مجلس النواب القادم الذي أعلن أول أمس الخميس الجدول الزمني لاختياره في مؤتمر صحفي عالمي تحاصره العديد من المخاطر حيث تسعي 3 فصائل هم الفلول والمتأسلمون وأصحاب المال السياسي لاختطافه ومن ثم السيطرة علي التشريع في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ مصر خاصة في ظل الصلاحيات الواسعة للبرلمان والوزارة علي حساب صلاحيات رئيس الجمهورية. "المساء الأسبوعية" ناقشت خبراء السياسة والأحزاب في هذه المخاوف وكيفية مواجهتها فأكدوا أن الدول اخطأت من البداية عندما تقاعست بعد ثورتي يناير ويونيو عن اتخاذ مواقف جادة في مواجهة القوي المناهضة للثورتين من خلال قوانين صارمة مما أعطاها الفرصة للبقاء حتي الآن وتهديد الثورة. قالوا ان هذه المخاطر يجب ألا تجعلنا نستسلم ولكن نبحث عن أساليب جادة للمواجهة يأتي في مقدمتها وجود قائمة أو ائتلاف وطني قوي موحد يضم القوي الوطنية الحقيقية بشرط وجود معايير للاختيار والبعد عن أسلوب "الحصص" الذي يسود في اختيار القوائم التي تم الاعلان عنها حتي الآن. * د. كريمة الحفناوي الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري تري بداية أن الحكومة المسئول الأول عن هذه التخوفات التي تدور حول البرلمان القادم لأنها من البداية لم يكن لها موقف قوي بتطبيق دولة القانون في مواجهة من أجرموا قبل ثورة 25 يناير سواء بالفساد والإفساد أو قتل المتظاهرين كذلك بعد ثورة 30 يونيو لم تسع ممثلة في حكومة د. الببلاوي في سرعة اعتبار الإخوان جماعة إرهابية وتطبيق العدالة الناجزة عليها وكان هذا الموقف الصارم في مواجهة هاتين الطائفتين كفيلاً بالحد من تأثيرهما علي الانتخابات القادمة حيث كان سيتم تحجيم أدوار مجموعة المصالح من أعضاء الوطني السابقين وكذلك كانت ستمنع المتاجرين بالدين من البقاء في المشهد. أضافت أن القوانين التي تم اعدادها قبل هذه الانتخابات ساهمت في هذا المأزق من خلال قانون تقسيم الدوائر الذي جعل الدوائر متسعة بشكل مبالغ فيه مما يجعل من الصعب علي القوي الصاعدة أن تلعب دوراً مؤثراً في 80% من مقاعد البرلمان التي تم تخصيصها للفردي. استطردت قائلة: ولكن هذا لا يجب أن يجعل القوي الوطنية تستسلم فمازالت الفرصة لديها قائمة حيث يجب أن تسارع الأحزاب التي تشترك في الأهداف والأفكار في الاندماج في حزب كبير حتي يكون لدينا تيارات كبيرة ورئيسية سواء كانت يسارية أو ليبرالية أو ناصرية أو حتي رأسمالية وطنية وتستطيع هذه التيارات الرئيسية مواجهة محاولات البعض لاختطاف البرلمان القادم. أضاف إذا تعذر هذا الأمر بسبب ضيق الوقت علي موعد الانتخابات المقرر فعلي الأقل يجب ألا تسعي القوي الوطنية لتكوين اعداد كبيرة من القوائم الانتخابية حتي لا يتم تفتيت الأصوات واعطاء الفرصة للقوي المضادة للثورة للتواجد مرة أخري في المشهد فصحيح أن الشعب ثار علي الوطني والإخوان وازالهما من السلطة في سابقة لا تتكرر كثيراً إلا أننا يجب أن نقدم للشعب البديل عن الوجوه القديمة ومن الأفضل أن تكون هناك قائمة وطنية واحدة تجمع كل هذه القوي. أشارت إلي أن تحقيق ذلك مرهون بأن يكون الموجودين سواء في القائمة الموحدة أو حتي القوائم القليلة التي يجب اعدادها من الأشخاص الذين لا تشوبهم شائبة بمعني أن تكون مصلحة الوطن هي الأساس وليس المصالح الشخصية أو الحزبية كذلك يجب استبعاد القوي المضادة للثورة من هذه القوائم حتي لا نعطيها الفرصة للنفاذ إلي البرلمان تحت أي مسمي من المسميات. أين الأحزاب ؟! * البدري فرغلي عضو مجلس الشعب السابق يؤكد أن هناك مأزقاً شديداً الخطورة يتعرض له الشعب من خلال برلمانه القادم من جانب كل القوي المعادية له والتي تتحين الفرصة للانقضاض عليه مرة أخري وهذا الخطر الشديد يعود إلي أن الأحزاب السياسية ظلت أكثر من 30 عاماً محاصرة داخل مقراتها ومحظور عليها العمل الميداني أو التعبير الحقيقي عن الرأي وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أن هذه الأحزاب أصبحت غير موجودة كقوي جماهيرية قادرة علي التعبير عن الشعب ومن ثم فالبرلمان القادم سيكون ملكاً لم يمتلكون المال السياسي القادر علي السيطرة. أضاف أن هناك عدداً محدوداً من رجال الأعمال ذوي السطوة في الداخل والخارج الذين يقودون تشكيل البرلمان القادم والخطر أنهم لا ينتمون للرأسمالية الوطنية التي لا استغناء عنها ولكنهم ينتمون إلي الرأسمالية المتوحشة التي تسود الوطن الآن والخطر الأكبر أن بعض هؤلاء استطاع السيطرة علي بعض الأحزاب ويمنح البعض الموافقة علي الترشح ويمنع الآخر من الترشح وأعلنوا صراحة أنهم لن يمولوا أي مرشح لا يوافقون عليه. أكد أن الجماهير وقعت الآن بين رحي المتأسلمين والفاسدين والفريق الأول يروج لأن اختفاءهم من المشهد يعني عودة الفساد والمفسدين والثاني يروج لأن عدم انتخابهم يعني عودة الإخوان بكل شرورهم وخطاياهم الفادحة في حق الوطن واستمرار الإرهاب وعلينا أن نكون واعين لذلك ولا ننخدع بوجود خلافات بينهم لأنهم في النهاية يمثلون فكراً واحداً يسعي للانقضاض علي الشعب. أوضح فرغلي أن الفرصة الوحيدة والأمل الباقي أمامنا حتي لا يفقد الشعب برلمانه يتحول لبرلمان رجال الأعمال يشرعون ويفرضون توجهاتهم يتمثل في الشباب والمرأة المصرية فهما الدينامو لكي لا تتحقق هذه المخططات المرعبة للبرلمان القادم ويكون أن يكون الشباب والمرأة في الطليعة والمقدمة لغرض ارادة الشعب بعد أن تخلت الأحزاب عن القيام بهذا الدور. أعلن أنه قرر عدم الترشح للبرلمان ليس هروباً ولكن لأن لديه قناعة بأنه ينتمي لبرلمان الشارع الأقوي والأكثر نفوذاً وتأثيراً ولأنه لا يريد أن يشارك في أعمال هذا البرلمان لأنه يعلم مقدماً أن الشعب لن يرضي عن أداء هذا البرلمان بعد تشكيله ولن يستغرق بقاؤه أكثر من شهر. الدعم الخارجي * د. سمير غطاس رئيس مركز الشرق للدراسات السياسية والاستراتيجية يري أن البرلمان القادم يمثل الأخطر في تاريخ مصر السياسي بسبب الدستور الحالي الذي انتقص بشكل كبير من سلطات رئيس الجمهورية علي غرار الدستور الفرنسي وأفرد في سلطات البرلمان ومجلس الوزراء وتناسي من وضعه أن لكل دولة ظروفها وخصوصيتها وهو ما قد يجعل من البرلمان القادم سبباً في اعاقة مسيرة الدولة نحو المستقبل. أضاف أنني أتوقع أن تحاول 3 جهات أساسية اختطاف البرلمان القادم وأولهما فلول الحزب الوطني بكل فساده من الربح السريع والتزاوج بين المال والسلطة وما يملكونه من مال سياسي وثانيهم بعض المتأسلمين سواء من الجيل الثالث أو الرابع للإخوان الذين يرفضون الرضوخ لرأي الشعب الذي لفظهم أو كوادر حزب النور وثالث هذه الجهات أصحاب بعض الأجندات الخارجية الذين ظهروا علي السطح بعد ثورة 25 يناير التي شهدت اختراق لمصر بصورة كبيرة علي المستوي السياسي. أكد أنه لا سبيل أمامنا إلا بإنشاء ائتلاف سياسي ينتمني حقيقة إلي الشارع ويضم أغلب القوي الوطنية المؤيدة ليناير ويونيو واستبعاد كل القوي الرافضة لتطور وتقدم المجتمع ونجاح هذا الائتلاف مرهون بأن يضم ممثلين عن كل فئات المجتمع وأن يتم اختيار المرشحين علي أسس موضوعية وعقلانية بعيداً عن أسلوب "الحصص" الذي تعاني منه معظم الائتلافات الحالية بغض النظر عن قدرات المرشح في التشريع ورقابة السلطة التنفيذية. احباط الشباب * د. طارق زيدان عضو ائتلاف ثورة يناير ورئيس ومؤسس حزب الثورة المصرية يري أن هناك مخاطر كبيرة تحيط بالبرلمان القادم يأتي علي رأسها تسلل عناصر من الإخوان إليه والثاني سيطرة ما يعرف بالمال السياسي علي الانتخابات وبالتالي نجاح عدد كبير من أصحاب المال المرتبط بالفساد سواء كان منتمياً إلي الحزب الوطني السابق أو إلي أيل فصائل أخري والخطر الثالث هو أن يصل نتيجة ذلك إلي المجلس كوادر لا تتمتع بأي رؤية سياسية أو اقتصادية أو قانونية أي غير مؤهلين للقيام بمهام عضو البرلمان الذي ينتظر منه الناس الكثير. حذر من أن الوصول إلي هذه النتيجة سيمثل مشكلة كبري خاصة وأن الشباب يمثلون 60% من الشعب المصري وإذا شعروا أن البرلمان لا يمثلهم أو لا يعبر عن طموحاتهم مما يخلق لديهم أحباط لا نهاية له ويجعلنا نعود إلي المربع صفر خاصة وأن هناك قوي سياسية خارجية وداخلية تريد اشعال البلاد وخلق حالة من عدم الاستقرار. أوضح أن البرلمان القادم يأتي بعد ثورتين ومن ثم يجب أن يكون ترجمة حقيقية لمطالبهما وكي يتحقق ذلك هناك عدد من الخطوات والواجبات يجب أن نقدم عليها وهي: * توعية المواطن بالعناصر الإخوانية والمتأسلمة غير المعروفة له وتعريتها لأن ذلك سيجعل المواطن ينصرف عن اختيارهم من الأساس وحتي يفرض قيامه باختيارهم فهذا حقه بشرط ألا يخدع ويعرف اتجاهاته من البداية. * التنفيذ الصارم لقانون الدعاية الانتخابية قيما يتعلق بسقف الانفاق بحيث نضمن عدم سيطرة المال السياسي وأي شخص يتخطي هذا الحد حتي لو نجح يتم ابطال عضويته فليس مطلوباً فقد مراقبة التنفيذ ولكن الأهم العقاب لمن يخالف القانون. * الأحزاب الحقيقية المنتمية للشعب عليها دور هام في اختيار الشخصيات المرشحة الصالحة للمرحلة ولكن للأسف معظم الأحزاب تمارس نفس أسلوب الحزب الوطني في ذلك الأمر من خلال اختيار المنتمين للعصبيات ورجال الأعمال بل أن بعض الأحزاب تحصل علي أموال من بعض الشخصيات للنزول علي القوائم الخاصة بها وهو ما يمثل حالة فساد جديدة سواء للبرلمان أو الحزب نفسه. قائمة وطنية واحدة أكد أن التجمع حول قائمة وطنية واحدة أسهل طريق لضمان مستوي البرلمان القادم ويمكن أن تجربة تونس والتكتل وراء قائمة واحدة هي نداء تونس والتي نجحت في اسقاط المتطرفين صالحة لتكرارها في مصر ولكن شرط نجاح ذلك ان يكون الجميع علي قدر المسئولية وتخلص النوايا ولكن للأسف الأوضاع الحالية تؤكد عكس ذلك فالكل يريد قطعة من الكعكة وينافسون علي مجلس النواب وينسون أن هذا الصراع لا قدر الله يمكن أن يؤدي ألا يكون هناك وطن. * أحمد زعيتر عضو ائتلاف ثورة 25 يناير يؤكد أنه بعد ثورة يناير وما تبعها من حراك سياسي وزخم ديمقراطي غير مسبوق جعل المواطن البسيط برؤية ونظرة متعمقة للأمور تمكنه من أنه يستطيع أن يختار المرشح المناسب الذي يستطيع المشاركة في صياغة المستقبل بصورة أكبر بعيداً عمن يستغل الذقن والجلباب للحصول علي صوت الناخب أو شراء صوته مقابل المال وهذا ما اراهن عليه في المرحلة القادمة. أضاف أن هذا الوعي الذي نراهن عليه لا ينفي أن هناك فئات من أصحاب المال السياسي ستحاول استغلال الحاجة المادية للمواطن لشراء صوته وكذلك السيطرة عليه من باب الإيمان والجنة والنار ولكن في النهاية من سينجح في اقناع المواطن بذلك ستكون اعداد قليلة لن تستطيع أن تسيطر علي البرلمان القادم وتقوده إلي ما تريد. أوضح أن الدولة يجب أن تساعد المواطن في عدم الوقوع في الفخ الذي ينصب له من جانب بعض الفئات وذلك من خلال طريقين الأول التوعية والندوات خاصة في القري حيث انهم أكثر سهولة للوقوع فريسة في يد هؤلاء وفي نفس الوقت تعمل علي سد احتياجاته الأساسية ليستطيع مواجهة ما يحاك له فليس مطلوباً أن يلعب المواطن دور المقاومة وحده ويرفض الاغراءات الشديدة التي تقدم له للحصول علي صوته. أيضاً لا غبار علي المشروعات القومية العملاقة التي تجري علي أرض مصر فهي ذات أهمية غير محدودة مثل مشروع قناة السويس الجديدة واستصلاح ال 4 ملايين فدان والتي ستغير وجه الحياة في مصر سواء في المستقبل القريب أو البعيد ولكن في نفس الوقت علي الوزراء والمحافظين أن يكونوا أكثر حركة في تلبية مطالب المواطنين واحتياجاتهم حتي نساعدهم في اختيار النائب بتجرد وبدون ضغط أو تأثير من أي فصيل. توزيع التورتة * محمد نبوي المتحدث الرسمي لحركة تمرد يؤكد أن الخطورة الأكبر تتمثل في أن الغالبية من القوي الموجودة علي الساحة تسعي لتقطيع تورتة البرلمان والحصول علي أكبر قطعة ممكنة منها ولذلك طفت علي السطح ما يقرب من 4 قوائم رئيسية بينما لا يوجد أي نوع من التنسيق علي المقاعد الفردية التي تمثل الأغلبية وهذا سيؤدي بدورة إلي أن البرلمان سيأتي خالياً مما يعرف بالأقلية أو الأغلبية بل سيكون عبارة عن مجموعات صغيرة متفرقة ليس بينها أي تناغم. أرجع السبب الرئيسي في ذلك إلي أن معظم الشخصيات التي نزلت إلي الميادين أثناء ثورتي 25 يناير و30 يونيو ورفعت علم مصر لم يكن هدفهم الوطن بل المصالح الشخصية وعندما جاء خطوة البرلمان في خارطة المستقبل رأينا التناحر والصراع من أجل الكرسي. أضاف أن رجال الأعمال أو ما يطلق عليهم المال السياسي وأغلبهم من المنتمين لنظام مبارك تصوروا أن انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي يمثل عودة لنظام مبارك بفساده وشروره وعندما خاب ظنهم بدأوا في التحرك ضد الثورة والدفاع عن مصالحهم واطلاق الشائعات التي تهدد استقرار الوطن والاختلاف حول الشخصيات التي يمكن أن يكون عليها إجماع من القوي الوطنية. أبدي التشاؤم من البرلمان القادم مؤكداً أن المعطيات علي الساحة تؤكد أنه لن يأتي معبراً عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو فوقت التنسيق بين القوي الوطنية قد فات أوانه وأنه ليس أمامنا سوي الدعاء بأن يجنب مصر هذا المأزق الخطير حيث كنا نتمني أن يأتي البرلمان في صورة أفضل من المتوقعة ومعبراً عن الشعب.