أكد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الأسبق أنه علي ثقة بأن مصر ستستعيد قوتها ومكانتها قريباً جداً وأسرع مما تتصورون. مشيراً إلي أنه جمعه لقاء مع "كونداليزا رايس" وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في أسوان عندما كان وزيراً للخارجية وأشار من نافذة الفندق الذي تقيم فيه قائلاً: أتشاهدين صخور الجرانيت التي لم تتأثر بمياه البحر التي تضربها منذ ملايين السنين.. وواصل كلامه: المصريون أشد صلابة من تلك الصخور. جاء ذلك خلال الندوة التي قدمها ضمن فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب في مركز إكسبو الشارقة تحت عنوان "قراءة في كتاب.. شاهد علي الحرب والسلام" بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلي حاكم الشارقة. تناول أحمد أبوالغيط في بداية الندوة الظروف التي واكبت تأليفه الكتاب وكذلك كتابه الآخر "شهادتي" وقال إنه ترك وزارة الخارجية في الخامس من مارس 2011 وقرر بعدها بثلاثة أشهر أن يتفرغ للعمل علي هذين الكتابين معاً. مشيراً إلي أن كتاب "شاهد علي الحرب والسلام" يتناول العملية الدبلوماسية وعلاقتها بالحرب. وصولاً إلي تحقيق الهدف السياسي. مضيفاً أنه يؤمن شخصياً بأن السياسية والدبلوماسية وجهان لعملة واحدة. قال: الكتاب لا يؤرخ لحرب أكتوبر. ولكن لما شاهدته وسمعته وعاصرته من خلال عملي. وجاءت فكرته عندما تأكدت أن الحرب أصبحت أمراً واقعاً فقررت أن أسجل تفاصيل ما يدور من جلسات واجتماعات واتصالات في دفاتر صغيرة علي شكل ملاحظات كي تبقي في ذاكرة الأجيال القادمة. أشار إلي أنه قبل 41 عاماً وتحديداً في السابع من نوفمبر 1973 التقي هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي لأول مرة مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات واتفقا علي فض الاشتباك الأمريكي المصري. والبدء بحل الصراع تدريجياً مع إسرائيل. أضاف أنه قبل حرب 1973 كان هناك جهد مصري كبير لإقناع الولاياتالمتحدة بحل الصراع دون اللجوء إلي الخيار العسكري ولكن إسرائيل واصلت تعنتها رغم صدور القرار 242 في نوفمبر 1967 بانسحابها من "أراض احتلتها في النزاع الأخير" وجاء حذف "أل" التعريف متعمداً في صياغة القرار بنسخته الانجليزية من أجل إفساح المجال أمام إسرائيل للتلاعب بالقرار. وهذا ما كان. مضيفاً أن مصر قررت استرداد حقها بالقوة. فتجهزت واستعدت جيداً للحرب دون أن تغلق الباب أمام محاولات الحصول علي دعم أمريكي حول ذلك القرار الشهير. أشار إلي أن الاجتماع السري الذي عقد بين كيسنجر ومحمد حافظ إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية لشئون الأمن القومي آنذاك تضمن استعداداً أمريكياً لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي علي مراحل لكن مصر كانت ترفض سياسة المراحل لأنها غير فعالة. واشترطت انسحاباً كاملاً وفي إطار زمني محدد. قال إن قرار الحرب اتخذ في 30 سبتمبر 1973 خلال الاجتماع الذي عقد في مجلس الأمن القومي. بمشاركة عدد من القادة العسكريين وقادة المؤسسات الأمنية في مصر. واصل أحمد أبوالغيط رواية تفاصيل ملحمة الحرب والسلام. قائلاً إنه مع بدء الحرب في السادس من يونيو اتصل كيسنجر مع محمد حسن الزيات وزير الخارجية قبل ساعة واحدة من انطلاق أولي قذائف المعركة وأكد له أن إسرائيل ليست لديها نية لعمل عسكري. وبعد أن بدأت الحرب أعاد كيسنجر الاتصال طالباً من مصر إعادة قواتها والعودة إلي مواقعها وإلا سيصيبها الدمار والخراب كما طالب الاتحاد السوفيتي مصر بضرورة إيقاف الحرب. لتجتمع الولاياتالمتحدة والاتح اد السوفيتي ضد مصر وكان رد مصر بانتصار ساحق في المعركة. أشار إلي أنه التقي ب"كيسنجر" بعد عدة سنوات عندما أصبح مندوباً دائماً لمصر بالأمم المتحدة وقال له إن تحذيره كان السبب في التعجيل بموعد الحرب وهو ما أصابه بالانزعاج. وصف أبوالغيط مشاعره آنذاك فقال إنه كان متوجساً من موقف سوريا وما إذا كانت ستشارك فعلاً إلي جانب مصر في الحرب. مضيفاً أنه لم يشعر بالراحة إلا عندما رأي الطيران السوري يضرب القوات الإسرائيلية في الجولان. نفي ما يردده البعض من كلام ساذج بأن تكون الحرب مدبرة قائلاً: لا يوجد أحد يدبر حرباً. والدم ليس رخيصاً. كما ليس صحيحاً أيضاً أن مصر أبلغت الولاياتالمتحدة وإسرائيل بالحرب فلا يوجد دولة تخبر عدوها بخططها. أكد وزير الخارجية الأسبق أن الدول العربية وقفت إلي جانب مصر قولاً وفعلاً مشيداً بمواقف الملك فيصل والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه. مشيراً إلي أن مجريات الحرب فاجأت إسرائيل وأثبتت عجزها عن فعل أي شيء. أضاف أنه خلال الفترة من 1975/1977 حاول السادات الضغط علي الولاياتالمتحدة بشأن التسوية خاصة أن السوفييت عملوا علي منع تدفق السلاح إلي مصر لكن مع كل ذلك تمكنت القوات المصرية من فعل المستحيل ودمرت 1000 دبابة إسرائيلية علي الجبهة المصرية. قال أبوالغيط إن اتفاقية السلام التي وقعتها مصر عام 1979 ونفذت علي مدار ثلاث سنوات حتي عام 1982 نتج عنها تحرير سيناء بالكامل لتتحقق رؤية المشير محمد حافظ إسماعيل للعمل العسكري المصري والذي يتمثل في ضرورة المزاوجة بين العمل الدبلوماسي والعسكري في الحرب حيث كان الهدف من الحرب هو تحريك عملية السلام بما يؤدي إلي استعادة حقنا. وهو ما تحقق فعلاً علي أرض الواقع. وفي نهاية الندوة عبر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عن شكره لوزير الخارجية الأسبق علي عرضه الواضح وسأله عن الذي جري للفريق الشاذلي في تلك الفترة؟ فأقر أبوالغيط بوجود خلاف تاريخي بين سعد الدين الشاذلي ومحمد حافظ إسماعيل. مؤكداً أن السادات قرر أن يحتفظ بالقائدين معاً لنبوغهما العسكري. خاصة أن الفريق الشاذلي كان يتمتع بعقلية عسكرية رائعة.