حلوة ونرفض مثل هذه الأعمال الوحشية إلا أن الموضوع أخذ أكبر من حجمه خاصة بعد أن اتضح أن هذا الكلب كان يستخدم في السرقة بالاكراه وبالتالي فإن ربك يمهل ولايهمل فقد أخذ الكلب عقابه وصاحبه أيضا بعد الحكم عليه بالمؤبد.. ولذلك نقول للإعلاميين الذين هولوا الموضوع ألا ينطبق الآن المثل القائل علي ما فعلتموه "الجنازة حارة والميت كلب"!!