وجدتها إسرائيل فرصة لتبدأ مرحلة جديدة في تنفيذ مخططها للاستيلاء علي المسجد الأقصي وتهويده.. فالعرب مشغولون بحروبهم الداخلية.. والمسلمون حول العالم منقسمون ومشتتون ومحاصرون في سجن "الإرهاب".. وبالتالي رأت إسرائيل أن اللحظة التاريخية مناسبة تماماً لتضرب ضربتها.. وتتقدم خطوة علي طريق تهويد الأقصي. خلال الأسبوع الماضي فرضت قوات الاحتلال حصاراً مشدداً علي ساحة المسجد وأغلقت بواباته.. ومنعت الأهالي من دخوله للصلاة فصلوا في الشوارع المحيطة.. وفي اليوم التالي اقتحم نائب رئيس الكنيست وبرفقته عدد من المستوطنين المتطرفين وقياداتهم ساحة المسجد وسط حراسة مشددة من قوات الاحتلال.. وبالطبع اندلعت مواجهات عنيفة بين هذه القوات والمصلين المعتكفين في باحات الأقصي الذين يطلقون علي أنفسهم اسم "المرابطون". هؤلاء المرابطون من أهالي القدس القديمة هم وحدهم المنوط بهم حماية المسجد الأقصي في مواجهة المتطرفين اليهود والمستوطنين والشرطة الإسرائيلية.. وهم لا يحملون سلاحاً ولا حتي حجارة.. ولكن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لكي تختلق ذريعة للاعتداء عليهم وطردهم ادعت أن لديها معلومات بأن ملثمين فلسطينيين يستعدون لشن هجمات علي الشرطة انطلاقاً من المسجد.. وسوغت لنفسها أن تقتحم عليهم صلاتهم واعتكافهم وتنهال عليهم بالضرب المبرح وتطلق عليهم الغازات السامة والدخان حتي تخرجهم من المسجد وتخلي الساحة تماماً للمقتحمين. وتصاعدت المواجهة فقطعت قوات الاحتلال الكهرباء عن المسجد ومنعت مسئولي وموظفي الأوقاف من الدخول.. ورفضت رفع الأذان.. وأمرت أصحاب المحلات المحيطة بغلق محلاتهم ومغادرة المنطقة حتي ينتهي المتطرفون اليهود من شعائرهم الاستفزازية بمناسبة عيد العرش العبري. وطرحت سلطات الاحتلال عرضها مرة أخري بتقسيم ساحة المسجد بين المسلمين واليهود زمانياً أو مكانياً.. زمانياً بأن يكون لكل فريق الحق في التعبد داخل المسجد لأيام معدودة.. أو مكانياً بأن يتم تقسيم ساحة المسجد بين الطرفين. وأطماع اليهود في المسجد الأقصي معروفة.. وهم ينفذون مخططهم في هذا الشأن خطوة خطوة.. بهدف هدم المسجد وإقامة ما يعرف ب "هيكل الجبل" مكانه.. وقد ادعوا من قبل أن المسجد أقيم علي أنقاض هيكل سليمان ولكن عمليات الحفر التي قاموا بها علي مدي عشرات السنين تحت المسجد كذبت هذه الادعاءات إذ لم يوجد أثر واحد يؤكد مزاعمهم. لقد أحرقوا المسجد من قبل.. وحفروا من تحته الأنفاق لخلخلة أساساته.. وهدموا بعض حوائطه وبواباته "بوابة المغاربة".. واقتحمه شارون مع بعض من قواته لتدنيسه.. واليوم يتكرر المشهد.. ويوضع الأقصي تحت الحصار.. يستغيث.. ولا مغيث إلا الله.