بدأت الحكومة تحركاً جاداً لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسي بالسيدات والبنات في الشوارع ووسائل المواصلات ومواقع العمل وغيرها - وذلك بعد أن أصبحت هذه الظاهرة تسيء إلي مجتمعنا بشدة إلا أن الحكومة اكتفت بإصدار قانون جديد يفرض عقوبات رادعة علي المتحرشين تصل إلي الإعدام شنقاً! والسؤال: هل تشديد العقوبات كفيل بالقضاء علي هذه الظاهرة؟! القيادات النسائية أكدت أن القانون الجديد وحده لا يكفي مشيرة إلي أن هناك 9 أسباب وراء انتشار هذه الظاهرة وأنه بدون علاج هذه الأسباب فلن ننجح في القضاء علي الظاهرة. السفيرة نائلة جبر - خبيرة الأممالمتحدة لحقوق المرأة: تتحدث عن أحد هذه الأسباب ويتمثل في الابتعاد عن القيم الدينية والخلقية وغياب منظومة الأسرة عن القيام بدورها الأساسي في التربية والتنشئة الصحيحة واتجاهها نحو جمع أكبر قدر ممكن من المال في ظل ظروف اقتصادية بالغة السوء والصعوبة. أكدت علي ضرورة معالجة الانفلات الأمني والأخلاقي بصورة سريعة ليس بتشديد العقوبات علي المخالفين فقط ولكن بالتوعية سواء في المدارس أو الجامعات أو داخل الأسرة نفسها وكذلك من خلال وسائل الإعلام حيث أصبح الإعلام يلعب دوراً محورياً ومؤثراً في المجتمع. * أما الدكتورة سامية خضر - أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: فتري من بين أحد الأسباب الفراغ الهائل الذي يعاني منه الشباب بسبب البطالة المتفشية واختفاء الساحات الرياضية التي يفرغ فيها الشباب طاقاته. أشارت إلي أن التحرش ظاهرة لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات وكانت موجودة في مصر لكنها كانت تتمثل في المعاكسات فقط وتطورت بشكل كبير لتصل للاغتصاب وهتك العرض. تري أن تنفيذ القانون بشدة علي الجاني شيء لابد منه ولكن هذا لا يكفي للقضاء علي هذه الظاهرة بل لابد من أن تقوم الأسرة والمدرسة بدورها في مواجهة الظاهرة من خلال التوعية بخطورتها. * تؤكد المحامية ميرفت أبوتيج - رئيس جمعية أمي للتنمية: إن المتحرش الذي يقل عمره عن 18 عاماً لا يعاقبه القانون بالشكل الرادع لأنه في ظل قانون الطفل مشيرة إلي ضرورة تغيير سن الطفل إلي 15 عاماً فقط. نشير إلي سببين من أهم أسباب الظاهرة أولهما ارتفاع سن الزواج وارتفاع تكاليفه وتفشي العنوسة التي وصلت إلي أكثر من 10 ملايين شاب. أما السبب الثاني فيرجع إلي تعاطي الشباب المخدرات التي تفقده الوعي وتشجعه علي الانحراف دون خوف من العقاب لأنه لا يكون في وعيه وقت ارتكاب الجريمة ثم يندم بعد ارتكابها!! * تقول الدكتورة آمال عبدالهادي - رئيس مؤسسة المرأة الجديدة - إن الدراسات العديدة التي اجراها المركز القومي للبحوث كشفت عن أن التحرشات الجنسية منتشرة وبشدة بين طبقات الشعب المصري المختلفة وأن نسبة ما يتم الإبلاغ عنه من هذه الحالات لا تتجاوز 5% فقط مما يعني وجود فتيات وسيدات كثيرات يرفضن الإفصاح عما جري لهن خوفاً من "العار" أو الفضيحة. أشارت إلي أن هناك أسباباً عديدة وراء تحول الشعب الذي كان يتميز من قبل بالمروءة والشهامة والنخوة إلي شعب لا يتحرك لمواجهة حالات التحرش بدافع من خوف "قد يكون المعتدي حاملاً لسلاح أبيض" أو سلبية "أنا مالي تلاقيها هي اللي شجعته"!! أوضحت أن تنامي ظاهرة العشوائيات التي تفرز مجرمين إلي المجتمع تعد من أخطر أسباب الظاهرة مؤكدة علي ضرورة العمل أولاً للقضاء علي العشوائيات لأنها قنابل موقوتة يمكن أن تدمر المجتمع في أي وقت كما يمكن استخدامها من أعداء الوطن للنيل من المجتمع وترويعه. طالبت بتشكيل هيئة تحت مسمي "الهيئة الوطنية لمواجهة العنف ضد النساء" يشترك فيها وزارات الثقافة والإعلام والداخلية والعدل والمجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني والأزهر لمناقشة هذه المشكلة ووضع الحلول لها. الخوف من الفضيحة * تري هالة حبشي - رئيس جمعية صاعد للتنمية وحقوق الإنسان - أنه رغم وجود عقوبات رادعة في القانون الجديد للتحرش إلا أن هناك مشكلتين أساسيتين تقف أمام ردع المتحرشين أولهما خوف الفتاة من الفضيحة إذا قامت بالإبلاغ عن التحرش بها ولاسيما في مناطق العمل أو الدراسة. أما المشكلة الثانية تتعلق ببعض رجال الأمن أنفسهم الذين يتعاملون باستخفاف شديد مع هذه النوعية من البلاعات. أضافت أن ظهور طبقة جديدة من البلطجية وراء انتشار هذه الظاهرة.. إلي جانب غياب القيم الدينية بالمدارس واهتزاز القيم بداخل الشباب وتبادل الشتائم بين الشباب في ظل غياب دور الأسرة ايضا. طالبت بإنشاء "مجلس قومي لرعاية الأخلاق التربوية" بضم قيادات من النخبة الدينية والأزهر وجميع مؤسات الدولة وأساتذة التربية والإعلام والعدل والداخلية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني. كما طالبت بالقضاء علي البطالة وإيجاد فرص عمل معيارها تكافؤ الفرص وليس المحسوبية التي تؤدي إلي انهيار أخلاق الشباب وتوجههم إلي ممارسة التحرش والعنف. أما جمهورية عبدالرحيم - رئيس جمعية نساء من أجل التنمية فتري أن من أهم العوامل التي أدت إلي انتشار ظاهرة التحرش غياب الوازع الديني لدي الكثير من الشباب وفقدان الأسرة دورها المهم في توجيه الشباب في ظل انشغالها بكسب العيش بالإضافة لانتشار البطالة والفقر والعشوائيات والمخدرات. أضافت أن "النت" ايضا يعد من أهم العوامل التي أدت إلي انتشار تلك الظاهرة لدي الكثير من الشباب. أكدت أن القانون الجديد رادع بالفعل للمتحرشين ولكنه لابد من مواجهة انتشار الفضائيات والمواد التليفزيونية الإباحية واللاأخلاقية ومواجهة انتشار المخدرات بين الشباب والقضاء علي ظاهرة المناطق العشوائية التي أصبحت تحاصر المدن من كل جانب. تضيف الدكتورة هالة رمضان - رئيس قسم التعليم بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية - أن القانون الذي أقره المستشار عدلي منصور كان منصفاً وأن العقوبة التي توقع علي المتحرش باللفظ الحبس 6 شهور والغرامة 3 آلاف جنيه أما إذا وصلت إلي الإيذاء البدني فتصل إلي السجن 15 سنة والمؤبد طبقاً لقانون العقوبات وهي عقوبة رادعة بالفعل. أكدت ضرورة معاقبة كل من يرتكب جريمة التحرش ويوضع تحت طائلة القانون حتي وإن كان حدثاً.. وهي متروكة للقضاء.