في الشأن الديني نجد بعض المتدينين ينصِّبون أنفسهم أو ينصِّبهم غيرهم أعضاء في مجلس إدارة الدنيا والدين حتي في شئون الآخرة فيصنفون الناس حسب رؤيتهم هذا في الجنة وذاك في النار وكأن الله تعالي أعطاهم توكيلاً عنه أو كأنهم يشاركونه تعالي حكمه بينما يصدعون رءوسنا ليلاً ونهاراً بحديث ما أنزل الله به من سلطان عن الشرك الجلي والشرك الخفي وهلم جرا. بهذا الخطأ بل الخطيئة التي تسفر عادة عن تغيير دين الله المُنزل بدين آخر مبَّدل والتي منشؤها الاعتقاد بامتلاك الحق كله ونتيجتها الاستعلاء علي بقية خلق الله ومن ثم الاستبداد بهم والطغيان عليهم. نجدها كذلك في كل المجالات الأخري. سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية و.... الخ. فهناك دائماً أشخاص وجماعات تعتقد انها تمتلك الحق كله وبالتالي فكل من عداهم يرتع في دائرة الباطل باعتبار انه ليس بعد الحق سوي الباطل. فإذا اعتقد البعض أن الخروج للتظاهر يوم الجمعة القادم 27 مايو "حق" فمن لن يخرج أو من لا يؤيد هذا الخروج ليس ثورياً وربما من فلول الحزب الوطني والنظام السابق أو علي الأقل انتهازي يجد مصلحته في استمرار الوضع الحالي وما يمكن أن يترتب عليه. بينما يعتقد من لا يري الخروج أن من سيخرج أو من يؤيد هذا الخروج إما فوضوياً وإما ديكتاتورا صغيرا يريد أن يفرض رأيه علي الآخرين كالقائلين بضرورة وضع دستور أولاً وتشكيل مجلس رئاسي مدني وتأجيل الانتخابات وهكذا. إما هذا وإما ذاك. إفراط أو تفريط. تطرف علي الجانبين. استبداد بالرأي وطغيان علي الآخرين في الحالتين وكأننا لا نريد أبداً أن نعترف بأن البشر خلقوا مختلفين وأن الاختلاف في الرأي والموقف أمر طبيعي أقره خالق البشر نفسه ورتب أحكاماً كثيرة علي ذلك. إن ما يحدث من تكفير في الدين وتخوين في الوطن هو الجريمة الكبري والخطيئة العظمي التي تصنع ألف ألف ديكتاتور جديد. إن الاعتقاد بامتلاك الحق دون الآخرين هو الطريق المعتمد تاريخياً لصناعة الفرعون من "مينا" إلي "مبارك" إلي.. فهل أنتم منتهون؟!