تفتقد لصوت عبدالحليم حافظ ليعبر عن عظمة الحدثإذا كان الأدب ينفخ الروح في جسد الأمة : أية أمة . ويحرضها علي الأخذ بزمام أمورها والتحرر من كل قيد . سواء أكان قيد الاحتلال أو التخلف أو الجهل أو التفكك .. فإن بعض الأحداث الكبري تسبق كل إبداع أدبي . وتتحول إلي مادة خصبة للتعبير وإلهام لاينفد لكل ذي حس ووعي ووجدان حي من المبدعين: شعراء وناثرين . هكذا كانت المشروعات القومية الكبري في تاريخ مصر . باعثة لفيض من الإبداع الشعري والقصصي والروائي . وإذا كانت هذه المشروعات الكبري : كالسد العالي وإنشاء الجامعة الأهلية والمصانع الكبري وشق قناة السويس القديمة وبناء حائط الصواريخ في حرب الاستنزاف . وكذلك الانتصارات الكبري والثورات 23 يوليو و25 يناير . و30 يونيو و6 أكتوبر .. إذا كانت جميعا سابقة إلي الوجود الواقعي بين الناس . فإن الأدب يحمل عبء تخليد هذه الأعمال الكبري قروناً . بل وآلاف السنين حين يزول أثرها المباشر علي عامة الناس . وتصبح صفحتة في تاريخ قديم .. ومازلنا نذكر حرب المعتصم العباسي للروم من خلال قصيدة ابي تمام "السيف أصدق أنباء من الكتب" وكذلك أحداث الثورة العرابية : تأييداً ورفضا من خلال أعمال البارودي ثم أحمد شوقي . والأحداث الوطنية الأخري عبر قصائد حافظ إبراهيم .. ثم سلسلة من الأعمال الإبداعية الوطنية في نصف القرن الأخير ليوسف السباعي ود. حسن فتح الباب ومرسي جميل عزيز وعبدالرحمن الشرقاوي وصلاح جاهين ومحمد التهامي وعبدالرحيم منصور وصنع الله إبراهيم وعبدالوهاب الأسواني .. وغيرهم. أين موقع قناة السويس الجديدة . بصفتها مشروع مصر القومي الآن . من هذا السياق الإبداعي الأدبي ؟ هل تحركت قريحة الأدباء . وخاصة في مجال الشعر والقصة القصيرة - الأسرع في الاستجابة - لرصد هذا الحدث . وأبعاده التاريخية والسياسية والوطنية . وموقعة من صراع مصر الراهن من أجل الحرية : داخليا وخارجيا . ومن أجل بناء ذاتها . ومن أجل عبور الكبوة الاقتصادية وماذا عن الرجال الصامدين الآن في موقع الحفر وفي مواجهة الشمس الحارقة . ومبادرتهم لهذا الكفاح فور إعلان رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي عن إطلاق المشروع؟ المفاجأة أن الحدث هذا كان له وقع سريع ومبكر جداً في نفوس الأدباء . فانبري الكثيرون منهم لإبداع أعمال قصصية وشعرية فيه . لا الأدباء المقيمون في منطقة القناة فقط كعبدالنبي شلتوت . بل في سائر أنحاء مصر - وربما خارج مصر كذلك من بعض الأدباء العرب - فكتب كل من محمد فوزي حمزة ورضا رمزي وأحمد فتحي محمد أعمالاً شعرية لهم. يشدون خلالها علي يد القيادة السياسية التي اتخذت القرار . ويحيون عمال مصر الأبطال الصامدين الآن في الصحراء لإنجاز هذه المهمة الوطنية. يقول رضا رمزي : أنتهيت من كتابة اوبريت بعنوان : "تحيا مصر" وسوف أخرجة كذلك علي المسرح . ويتناول العائد الاقتصادي والسياسي والإنساني من خلال حفر القناة الجديدة . مع استرجاع لتاريخ حفر القناة منذ أول تفكير في الربط بين البحرين الأبيض والأحمر في عهد الفراعنة . حتي ديلسبس . مروراً بالفتح الإسلامي . وبدعو الأوبريت رجال الأعمال والمواطنين بصفة عامة لدعم صندوق "تحيا مصر" من أجل إنجاز المشروعات القومية الكبري . ومنها قناة السويس الجديدة .. الأوبريت سيشارك في تقديمة من الفنانين الشباب الموهوبين : محمد خيري وكريم عبود وأوسه فارس ودنيا مسعد ونوال أسامة وعبدالرحمن ياسر ومحمود ياسر وهدير عصام ونجوي شعبان وأسعد يحيي .. وغيرهم مع مديرة الفرقة مها شعبان .. ونأمل أن تعرضه في مناطق الحفر بالقناة . بالتعاون مع تكتل المثقفين الثوريين. ويشير أحمد فتحي محمد إلي أن هذا المشروع يعد نقطة فاصلة في تاريخ مصر . من حيث تحرر إرادتها السياسية ونهوضها اقتصادياً .. ولن يقل تأثيراً في الإبداع الأدبي وتحريكا للقرائح المبدعة عن مشروع السد العالي وعن ثورة يوليو .. وقد دفعني الحماس لهذا العمل الفذ إلي البدء في كتابة قصيدة تحمل عنوان : "شقوا القناة" أعرب فيها علي لحظة تأميم القناة علي يد الزعيم عبدالناصر . حتي أصل إلي "اللحظة الراهنة" بصفتها شبيهة بزمن المد القومي وعودة الروح إلي مصر. ويشير محمد فوزي حمزة إلي سرعة انفعاله بالمشروع القومي هذا . منذ رأي الرئيس عبدالفتاح السيسي يمسك بالفأس ويحفر أول نقطة في الرمال .. وقد قلت هذه القصيدة الفصحي: ومثل هذه الأعمال مجرد انبلاجة ضوء في نهار قادم سوف يسطع بشدو الشعراء وتصوير الروائيين والقصاص للحدث الراهن . وإن افتقدنا لصوت الغناء الشجي الآسر الذي تجسد في عبدالحليم حافظ وهو يغني كلمات صلاح جاهين في السد العالي !! في أكثر الأدباء الذين عبروا وسيعبرون الآن عن اللحظة الراهنة . مع غياب الأصوات التي ترتقي لمستوي الحدث. ويذكر الأديب السوري محمد غازي أن حالة البعث الوطني والقومي التي أحدثها المشروع الجديد. سوف تراكم وقائع وانطباعات شتي لدي كتاب الدراما . من روائيين وقصاص ومسرحيين . مع اتساع قماشة هذا الحدث الذي يضم آلاف البشر المكافحين . ويقام وسط صراعات سياسية كبري تشهدها مصر والمنطقة العربية الآن .. الرواية لن تغيب عن التعبير وقد بدأت استكشف الجسد الرئيسي لهذه الرواية القادمة.