كثير من الجوانب الايجابية في كلمة الرئيس الأمريكي أمام مؤتمر واشنطن "مواجهة عنف التطرف".. فقد عبر باراك أوباما عن فهم جيد لطبيعة التطرف الديني ودوافعه وارتباطه بمؤشرات الاقتصاد والتعليم والمشاركة السياسية.. وحذر من انجرار العالم وراء ادعاء المتطرفين تعبيرهم عن الإسلام وافتعالهم معارك ايديولوجية لجذب الانصار من الشباب.. ونقل أوباما رسالة "صابرين" الطفلة الأمريكية المسلمة التي قال انها بعثتها إليه مع قلب هدية في عيد الحب ليعبر من خلال صورة إنسانية بسيطة عن براءة المسلمين مما يرتكب باسمهم من عنف وارهاب.. وأتمني ان ينجح مؤتمر واشنطن وكلمة أوباما في تخفيف الاحتقان الداخلي في المجتمعات الغربية تجاه مواطنيهم المسلمين وتوجيه بطولة العمل الدولي المشترك ضد الإرهاب إلي الاتجاه الصحيح والعدو الحقيقي.. لكن لا أمنياتي - رغم صدقها - ولا روعة مشاعر وكلمات الرئيس الأمريكي تغني عن ضرورة العمل بها ومن أجلها لاكتساب الثقة والمصداقية في نوايا "العم سام" وما يريده حقيقة من الشعوب المسلمة في هذا الجزء من العالم.. صحيح ان القضية - كما قال أوباما - ليست صراع حضارات ولا اديان لكن تبقي المصالح والمنافع والجشع الممزوج بجبن المواجهة مع العالم هي ما يقرأه البسطاء في التناقض المستمر بين الخطاب الأمريكي والمواقف الفعلية.. وكأنها تؤكد نظرية "التكرار الابدي" للألماني نيتشه وروايته الفلسفية التي كتبها قبل 130 عاما "هكذا تكلم زرادشت" عما أسماه "فلسفة الخنازير" حيث الأخلاق ليست سوي تكتيك للدفاع عن المصالح.. البسطاء لم يقرأوا لنيتشه لكنهم يرون مثله بالفطرة ان الفضيلة تفعل لذاتها دون انتظار أجر لأن الفضيلة هي الجائزة.. البسطاء لديهم بلوراتهم الفلسفية الخاصة في المأثور الشعبي مثل "اعمل الخير وارميه البحر" وكذلك "اسمع كلامك اصدقك.. اشوف افعالك استعجب" وافعال الصديق الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية والقدس في القلب منها.. وفي تدمير كيان الدولة بالعراق وسوريا وافغانستان وليبيا ثم التخلي عنها قبل اعادة البناء أو مساندة سلطة مركزية جديدة.. تجعل من تنظيم داعش وأمثاله مجرد مجموعة من الأفاعي في جراب "الحاوي" الأمريكي ينقلها إلي أي فراش عربي أو غربي حسب المصلحة.. انه يفسح لها المجال ويضعها حيث ترتكب اللدغة القاتلة التي يعلم انها لا تعرف سواها.. لكن التجارب تؤكد ان الحواة ليسوا دائما بمأمن من سم الأفاعي. **** يعطيك من طرف اللسان حلاوة.. ويروغ منك كما يروغ الثعلب من قصيدة للإمام الشافعي