بعد سلسلة من التفجيرات التي حدثت في مصر خلال الآونة الأخيرة والحواث الإرهابية التي أصبحنا نشاهده يوميا وظهور تنظيمات عديدة تدعو للجهاد والقتل باسم الدين مثل تنظيم داعش وبيت المقدس وأصبحت هذه التنظيمات تتسلح بأسلحة ثقيلة وصواريخ وقنابل شديدة الانفجار والاشتعال. إلا اننا لم نجد إلا افلاما تعد علي أصابع اليد تتناول هذه القضايا. استطلعت "المساء" آراء بعض السينمائيين والنقاد حول دور السينما في مواجهة الإرهاب ودور الدولة في توعية الجمهور وهل بالفعل عبرت السينما عن هذه النماذج الإرهابية بشكل مكثف علي استحياء؟ * السيناريست فيصل ندا قال: السينما مهتمة بقضايا المجتمع منذ بدايتها ولم تتأخر أبدا في التعبير عما يتواجد في الواقع وظهر ذلك منذ فيلم رد قلبي حتي أفلام حرب اكتوبر المجيدة وأيضا عادل إمام ووحيد حامد ولكن للأسف خلال السنوات الثلاث الماضية اتخذت طريقا اخر واهتمت بقضايا الراقصة والبلطجي. أضاف وهذا يرجع لاختلاف الثقافة لدي المواطنين حيث بدأت أعمال منفصلة تماما عن الواقع تظهر في الساحة الفنية لذلك لابد من وجود دور للدولة من خلال قطاعات تقدم انتاجها سواء التليفزيونية أو السينمائية. أشار ندا إلي أن لديه مسلسلاً بعنوان "الأزبكية" منذ عام 2004 ولكن الرقابة رفضته حيث قال: عندما تقدمت بهذا المسلسل الذي يناقش عدة قضايا ارهابية وجدت رفضا كبيرا داخل الرقابة بحجة انهم لا يريدون أن يشغلوا المواطنين بهذه الأفكار ولكن للأسف عاد إليهم الإرهاب من جديد بوجهه القبيح. * أكد المنتج محمد العدل ان السينما حاولت ان تناقش قضايا الإرهاب ولكن هذه المناقشة لم تكن مفيدة قائلا: الإرهاب فكر ويجب محاربته بالفكر وليس عن طريق تجسيد شخصية إرهابي فيكرهه المواطنون حيث وجدنا عددا من الأفلام التي تناقش قضية الإرهاب بهذا الأسلوب مثل فيلم طيور الظلام الذي أوضح سيطرة بعض الجماعات علي المجتمع مع فلول الدولة. أضاف: الفن جزء من حياتنا وجزء من تكوين الإنسان فالعامل البسيط يتغلب علي ارهاقه في عمله من خلال غنائه لأغنية بسيطة أثناء قيامه بعمله ولكن الأعمال الفنية لا تكفي للتغلب علي قضية الإرهاب في مصر الآن. أشار العدل إلي أن انسحاب دور الدولة من دعم المسارح والمدارس والأنشطة الثقافية والفنون الشعبية حيث كان الجمهور يتثقف منها ويكون أراءه مما أدي إلي ظهور البدائل كالشيوخ علي المنابر في زوايا الجوامع وشحن الجمهور بأفكار خاطئة. * أوضح المنتج محمد حسن رمزي ورئيس غرفة صناعة السينما ان فيلم "الجزيرة 2" من أكثر الأفلام التي عبرت عن الإرهاب بكل صدق وموضوعية حيث قال: الفيلم اظهر مدي النصب الذي يقوم به مستخدمو الدين حيث انهم اشخاص "افاقة" يلهثون وراء مصالحهم. اضاف: وبصفتي رئيس غرفة صناعة السينما اتفقت مع جميع المنتجين وصناع السينما علي أن تحتوي أعمالهم علي نقاط ايجابية واهداف بعيدة عن الرقص والبلطجة لأننا نريد ان نربي نشئا صالحا لديه قدر كاف من القيم. أشار إلي أن دور الدولة معاون لغرفة صناعة السينما وذلك من خلال عودة الثقافة مرة أخري والاهتمام بمسارح المدارس وتنمية الحس الفني لدي الجمهور منذ الطفولة وبعد ذلك يأتي الدور الأكبر علي الغرفة لأنها هي المسئول الأول والأخير عن الصناعة نفسها. * أكد المخرج مجدي أحمد علي. علي أن السينما لم تتبن قضايا الإرهاب بشكل كاف وجميع الأعمال التي تم تقديمها كانت متواضعة جدا وليست حقيقية حيث قال: للأسف الإرهاب موجود ويزداد يوميا ومع ذلك لن نجد ان الدولة ساعدت أو كلفت أحد المخرجين أو المؤلفين بتقديم أعمال تجسد هذه الظاهرة. أضاف: كما انني لدي عملان سينمائيان ومضمونهما عن قضايا الإرهاب ولكن نظرا لعدم حماس المنتجين لم يخرجا للنور حيث لا توجد مساندة وتكاتف بين الدولة والصناع. * أشار المخرج نادر جلال إلي أبرز من قدم هذه النوعية من الأعمال السياسية التي تناقش قضايا الإرهاب قائلا: لم نخف يوما من مواجهة الإرهاب بل علي العكس رؤيتنا الحقيقية كانت في الوقوف أمام هذه الجماعات الإرهابية والتصدي لها بشراسة حتي قام الارهابيون عام 1992 باهدار دمي وكنت أعيش مع عائلتي في تهديد مستمر لكنني لم أخف يوما بل علي العكس كل ذلك كان يؤكد انني أسير في الطريق الصحيح ادافع عن بلدي واحميها بسلاحي وهو الكاميرا. اعترف جلال بوجود تقصير من صناع السينما في التركيز علي الإرهاب الأسود قائلا: أنا علي استعداد ان اقدم أي عمل يكشف تلك الجماعات لكن أين السيناريو الذي يساعدني علي ذلك؟ وأين الإنتاج الذي يقدم هذه النوعية من الأعمال؟ فحتي حرب أكتوبر لم يقدم عنها أفلام أخري بعد فيلم الرصاصة لاتزال في جيبي فللأسف الانتاج السينمائي يحتاج إلي استفاقة للعودة لتقديم الأعمال الجادة التي تقدم رسالة جريئة. * وأكد الناقد طارق الشناوي ان السينما عبرت بالفعل عن قضايا الإرهاب واصفا أغلب الأعمال ب "الرديئة" والتي كانت تستغل الإرهاب لعمل افلام تجارية فقط. قال الشناوي: مسلسل "العائلة" للسيناريست وحيد حامد حاول رصد هذه الظاهرة في وقت مبكر جدا وأيضا فيلم "الأبواب المغلقة" وأيضا فيلم "الإرهاب والكباب" الذي عبر عن الظاهرة بخفة دم من أبطاله فهؤلاء الأعمال نماذج جيدة ساهمت به السينما في هذه الضية. أما عن دور الدولة فقال: علي الدولة ان تدعم صناعة السينما من الأساس وأن يكون دعمها حقيقيا وتكون متفاعلة بلا تقاعس حتي توصل رسالتها وهدفها للجمهور بالفن الأصيل.