خرج الرئيس الأمريكي باراك أوباما مثل الحمل الوديع ليبرئ نفسه ويبرئ بلاده مما يحدث في العراق من مجازر وصراعات طائفية محملا القيادات العراقية المسئولية لفشلهم في تجاوز الخلافات فيما بينهم. وكأن العراق شهد يوماً واحداً هادئاً منذ الغزو الأمريكي علي أراضيه في مارس عام 2003 وحتي وقتنا هذا.. وكأن العراق قد ذاق طعم الديمقراطية التي وعدهم بها جورج بوش الإبن بعد التخلص من نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.. الرئيس الأمريكي أوباما يحمل العراقيين أنفسهم مسئولية ما يجري في بلادهم ولا يريد أن يعترف أن الغزو الأمريكي هو سبب سقوط عشرات القتلي كل يوم في معارك طائفية وصلت إلي ذروتها أوائل شهر يونيو الجاري!! واشنطن التي تتنصل مما يحدث في العراق الآن هي المسئول الأول والأخير عما يجري في هذا البلد.. فهي من تقف وراء صعود ظاهرة الميليشيات المسلحة التي بدأت تقفز علي المسرح السياسي مع الغزو الأمريكي علي العراق وسرعان ما انتشرت هذه الميليشيات في العديد من الدول العربية.. وهي من عملت علي تأجيج النعرة الطائفية.. ويبدو أن المخطط هو دخول المنطقة العربية في حرب سنية شيعية ستقضي أن اتسعت علي الأخضر واليابس ولن يخرج منها أحد منتصر في هذه الحرب التي تهدف في المقام الأول إلي تفكيك العديد من الدول وتقسيمها علي أساس طائفي وهذا لن يحدث سوي عن طريق تأجيج النعرات الطائفية ونشر التطرف.. وهذا هو ما تشهده المنطقة العربية الآن!! لقد و ضحت المؤامرة الأمريكية التي تهدف إلي إعادة تقسيم المنطقة العربية علي أساس طائفي ومذهبي ولعل هذا هو السر وراء اهتمام واشنطن بصعود التيارات الإسلامية إلي سدة الحكم ودعم هذه التيارات مثلما حدث في مصر حينما تولت جماعة الإخوان المسلمين مقاليد الحكم بمباركة ومساندة أمريكية.. ومثلما لايزال يحدث في تونس وليبيا وسوريا والعراق واليمن لتشهد هذه الدول اضطرابات لن تفيق منها أبداً إلا بعد أن تتفكك وتتحول إلي مجرد دويلات لا حول لها ولا قوة تسود فيها الميليشيات المسلحة فيعم فيها الفوضي والقتل والدمار.. ولهذا السبب كان سقوط حكم الإخوان في مصر أمرا مزعجاً لوشنطن لأنه أفسد تنفيذ هذا المخطط!! * إلي الراحل عبدالله كمال: إلي الصديق والكاتب الصحفي الراحل عبدالله كمال.. رحلت واقفا شامخاً ثابتاً علي مواقفك.. مؤمناً بمبادئك.. عاشقاً لبلاط صاحبة الجلالة.. فكان عزاؤك حافلا بكوكبة من المعزين.. سواء من زملاء المهنة أو الإعلاميين والمسئولين الحاليين والسابقين والأدباء والمفكرين والفنانين والرياضيين.. حتي خصومك ومن اختلفت معهم واختلفوا معك كان لهم حضور. عزيزي الراحل عبدالله كمال.. مشهد تلاميذك في العزاء كفيل لإنصافك وتقديرك فكان وفاؤهم وإخلاصهم لك خير برهان.. حقاً لقد زرعت فحصدت.. رحمك الله ياعزيزي وأدخلك فسيح جناته.