أصيب الرئيس الأسبق حسني مبارك بصدمة شديدة. بينما ظهرت علامات الذهول والحزن الشديدين علي وجهي نجليه علاء وجمال وذلك بعد الحكم بمعاقبة مبارك بالسجن المشدد 3 سنوات ونجليه علاء وجمال بالسجن المشدد 4 وإلزامهم برد مبلغ 21 مليوناً و197 ألف جنيه وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليوناً و779 ألف جنيه في القضية المعروفة إعلامياً ب"القصور الرئاسية" والمتهمين فيها بالإضرار العمدي بالمال العام وتسهيل الاستيلاء علي مبلغ 125 مليون جنيه من ميزانية رئاسة الجمهورية والمخصصة للقصور الرئاسية والتزوير في محررات رسمية. فيما قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوي بالنسبة للمتهمين الأربعة الذين تم إدخالهم في القضية وهم محيي الدين عبدالحكيم وعمرو محمود محمد مهندسان برئاسة الجمهورية. وعبدالحكيم منصور ونجدة أحمد حسن بشركة المقاولون العرب لصدور أمر ضمني من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوي الجنائية وأثبتت المحكمة ترك الادعاء المدني عن شركة المقاولون العرب عن دعواه المدنية وإحالة الادعاء المدني المقام من المقاولون من الباطن ومن محامي الحكومة ممثلاً عن وزارة الإسكان إلي المحكمة المدنية المختصة. دخل مبارك ونجلاه القفص قبل بدء الجلسة بمعنويات مرتفعة للغاية. خاصة أن تلك القضية هي الوحيدة المحبوس علي ذمتها علاء وجمال وكانت تمثل لهم البراءة فيها بمثابة الحرية لهما والخروج من خلف القضبان بعد سنوات من الحبس. وبمجرد أن اعتلت هيئة المحكمة المنصة برئاسة المستشار أسامة شاهين وعضوية المستشارين حمدي الشنوفي وهشام الدرندلي وبحضور أحمد حسين رئيس النيابة وهشام حمودة وكيل أول النيابة بنيابة الأموال العامة العليا وقيام رئيس الدائرة بتلاوة الحكم وقف جمال وعلاء يستمعان باهتمام شديد إلي الحكم. ولكن سرعان ما تبددت أحلامهما وقاما بالجلوس مرة أخري علي الكرسي ووضع علاء يده علي رأسه في مشهد مخزي. بينما ظل جمال ينظر إلي الأرض بحسرة وتكاد الدموع تذرف من عينيه في حين سجد لله شكراً المتهمين محيي الدين عبدالحكيم وهو المتهم الوحيد من بين المتهمين الأربعة الجدد الذي حضر الجلسة. بينما تغيب المتهمون الثلاثة الآخرون. انهار بعض أنصار مبارك الذين حضروا الجلسة وأجهشوا بالبكاء حزناً علي ما وصل إليه الرئيس الأسبق ونجليه. وكذلك المشهد خارج الأكاديمية لم يختلف كثيراً عن حال الحاضرين بالجلسة. فقد تجمع العشرات من أنصار مبارك بالخارج حاملين صوراً له ولأولاده. وبمجرد علمهم بالحكم ظلوا يصرخون بشدة وأصيبت إحدي السيدات بإغماء ورددوا "باطل.. باطل.. مبارك هو رئيسي" و"بالروح بالدم نفديك يا مبارك"!! علمت "المساء" من أحد المصادر الأمنية أن الرئيس الأسبق تناقش مع نجليه أثناء خروجهما من قفص الاتهام بعد النطق بالحكم قائلين "الحرامي ياخد براءة.. واحنا نتحبس.. ده حرام". وبهذا الحكم سيعود مبارك لارتداء ملابس السجن الزرقاء مرة ثانية منذ إخلاء سبيله. كما سيرتدي علاء وجمال للمرة الأولي ملابس السجن الزرقاء وسيظهر الثلاثة باللون الأزرق بعد عشرة أيام خلال جلسة محاكمتهم في محاكمة القرن والمؤجلة لجلسة 31 مايو الجاري. حيث كان علاء وجمال يرتديان ملابس الحبس البيضاء المخصصة للمحبوسين احتياطياً. بينما كان مبارك يرتدي ملابسه العادية بعد إخلاء سبيله في جميع القضايا التي يحاكم بسببها. من المتوقع أن يتم توقيع الكشف الطبي علي مبارك لتحديد مصيره من البقاء في مستشفي المعادي العسكري أو دراسة امكانية نقله إلي محبسه القديم بمنطقة سجون طرة بناء علي التقرير الطبي الخاص بحالته الصحية. أثار الحكم خلافاً شديداً بين أحد المحامين المتطوعين للدفاع عن مبارك وفريد الديب الموكل من الرئيس الأسبق للدفاع عنه في كل القضايا منها القصور الرئاسية. حيث شن المحامي محمد عبدالرازق عضو هيئة المحامين المتطوعين للدفاع عن مبارك هجوماً حاداً علي فريد الديب واتهمه بالتسبب في هذا الحكم. قال عبدالرازق ل"المساء": إن الأخطاء الدفاعية هي السبب في الحكم ووصف الديب بأنه غير كفء لتلك القضية أو حتي للدفاع عن شخصية في حجم رئيس الجمهورية الأسبق وحدد المحامي السبب الرئيسي في الحكم بقيام "الديب" بتسديد مبلغ 104 ملايين جنيه عن تلك الواقعة وكأنه يرغب في تثبيت التهمة علي مبارك ونجليه. أضاف أن المحامي اتجه للشو الإعلامي بدلاً من الاهتمام بالقضية. ودلل علي ذلك بأن جمال مبارك قام بمناقشة شاهد الإثبات بنفسه بجلسة سابقة بعد أن تأكد من أن طريقة الدفاع لن تجدي في تلك القضية. تحدث المحامي عن أسباب النقض علي هذا الحكم الذي سيتقدمون به خلال 60 يوماً.. قائلاً: إن الحكم شابه العوار لأن المتهمين الأصليين في تلك القضية وهم موظفو الرئاسة والمقاولون العرب. في حين أن المستفيدين من الوقائع حكم عليه بالسجن وفي مثل تلك القضايا تكون معاقبة الموظفين العموم أكبر وأشد من المستفيدين من وقائع الاستيلاء علي المال العام. أشار أيضا إلي أن مبارك رغم كونه موظفاً عاماً حصل علي عقوبة أقل من التي حصل عليها نجلاه وهما ليسا موظفين عامين والمفترض أن تكون عقوبة مبارك هي الأعلي بحكم كونه موظفاً عاماً.. وتساءل: كيف تحصل علاء وجمال علي تلك الأموال دون مساعدة أي موظف عام؟! قال إن محكمة النقض ستلغي الحكم لوجود تضارب قانوني في الأدلة التي أسست عليها الدعوي ومنها اتهام المتهمين باستغلال أموال رئاسة الجمهورية في الإنفاق علي القصور الرئاسية في حين أن القضية المعروفة بمحاكمة القرن وجه الاتهام بها لحسين سالم بالإنفاق علي تلك القصور وهو تضارب واضح. قال إن من أسباب النقض أيضا أن المحكمة غير مختصة بنظر القضية لأن مبارك يحمل الصفة العسكرية فهو رجل عسكري ومازال يحصل حتي الآن من القوات المسلحة علي راتب شهري لفريق طيار وفقاً لقانون 35 لسنة 79. وشدد المحامي علي أنه يحصل علي راتب وليس معاشاً. وذكر أيضاً أن أي موظفين في رئاسة الجمهورية يعتبروا تابعين للقوات المسلحة ولا يصح لمحكمة مدنية أن تحاكمهم. وفجر مفاجأة بأن ذلك ينطبق علي الرئيس الأسبق مبارك والرئيس السابق محمد مرسي أيضا. أشار المحامي محمد عبدالرازق إلي أن معاقبة المحكمة لمبارك بالسجن 3 سنوات هي الحد الأدني للعقوبة في القضية. ويري أن ذلك في صالح موقف مبارك نفسه لأنه لو كان مداناً لاستوجب معاقبته بالعقوبة الأقصي 15 عاماً لأنه موظف عام. وقال إن مبارك مازال يدفع ثمن الانتخابات الرئاسية في كل مرة تجري فيها فقد حصل علي المؤبد في قضية القرن قبل انتخابات 2012 وهاهو يعاقب بالسجن المشدد 3 سنوات قبل الانتخابات الحالية. وعن الموقف القانوني لمبارك ونجليه قال المحامي: إن الحكم يمنعهم من التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة. أضاف المحامي أن مبارك قد قضي شهرين من تلك العقوبة الموقعة عليه في قضية القصور الرئاسية. فقد تم حبسه احتياطياً علي ذمتها في يوم 18 يونيو 2013 وتم إخلاء سبيله في 19 اغسطس من نفس العام ويتبقي له 34 شهراً إذا لم يخرج بعد ثلثي المدة لحسن السير والسلوك. أشار إلي أنه في حالة الحكم ببراءته في محاكمة القرن سيتم إسقاط 24 شهراً قضاها علي ذمتها من عقوبة القصور الرئاسية. وبالتالي يتبقي له 10 أشهر فقط.. أما بالنسبة لجمال وعلاء فأنهما قضيا 8 أشهر من العقوبة. حيث بدءا في تنفيذ الحبس الاحتياطي علي ذمة تلك القضية في 15 سبتمبر 2013 وسيكملان مدة 40 شهراً بدأت من الأمس. وفي حالة حصولهما علي البراءة في قضيتي القرن والبورصة سيتم إسقاط 3 سنوات وشهر من العقوبة. وبالتالي سيتبقي لهما 3 أشهر فقط لأنهما محبوسان منذ 10 ابريل .2011 قالت المحكمة في حيثياتها التي قامت بتلاوته قبيل النطق بالحكم: إن المحكمة قد عاشت أحداث القضية بكل جوارحها وألمت بوقائعها ورأت أن الأفعال التي أقدم عليها المتهم الأول محمد حسني مبارك الذي أنعم الله عليه بحكم مصر وأقسم علي احترام الدستور والقانون فأصبح نائباً عن شعبه في إدارة شئون البلاد وقائماً علي أمواله وكان لزاماً عليه كبح جماح نفسه وأولاده وغيرهم عن المال العام لا يستبيح منه شيئاً إلا بحقه. وكان عليه أيضا أن يعدل بالمساواة بين أبعد الناس وأقربهم في قضاء الحقوق وهذه ليست بدعة أو تكليف بما لا طاقة له به ولنا في السلف الصالح قدوة. فقد ساوي الخليفة عمر بن الخطاب بين أبنائه وسائر المسلمين فبلغ بذلك ما بلغ وقد اتفق الفقهاء والعلماء علي أن مالك المال العام هو الشعب لا يختص به أحد دون أحد. أضافت المحكمة أن المتهم الأول مبارك بدلاً من الالتزام بأحكام الدستور والقانون أطلق لنفسه ولنجليه العنان في المال العام يغترفون منه ما شاءوا دون رقيب ودون اعتبار.. فحق عليهم العقاب. أوضحت المحكمة أن ما أسند إلي المتهمين الأربعة الجدد وهم محيي الدين عبدالحكيم وعمرو محمود خضر وعبدالحكيم منصور ونجدة أحمد حسن من اتهامات فإن الأمر الضمني بالأوجه لإقامة الدعوي الجنائية الصادر من النيابة العامة بتاريخ 27 يونيو 2013 هو ما حجب المحكمة وغل يدها عن إنزال العقاب بالمتهمين الأربعة.