هل مازال في مصر مراكز قوي فوق القانون؟! وهل أصبحت المافيا أقوي من الحكومة؟! وهل تستمر الضغوط علي المسئولين لفرض الأمر الواقع والتي تصل إلي حد تشويه سمعة المسئول الذي يجاهد لاستعادة مليارات الجنيهات المنهوبة وتصحيح الأوضاع المقلوبة في عصور الفساد؟! وهل وهل وهل؟! أسئلة كثيرة جدا مازالت تبحث عن الإجابة في ظل ما نراه من مراوغات وضغوط مافيا الطيران. الوقائع كثيرة.. وحصيلة الأموال المنهوبة كبيرة جدا قد تصل إلي المليارات.. وكلما حاول أي مسئول تصحيح الأوضاع واستعادة أموال الدولة المنهوبة تخرج علينا أصوات حنجورية تتهم المسئول بسعيه لهدم الاستثمار تارة.. ووصمه بأنه ينفذ مخطط الجماعة المحظورة تارة أخري لإرهابه وإجباره علي التراجع عن محاربة الفساد والمفسدين الذين تكتظ خزائنهم بملايين.. بل بمليارات الجنيهات من قوت الشعب. بداية نحن لسنا ضد رجال الأعمال الشرفاء ولسنا ضد نجاحهم في تحقيق الأرباح المشروعة.. لكننا ضد أن يتستر أيا من كان تحت ستار الاستثمار لينهب من أموال الشعب. سنكتفي هذا الأسبوع بقضية مشروع "أواسيز" التي أصبحت حديث العامة داخل منظومة الطيران المدني وإن كانت أصغر قضايا الفساد في قطاع الطيران لكنها الأكثر فجرا وتبجحا. حكاية شركة "أواسيز" بدأت عندما اكتشف د.محمود عصمت رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية - وقت أن كان رئيسا لشركة ميناء القاهرة الجوي - قيام "أواسيز" باغتصاب "حوالي 29 ألف متر من أراضي شركة ميناء القاهرة الجوي.. منها 24 ألف متر انتهي التعاقد المبرم علي استغلالها بين "أواسيز" وشركة الميناء عام 2009 - ورغم ذلك استمرت شركة "أواسيز" في استغلالها تجاريا وتحقيق أرباح طائلة من وراء استغلالها بمساعدة مافيا المطار.. ومساحة 5 آلاف متر اغتصبتها الشركة وضمتها للمشروع واستغلتها تجاريا بدون أي تعاقد أو قرار تخصيص. بعد اكتشاف هذا الفساد طلب مسئولو "أواسيز" التفاوض واعادة حقوق شركة الميناء التي نهبوها.. وفي جلسة داخل مكتب وزير الطيران السابق تم الاتفاق بين الطرفين علي 5 نقاط هي: أن يتم إعادة مساحة ال 5 آلاف متر المغتصبة بدون تعاقد أو قرار تخصيص لشركة الميناء. أن توافق شركة الميناء علي إعادة التعاقد مع شركة "أواسيز" علي مساحة ال 24 ألف متر المنتهي التعاقد عليها عام 2009 وتم تقدير سعر استغلال المتر ب 180 جنيها بأثر رجعي منذ تاريخ انتهاء التعاقد بدلا من السعر القديم المجحف "8 جنيهات للمتر" وتم حساب مديونية شركة "أواسيز" منذ انتهاء التعاقد علي الأرض التي استغلتها تجاريا بدون وجه حق و حتي تاريخه فبلغت 18 مليون جنيه. أن تتعهد شركة "أواسيز" أن تؤول أرض المشروع "20 ألف متر" بالاضافة إلي مساحة ال 24 ألف متر والمباني المقامة عليها إلي شركة الميناء عام 2025 طبقا للتعاقد الأصلي للمشروع. أن تقوم " أواسيز ببناء سور للفصل بين الأراضي التي تستغلها تجاريا وبين الأراضي المملوكة لشركة الميناء في حرم المطار والتي تبلغ حوالي 700 ألف متر مربع حتي لا يتكرر اغتصاب أي مساحات أخري. وبالفعل تم عقد جلسة أخري وتحرير محضر اتفاق بالنقاط التي تم الاتفاق عليها ووقع عليه علاء السيد العضو المنتدب لشركة "أواسيز" ولكن للأسف رفضت الشركة "أواسيز" تسديد المديونية طبقا لمحضر الاتفاق الموقع من الطرفين.. فقامت شركة الميناء بإحالة الموضوع للنيابة.. لكن شركة "أواسيز" بدأت المراوغة وطلبت التسديد علي أقساط تنتهي بعد انتهاء عقد المشروع ب 20 عاما فقامت شركة الميناء بإحالة الموضوع للنيابة. المفاجأة الكبري اكتشاف أنصاف مسئولين بشركة الميناء يبذلون كل الجهد لإحباط جهود شركة الميناء للحصول علي مستحقات الدولة من شركة "أواسيز" ونحن في انتظار محاسبتهم بالقانون. أما المثير أن نجد الوساطات والضغوط من جهات وأشخاص من علية القوم لتمديد عقد المشروع إلي 45 عاما بدلا من 25 عاما إن أرادت شركة الميناء أن تحصل علي مديونيتها لدي شركة "أواسيز" وكأن أراضي الدولة وأموال الشعب غنيمة لنفر قليل للأسف يطلقون عليهم رجال أعمال. يا سادة إن المشروع معروف بأنه مملوك لبعض كبار الحيتان الذين حولوا مصر إلي عزبة خاصة لهم في عصور الفساد.. وإن لم تقف الدولة شامخة في وجه أمثالهم فلن تقوم لمصر قائمة.. فالحلال بين والحرام بين.. وها نحن نذكر لعل الذكري تنفع. وعمار يا مصر!