من الرجال المشهود لهم بحسن التلاوة وقراءة القرآن "ابي بن كعب" ويكفيه شرفا أن جاء اسمه في كوكبة من الصحابة في حديث سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم. فعن انس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ارحم أمتي بامتي أبوبكر. وأشدهم في دين الله عمر. وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. وأفرضهم زيد بن ثابت. وأقرؤهم أبي بن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبوعبيدة بن الجراح. أبي بن كعب من أهل الانصار خزرجي ينتهي نسبه إلي مالك ابن النجار. ويمتاز بأن له كنيتين هما : أبوالمنذرة كناه بها الرسول صلي الله عليه وسلم. وأبوالطفيل كناه بها عمر بن الخطاب. وقد شهد أبي بن كعب العقبة وبدرا ولرسوخ الإيمان في قلبه قال عنه عمر بن الخطاب : إن أبي سيد المسلمين. وقد روي عنه أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم كل من : عبادة بن الصامت. وابن عباس. وعبدالله بن خباب وابنه الطفيل بن أبي بن كعب. ويتميز به أيضا أبي بن كعب ما جاء في حديث أنس بن مالك عن النبي صلي الله عليه وسلم : ان النبي قال لابي بن كعب "إن الله أمرني أن أقرأ عليك "لم يكن الذين كفروا" "سورة البينة" قال : الله سماني؟ قال : نعم. فصار أبي بن كعب يبكي.. وعندما سأل عبدالرحمن بن أبي والده : وهل فرحت بذلك؟ قال وما يمنعني وهو الذي يقول : "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". وقد كان ابي بن كعب من القضاء المشهود لهم بالعدل والانصاف فعن مسروق قال : كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ستة هم : عمر. و علي. وعبدالله. وأبي. وأبوموسي كما كان أبي أول من كتب لرسول الله صلي الله عليه وسلم وذلك حين قدم إلي المدينة وقد كان مخلصاً في ادائه لم يتردد في أي وقت من الأوقات علي العمل الجاد ويسلك كل الوسائل التي تؤدي إلي الكسب الحلال. وقد كان صاحب بديهة وفكر ثاقب مستنير فها هو قد سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقرأ قول الله سبحانه وتعالي : و"ألزمهم كلمة التقوي" فقال : شهادة أن لا إله إلا الله. ومن صفات أبي بن كعب أنه كان قوياً وفي صوته شرارة فقد جاء في كتب السيرة التراجم أن زر بن حبيش لازم أبي بن كعب فترة طويلة وقد لمس في صوته تلك الصفة فقال له : اخفض لي جناحك يرحمك الله. فاستجاب أبي لانه كان سريع البديهة والاستجابة للنصيحة. ولانه يدرك أن خفض الجناح من صفات عباد الرحمن. وقد ظل أبي بن كعب محافظاً علي علاقته بأصحاب الرسول لان نور اليقين قد استقر في وجدانه. وكانت طباعه الطيبة وحسن تصرفه هي التي أهلته لاعتلاء منصة القضاء ويكفي أن الله عز وجل قد اختاره لكي يقرأ عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم سورة البينة والتي تتضمن آيات عن المشركين "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتي تأتيهم البينة رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة" انه لشرف عظيم ان يسميه الله للرسول لكي يقرأ عليه هذه السورة. تلك صفات أهل الإيمان والسعادة ترفرف علي كل من يمضي في رحابهم. وقد شاءت الاقدار أن تدرك المنية أبي بن كعب في خلافة عثمان بن عفان.