ما من يوم يمر علي مصر ألا وتقع حوادث طرق رهيبة يروح ضحيتها عشرات القتلي ومئات المصابين.. وقد عجزنا سلوكيا ومروريا عن محاولة ضبط هذه الحوادث أو علي الأقل تراجعها عن معدلها ولو بنسبة صغيرة. وبالأمس القريب تعرضت طالبتان من مدرسة غمرة الثانوية الزراعية بمحافظة الدقهلية لمأساة انسانية مروعة بعد انتهاء اليوم الدراسي.. حيث كانت الطالبتان تمران علي خط السكة الحديد فسقطتا عليه وتصادف مرور القطار رقم 236 القادم من الزقازيق في طريقه إلي طنطا واثناء سقوطهما طالت عجلاته أطراف الطالبتين مما أدي إلي بتر ساقي احداهما وبتر ذراعي الثانية!! مأساة بحق.. ولو كانت الفتاتان قد راحتا ضحية الحادث لكان أهون من أن تعيش احداهما بدون ساقين والثانية بدون ذراعين.. أية حياة.. وأي عجز يمكن أن تشعر به الفتاتان بعد أن ضاقت بهما الدنيا وحصرتهما في عجز كلي طوال الحياة. لكن السؤال هنا.. من المسئول عن وقوع هذا الحادث؟! هل كانت الطالبتان تمران من مزلقان محدد وسقطتا علي القضبان الحديدية؟! أم كانتا تمران من منطقة بعيدة عن المزلقان وحدث ما حدث؟! إذا أخذنا بالفرض الأول.. وكانتا تمران من المزلقان.. فلماذا لم يتم غلقه في وجوه العابرين منه لحين مرور القطار؟! وأين الحارس الذي يوصد المزلقان ويفتحه؟! أما إذا أخذنا بالفرض الثاني.. وهو أن الطالبتين حاولتا اختصار الطريق ومرتا من فوق القضبان من مكان غير المزلقان وتصادف سقوطهما فالأمر يعود إليهما؟! وكيف لم ينتبها إلي قدوم القطار في الوقت الذي سقطتا فيه؟! ولماذا لم يسلكا الطريق الصحيح؟! قلبي وكل مشاعري مع الطالبتين آمال محمد سعد وأم هاشم رشدي اللتين فجعتا بهذا الحادث الأليم وهما في زهرة الشباب ومقتبل العمر. ودعاء إلي الله سبحانه أن يلهمهما الصبر علي ما هما فيه وأن يعينهما علي استئناف حياتهما بالأجهزة التعويضية. إن الإنسان في مصر ليكاد يصاب بالاكتئاب من كثرة الحوادث وفواجعها علي الطرق.. وكثير منها يتسبب فيه السائقون وقائدو السيارات الذين لا يقدرون المسئولية نتيجة للجهل والادمان وعدم مراعاة آداب الطريق. إن طرق السفر الطويلة تحتاج بين وقت وآخر للصيانة وتوسيعها لاستيعاب حركة السيارات بينما هي علي ما هي عليه منذ إنشائها.. كما تحتاج إلي اشراف مروري لضبط المخالفين وخاصة سيارات النقل التي تصر علي السير في الحارة الشمال رغم تحذيرات المرور. أما السكة الحديد فاعتقد ان امامها زمنا طويلا لكي تطور نفسها وقطاراتها وتضبط مزلقاناتها واشاراتها قبل أن تنطلق القطارات للمرور عليها. إن شبكة السكة الحديد في مصر هي ثاني شبكة علي مستوي العالم.. ونتيجة للاهمال وسوء الإدارة لم يلحقها أي تطور طوال تلك السنوات. وكان الأولي بنا أن نكون من اعظم شبكات القطارات علي مستوي العالم.