المؤكد أن قصص الفساد في عالمنا العربي وغيره واحدة أو متشابهة. لكن الأسماء تختلف. وهذا ما تشير إليه حالة رجل الأعمال السوري رامي مخلوف. يقول البعض إن الأضواء اتجهت بقوة في الفترة الأخيرة إلي مخلوف وبدأ اسمه يتردد كثيراً بعد تصريحاته لصحيفة النيويورك تايمز الأمريكية والتي أكد فيها أن استقرار سوريا ضروري لاستقرار إسرائيل ربيبة الغرب. وبمعني آخر فقد كانت رسالة موجهة إلي العالم الغربي كي يترك نظام الحكم الطائفي القمعي في سوريا يعمل مذابحه كيفما شاء في الشعب السوري حتي يثبت أركانه. والواضح أن الرسالة وصلت وأن الغرب لم يعد يهتم بما يحدث ويحاول مداراة موقفه بعقوبات شكلية وإنذارات وهمية. وإذا كانت الحكومة السورية قد استنكرت تصريحاته خاصة أنه لا يتمتع بأي صفة رسمية. وقالت إنه رأيه الخاص. فإن الواقع يغني عن أي كلام. ويلاحظ أنه اعترف في الحديث بأنه يقوم بدور ما في صياغة السياسات السورية. لكن الحقيقة أن رامي مخلوف "42 سنة- ابن خال بشار الأسد وصديق مقرب له" لم يكن بعيداً تماماً عن دائرة الضوء وإن كانت علاقته أكبر بدائرة النفوذ والثروة.. كان يفضل الحياة في الظل فقط. فهو يعتبر واحداً من أكثر الشخصيات نفوذاً وثراءاً في المنطقة وليس في سوريا وحدها. وتقدر ثروته بمليارات الدولارات. وهو يملك ربع أسهم صندوق "شام" للاستثمارات والذي يقدر رأسماله بملياري دولار. ويعتبره المعلقون أقوي شخصية اقتصادية في سوريا. والمسيطر علي شبكة المحمول الوطنية "سيريتل". والتي أحرق المتظاهرون في سوريا عدداً من فروعها.. بالإضافة إلي وجوده القوي في قطاعات البترول والغاز والبنوك. الدفع.. وإلا ولا يمكن لأي شركة أجنبية أن تقوم باستثمارات أو أعمال تجارية في سوريا من دون موافقته ومشاركته. ويعتقد علي نطاق واسع أن مخلوف هو ستار اقتصادي وتجاري لبشار الأسد ويغسل له أمواله. وكلاهما متورط في صفقات فساد كبري وبالمليارات. ويسميه المعارضون في الخارج "رجل بنوك العائلة". ومن حالات الفساد التي يعتقد أن مخلوف متورط فيها بيع آثار سورية نادرة تم العثور عليها بجانب باب توما في دمشق عندما كانت بلدية دمشق تحفر قرب العاصمة. وبيعت هذه الآثار النادرة التي لا تقدر بثمن خارج سوريا لحساب الأسرة النصيرية الحاكمة. ولابد من دفع المعلوم لمخلوف عن كافة الأعمال التجارية الكبري وإلا تكبد الرافضون ثمناً باهظاً. وقد ينتهي بهم الأمر إلي قبول المشاركة أو تصفية أعمالهم والرحيل عن سوريا. وهذا ما أضر كثيراً بالاقتصاد السوري. ومن هذه الحالات ما قام به مخلوف بالضغط علي شركة مرسيدس عن طريق تمرير قانون في سوريا يمنعها من توريد أي قطع غيار إلي سوريا إلي أن أصبح الوكيل الحصري لها هناك ونزع الوكالة عن أسرة كانت تتولاها قبل سنوات. وسبق أن وصفته وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2008 بأنه - رامي مخلوف- المستفيد والمسئول عن الفساد العام في سوريا. وأن نفوذه واتصالاته داخل النظام سمحت له بالسيطرة علي صفقات مربحة لأنواع محددة من السلع. كما اتهمته بالتدخل في النظام القضائي واستخدام أجهزة الأمن والمخابرات في إرهاب منافسيه. وهو من السوريين الذين فرضت عليهم العقوبات مؤخراً. وتقول بعض المصادر إنه أصيب بالذعر في أول الأحداث عندما هتف المتظاهرون يطلبون رأسه باعتباره أكبر المتاجرين في أقوات الشعب ومقدارته. هنا قام بتحويل كميات كبيرة من الدولارات إلي بنوك لبنان ودبي مما أفقد الليرة السورية 13% من قيمتها في يوم واحد. وبعد أن اطمأن أو -أعتقد- أن نظام الأسد لن يلقي مصير نظامي مبارك وبن علي إعادة الدولارات ليرتفع سعر صرف الليرة من جديد. وقال الخبراء وقتها إن هناك سبباً آخر وهو أن يبعث برسالة تهديد للسوريين بأنه قادر علي أن يجعلهم أكثر فقراً وتعاسة بتدمير الليرة السورية وأن أي محاولة للإطاحة به ستكون لها عواقب وخيمة علي حياتهم. أو علي الأقل فقد حاول الظهور في هيئة البطل المنقذ. وتقول بعض التكهنات إنه يقوم حالياً بنقل أموال الأسرة النصيرية الحاكمة وأمواله أيضاً إلي خارج سوريا في هدوء كامل استعداداً ليوم تجد فيه أسرة الأسد نفسها مجبرة علي الرحيل عن البلد الذي امتصت خيراته وبطشت بابنائه. ويعزز هذه التكهنات أنباء عن سفر عدد من أفراد أسرة الأسد ومعاونيه من النصيريين. وشائعات عن سفر مخلوف نفسه الذي لا يعرف أي شئ عن حياته الخاصة.