يقود تنظيم داعش في المناطق التي يسيطر عليها في العراق حرب "إبادة" بحق كل ما هو حضاري وثقافي وإنساني. بغية تحقيق أهداف تخدم أعداء العالم العربي والإسلامي وخصومة. كون أفراد التنظيم يزعمون أنهم ينطلقون في مساعيهم من منطلقات أو تعاليم "إسلامية". وقد اتضح ذلك عقب سلسلة من الأعمال التخريبية التي قام بها أنصار داعش شملت بعض الآثار الحضارية القديمة الضاربة في أعماق التاريخ. وقد بث التنظيم المتطرف في الأيام القليلة الماضية مقطع فيديو يظهر تدمير مسلحيه لما يعتقد أنه تحف أثرية في العراق بأسلوب يعكس همجية التنظيم وعقليته المتخلفة. وقد أدان مجلس الأمن الدولي هذه الأعمال ووصفها ب "الإرهابية البربرية". مطالبا وفق بيان له بضرورة دحر هذه الجماعة و"القضاء علي فكر التعصب والعنف والكراهية الذي تعتنقه". وكانت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" وقد وصفت تدمير التحف الأثرية العراقية علي يد مسلحي التنظيم بأنه جريمة حرب. يذكر أن حركة طالبان التي كانت تسيطر علي أفغانستان قبل أكثر من عقد قد قامت بالأعمال نفسها. حيث دمرت آثاراً وتحفاً تاريخية نفيسة لأسباب تكشف عن المرجعية المرضية التي يعتنقها أعضاء الحركة. وفي السياق ذاته. يقوم تنظيم داعش وعلي نحو متسارع بخلخلة التركيبة الحضارية والسكانية للمناطق الواقعة تحت سيطرته منها القتل الجماعي. والإجبار علي الدخول في الإسلام لغير معتنقيه. والاغتصاب. وغيرها من السلوكيات التي تعاني منها الأقليات والتي ترقي إلي الإبادة الجماعية في بعض الحالات. وقد تجسد ذلك جليا في معاناة العرقيات : الكاكائية والشبك والتركمان والإيزيديون. ومعاناتها بعد سقوط الموصل في يد تنظيم داعش في يونيو الماضي. تقول منظمات حقوقية إن التنظيم استهدف الأقليات مباشرة. وخير المسيحيين بين الرحيل أو القتل. وإن الأقليات تواجه إبعادا منهجيا من مناطق واسعة في العراق. ومن ثم فإن ترك هذا التنظيم دون التصدي له ومواجهته سيقود المنطقة إلي مخاطر كبيرة علي الأصعدة كافة ويهدد الوجود الحضاري والثقافي المتوارث عبر آلاف السنين.