لا تشغلني أبداً زيادة أسعار الكهرباء التي قررتها الحكومة وتبدأ تطبيقها من فواتير يوليو الحالي.. في رأيي انها زيادات معقولة حسب الاستهلاك.. الخطورة ليست في هذا بل في الزيادة القادمة في اسعار البنزين والسولار وما سيترتب علي كل تلك الزيادات من ارتفاع حتمي لأسعار السلع والخدمات. نحن نعاني بشدة من انقطاع التيار الكهربائي بالساعات ووصلنا في ذلك إلي قمة المسخرة عندما رسخت الوزارة مبدأ "المساواة في قطع النور عدل" وكأن فصل التيار بالتساوي في المدة وعدد المرات بين كل المناطق هو العدالة في أجلي صورها. لكن.. يجب أن نعترف ايضاً أن الأزمة إذا كان جزء منها سببه فشل قيادات الوزارة في الإدارة والحل فان الجزء الأكبر يقع علي عاتق ظروفنا الاقتصادية "المهببة" والتي تسببت في نقص السولار وعدم توافر الأموال اللازمة لاستيراده من الخارج بالكميات الضرورية للتشغيل.. ناهيك عن أن القدرة الانتاجية لغالبية المحطات لا تغطي الاستخدام المنزلي والتجاري. إذا نظرنا إلي اسعار الكهرباء حتي بعد الزيادة فسنجدها متدنية فعلاً ولا تستطيع تقويم محطة توليد والحصول منها علي نصف الانتاجية.. وكلنا يعلم أن ميزانية الدولة "خربانة" وبها عجز صارخ دفع الرئيس السيسي إلي اعادتها مرة أخري للحكومة حتي تضبط هذا العجز. كان من الحلول لخفض جزء من العجز أن يتم الغاء الدعم تدريجياً علي مدي خمس سنوات ومن هنا كان لابد من زيادة اسعار الطاقة "كهرباء وبنزين وسولار وغاز طبيعي".. وقد كان. قرار زيادة اسعار الكهرباء سيرفضه الكثيرون وسيتخوف منه الكثيرون أيضاً.. الرفض له مبرراته مثل الزيادة التي كان لها مبرراتها. والتخوف كذلك له أسبابه. الناس بلا استثناء تعبانة جداً نظراً لتدني الدخول وارتفاع الاسعار والخدمات.. ومما لاشك فيه أن رفع سعر الكهرباء سيزيد الأعباء ويصعب الحياة خاصة عندما يتم اقرار زيادة اسعار البنزين والسولار وما يترتب علي كل تلك الزيادات من ارتفاع اسعار السلع الأساسية وتعريفة ركوب الميكروباص والتاكسي والتوك توك بالتبعية وربما الكارو ايضا.. وهذا كفيل بنسف ميزانية اي بيت خصوصاً أن الزيادة في الدخول لا تساوي شيئاً مما قد يتسبب في أزمات. من ينظر إلي الأسعار الجديدة للكهرباء سيجد انها زيادات معقولة لاتمس المستهلك الصغير بل تراعي البعد الاجتماعي.. فمن يستهلك 100 كيلووات شهرياً سيدفع 12 جنيهاً ونصفاً بدلاً من 10 جنيهات اي أن الزيادة هنا 250 قرشاً فقط. ومن يستهلك من 101 إلي 200 كيلووات فإنه سيدفع 35 جنيهاً في الشهر بدلاً من 22 جنيهاً بزيادة 13 جنيهاً. وحتي الطبقة الوسطي التي تستهلك بين 201 إلي 350 كيلووات فلن تكون الزيادة عامل ضغط علي ميزانيتها حيث سيدفع المستهلك 61 جنيهاً بدلاً من 42 جنيهاً بزيادة 19 جنيهاً. والطبقة التي تستهلك بين 351 إلي 650 كيلووات ستدفع 126 جنيهاً بدلاً من 96 جنيهاً بزيادة 30 جنيهاً. أما الذين يستهلكون ابتداء من 651 كيلووات فما فوق فسوف يتحملون أكثر حيث سيحاسب من يستهلك حتي الف كيلو علي سعر 60 قرشاً للكيلو. وفوق الألف كيلو علي 74 ونصف قرش للكيلو.. فليس معقولاً ولا منطقياً ابداً أن نساوي بين من ليس لديه حتي مروحة في بيته بمن يملك 10 اجهزة تكييف وكذا ثلاجة وديب فريزر ويضع تليفزيوناً في كل حجرة وركن بالبيت اللهم لا حسد وغير ذلك من الأجهزة التي تجعل العداد يلف بسرعة الصاروخ.. ياسادة.. "الغاوي ينقط بطاقيته".. المهم عندي المواطن الغلبان. من هنا.. فانني في قمة الراحة من هذه الزيادة التي طرأت علي الكهرباء لأنها الحل العاجل لأزمة الكهرباء.. فمن حصيلة الفارق بين السعرين القديم والجديد سيتم استيراد السولار اللازم لتشغيل المحطات وتوفير الأموال لاجراء الصيانة الدورية والاصلاحات الطارئة مما سيقلل حتماً مرات ومدد قطع التيار وصولاً بإذن الله إلي القضاء علي هذه المهزلة تماماً. بدون هذا لن نحل شيئاً.. ولنعتبر هذه الزيادات "الدواء المر" الذي لابد أن نتجرعه بارادتنا حتي نتغلب علي الأزمة الصحية الطاحنة التي يعانيها اقتصادنا عامة وقطاع الخدمات فيه خاصة والكهرباء علي وجه أخص.. اما الرفض للرفض وبلا وعي فسيكون اسلوباً تدميرياً يزيد من صعوبة الموقف.. أرجو أن نستوعب الحقائق ونتحمل مرارة الدواء.. فهذا أفيد. المهم.. أن تسيطر الحكومة علي اسعار السلع الأساسية والخدمات حتي لا تنفلت أكثر وأكثر خصوصاً أن التجار والباعة ومقدمي الخدمات بارعون ومبدعون في رفع الاسعار بمزاجهم وعلي هواهم من قبل أن تطبق اي زيادة وقد يكون من قبل اقرارها.. الاستغلال سيد الموقف. كلام أعجبني.. ** كلام الناس مثل الصخور.. إما أن تحملها علي ظهرك فينكسر.. أو تبني بها برجاً تحت اقدامك فتعلو وتنتصر. ** لا تحكم علي مستقبلك من الآن.. الأنبياء رعوا الغنم ثم قادوا الأمم. ** من يتجاهلك بحجة الظروف.. امسحه من الذاكرة بحجة الزهايمر. ** إذا لم تقاتل من اجل ما تريده.. فلا تبك إذا يوماً خسرته. ** من يحبك فعلاً.. لن يستغني عنك مهما كان السبب. ** هناك أشخاص لهم في القلب نبضة.. إن حضروا دق القلب فرحاً بهم.. وإن غابوا دق القلب شوقاً اليهم.