ساهمت سياسات حمقاء في إحداث فجوة بين الشقيقة الكبري مصر وأشقائها الأفارقة منذ محاولة اغتيال مبارك عام 1995م وتداعيات هذا الحادث وكأنه كان مدبراً بحنكة ودهاء وخبث لإحداث فجوة في العلاقات مع كافة دول القارة. ولفصل الكيان الأكبر والدولة الأم أو الرأس عن الجسد للإبقاء علي دول القارة تحت رحمة وأمزجة ومصالح دول الغرب. وحتي مع الشقيقة السودان ظلت العلاقات محلك سر وتوقف المشروع الاستراتيجي للتكامل وفكرة الحريات الأربع "التنقل. الإقامة. التملك. العمل" وظل فكر الاستعلاء ونظرية الاسياد تسيطر علي الساسة المصريين حتي انصرفت دول القارة للبحث عن سند ومعين آخر يأخذ بيدها للتنمية والنهوض. وكان الحصاد الطبيعي والنتائج المنطقية لهذه القطيعة تيبس العلاقات مع دول القارة والسماح لأطراف لها مصالح مشبوهة في التواجد علي المسرح. وتفاقمت الأزمة مع اثيوبيا بعد تحديها للإرادة المصرية وتحويل مجري النهر والبدء في إنشاء سد النهضة. وازداد الطين بلة بتجميد عضوية مصر. ولاشك أن قرار عودة مصر من جديد والمشاركة الفاعلة في اجتماعات الاتحاد الافريقي والذي عقد بغينيا الاستوائية قد أذاب هذا الجليد إلي حد كبير وفتح صفحة جديدة مع القارة السمراء وايضا زيارة الرئيس للسودان.. ولكن السؤال الذي يتكرر كثيراً لماذا لا تتطور العلاقات مع أشقاء وادي النيل؟ ولماذا لا يتم فتح الطريق البري "السودان رايح - جاي" لتعميق أواصر الصداقة وفتح آفاق التنمية وإحياء فكرة التكامل التي تم وأدها بفعل فاعل رغم أن السودان هي الامتداد الاستراتيجي والتاريخي لمصر. لقد أصبح التفكير حتمياً لتطوير دور الاتحاد الافريقي بما يخدم مصالح دول القارة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وإيجاد آلية لتفعيل جهود دول "الكوميسا". وفي عصر يموج بالمتغيرات والتكتلات أصبح التوجه نحو القارة السمراء ضرورة تفرضها مقتضيات المرحلة واحتياجات اللحظة وخاصة بعد تحول الربيع العربي لخريف جاف وكابوس مفزع أليم. وتبقي ثالثة الأسافي تجنب آلاعيب ومناورات أديس أبابا التي تحاول كسب المزيد من الوقت. فلا تكفي الجهود التي بذلتها الدبلوماسية المصرية لتجفيف ينابيع تمويل السد. ولكن لابد من إيجاد حلول حاسمة ولا مانع من إقامة مشروعات مشتركة وتفويت الفرصة علي تلك الأطراف الخبيثة!!