"داعش".. اسم لتنظيم مثل عشرات التنظيمات التي تنفذ المخططات مدفوعة الأجر في المنطقة العربية، متسترة بستار الدين وادعاء إقامة خلافة إسلامية، وما إلى ذلك من الأكاذيب المضحكة التي يريدون إقناع العالم بها، ومنذ نحو أسبوع ظهر مقطع فيديو لأحد عناصر هذا التنظيم مدعيا وجوده في مصر، وأن التنظيم سيجعلها جحيما ويقتل من سماهم نصارى مصر، وأفراد وضباط الجيش والشرطة، ورئيس الجمهورية، وأنه لا سبيل لتحرير بيت المقدس إلا ب"فتح مصر"، ومنذ نحو أسبوع أيضا أعلن هذا التنظيم سيطرته على المسافة ما بين حلب إلى الرقة إلى الموصل إلى تكريت، بل أصبح يقف على مسافة 140 كيلومترا فقط من العاصمة بغداد. "داعش" هو اختصار لمسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام، أي أنه يتخذ من العراق وسوريا قاعدة له، ولكن الجديد هو ادعاء وجوده في مصر. جزء من أسباب استفحال هذا التنظيم يتعلق في اعتقادي بشخصية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العنيدة والطائفية في الوقت نفسه، هذا الرجل كان بإمكانه إجراء مصالحة وطنية بين الكرد في الشمال والسنة في الوسط والشيعة في الجنوب، ولكن المناطق السنية في وسط العراق لديها شعور بأنها هُمشت في عهد هذه الحكومة بعد مقتل الرئيس الراحل صدام حسين، فضلا عن أن المناطق الشيعية مليئة بالبترول، وقد أُعطيت حق أن تستقل بذاتها على حساب الوسط والشمال. هذه الأزمة ناشئة في الأساس من الأمريكان الذين لا يدخلون بلدا إلا ويتركون وراءهم الخراب، حيث عملوا منذ اليوم الأول على تفكيك الجيش وأجهزة الأمن ومعظم مؤسسات الدولة العراقية، ودمروا مدنها ومقدراتها، وتصوروا أنهم سوف يعيدون تركيب هذه الدولة من جديد وفق مقاييسهم، وهو ما فشلوا في تحقيقه حتى الآن، وتركوا العراق يرزح تحت وطأة الخراب والدماء والأشلاء، فقد قتل أكثر من مليون عراقي منذ الغزو الأمريكي. المستفيد الوحيد من هذا الخراب هو الجماعات الإرهابية مثل داعش وغيره من التنظيمات، مثلما حدث أيضا في ليبيا بعد توجيه ضربة بسلاح الناتو، فنشأت تنظيمات إرهابية تُعمل آلة القتل في كل شبر تستولي عليه. أعتقد أن إرساء حكم رشيد في العراق يمكن أن يعالج هذه المشكلات، ويعمل على إجراء مصالحة وطنية حقيقية بين المكونات السكانية للمجتمع العراقي بجميع فئاته، ونزع سلاح المليشيات ووضع دستور يتوافق عليه جميع أبناء الشعب بشتى طوائفهم، وخارطة طريق تتضمن خطوات إعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية، مع ضرورة العمل على الخروج من دائرة الدولة الفاشلة، لأن العراق مهدد بالتقسيم إلى دويلات ثلاثة. كما أنه من الضروري عقد تحالف عراقي مصري خليجي يكون في أولوياته تحقيق الأمن والاستقرار في العراق ودول الخليج، تحت إشراف جامعة الدول العربية، لأن هذا هو الحل الأمثل في رأيي لأزمة العراق الممتدة لأكثر من عشر سنوات، والحل الأمثل أيضا لمواجهة التنظيمات الإرهابية المسلحة التي باتت تهدد أمن المنطقة. للتواصل مع الكاتب twitter: badawy4