بدأت حكومة الخرطوم جولة جديدة من التحركات لكسر العقوبات الاقتصادية الظالمة التي تفرضها واشنطن علي السودان منذ عام 1997 ولاتزال الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجددها عاماً بعد عام حتي الآن. نشطت هذه التحركات عقب مبادرة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخراً عندما أجري اتصالات بنظيره السوداني "علي كرتي" لبحث سبل دفع العلاقات بين البلدين فاعتقد البعض ذلك بمثابة استعداد من جانب واشنطن للوصول الي اتفاق لرفع العقوبات. رغم أن هذا الاتصال سبقه معاودة تجديد العمل بالعقوبات علي السودان في الموعد السنوي لإنتهاء العمل بها. ومابين مبادرة كيري وإعلانه صراحة بأن واشنطن تريد تفاوضا ينتهي بنهاية سعيدة. وشكوك الشارع السوداني في النوايا الأمريكية. يبقي السؤال هل تصبح الوعود الأمريكية برفع الحظر الإقتصادي واقعاً. يقول المحللون أن السودان تقدمت مؤخراً وبعد عشر سنوات بطلب رسمي للولايات المتحدة بفك تجميد الأرصدة المحجوزة لدي المصارف الأمريكية منذ عام 1997. حيث ظل السودان يعاني لسنوات مضت من التعقيدات التي خلفتها العقوبات الإقتصادية الأمريكية. التي أحدثت أثراً مباشراً علي القطاعات الحيوية كافة علي غرار "الصناعة والسكك الحديدية" الذي خسر ما يقارب من "80%" من طاقته السنوية. بالإضافة إلي الحظر الذي تم فرضه علي قطع غيار الخاص بقطاع الطيران و الذي تسبب في انهيار الناقل الوطني "سودانير". وتشير التقارير إلي أن بداية سريان العقوبات الأمريكية الأحادية بدأت منذ عام 1988عقب تخلف السودان عن سداد خدمات ديونة قبل أن تتصعد العقوبة في عام 1990 بحرمانه من المعونات الخارجية وفرض الحظر عليه من تلقي أي مساعدات لإعادة هيكلة ديونه الخارجية العالقة. وكانت القاضية التي قصمت ظهر السودان عقب اتهامه برعاية الإرهاب في عام 1993 وإخضاعه لسلسلة من العقوبات نتيجة لهذا الاتهام. وحسب مراقبين للشأن الاقتصادي السوداني. فإن نسبة الخسائر التي يواجهها السودان جراء الحظر تفوق ال "4" مليارات دولار سنويا. بجانب توقف الصناعات الهامة بالبلاد. فضلا عن تأزم الموقف الاقتصادي والذي ظهرت ملامحه القاتمة عقب انفصال جنوب السودان. وتضاؤل إنتاج السودان من البترول وتراجع عائدات العملات الأجنبية. وطالب السودان الأسبوع الماضي. أمريكا السماح له باستيراد قع غيار لطائرات الخطوط الجوية السودانية تحديدا والسكة الحديد التي تعتمد علي احتياجاتها من السوق الأمريكية مباشرة. ورفع الحظر عن نشاط البنوك المتخصصة التي تخدم أهدافها قطاعات كبيرة من المواطنين مثل البنوك الزراعية. وتعهدت أمريكا للسودان بالنظر في الطلبات التي دفعت بها حكومة السودان. فكان أول اجتماع جمع الحكومة السودانية والأمريكية بعد 10 سنوات مع مكتب الأصول الخارجية "الأوفاك". وهي الإدارة المسئولة عن تنفيذ العقوبات التي تفرضها أمريكا علي الدول. وناقش الجانبان إمكانية الاستفادة من صلاحيات الاوفاك في استثناء عدد كبير المؤسسات السودانية التي تأثرت بالعقوبات. ويري خبراء اقتصاديون بالسودان أن أمريكا بدأت بتغيير سياستها إيجابياً تجاه السودان. وأن هناك مؤشرات جيدة قد تكون بداية تعامل بنوايا حسنة. لكن البعض يبدي تخوفه من أن يكون هناك ثمن مطلوب من السودان مقابل ذلك. وهم يقصدون قضية إقليم ابيي الغني بالبترول والذي يقترب موعد التصويت حول وضعه بالبقاء ضمن السودان أو بتره كما حدث مع الجنوب وضمه إلي الجنوب.