مازالت حكومة جمهورية السودان الشقيقة تشارك في منظومة محبوكة مع عدة دول أخري لاستفزاز مصر والعمل علي اختلاق أسباب للصدام معها ظنا منها أنها تستطيع بث عوامل الفرقة والعداء بين شعبين ظلا متلاحمين جسدا وروحا علي مدي التاريخ. لقد كانت سياسة مصر ومازالت تتجاهل كل محاولات الوقيعة التي تنتهجها حكومة السودان .. بل إنها كانت تعمل في المقابل علي مد جسور التعاون مع البلد الشقيق في كل المجالات التي يمكن أن تربط شعبين شقيقين متجاورين ومتماسكين يرتويان من شريان واحد هو نهر النيل العظيم. ففي الوقت الذي تم فيه فتح المعابر علي الحدود بين مصر والسودان لتيسير تنقلات مواطنيهما بين البلدين وتيسير نقل البضائع والعمل علي زيادة حركة التجارة والنشاط الاقتصادي .. وفي الوقت الذي تتقدم فيه القاهرة بمبادرات متعددة لفتح آفاق التعاون مع الخرطوم في كل المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية تنقل إلينا وكالة الانباء السودانية خبرا يقول: تسلمت قوة من الجيش السوداني موقعها في منطقة حلايب .. وقالت نقلا عن مسئول سوداني إن هذا الاجراء يأتي تحقيقا لمبدأ "سيادة السودان علي أرضه"!! ونقلت وكالة الأنباء عن د. محمد طاهر والي ولاية البحر الأحمر قوله إن وجود القوات المسلحة السودانية بمنطقة حلايب تعبر عن السيادة السودانية بالمنطقة!! لقد آثرت مصر ألا تجعل منطقة حلايب وشلاتين الواقعة ضمن أراضيها علي الحدود الجنوبية مع السودان مجالا لصراع ساخن وحرب إعلامية حرصا علي السياسة التي انتهجتها دائما في مد جسور التعاون وتقوية أواصر الأخوة بين الشعبين الشقيقين.. خاصة أن المواطنين المصريين في المنطقة تربطهم علاقات مودة وتراحم وتآلف مع نظرائهم السودانيين للدرجة التي يمكن أن يتقاسموا الطعام والشراب معهم. لكن لجوء حكومة السودان إلي إثارة هذه المشكلة بهذه الطريقة المستفزة يأتي ضمن سلسلة إجراءات عدائية تتخذها ضد مصر بإيحاء من دولة قطر التي تلعب دورا لا أقول مشبوها وإنما دورا غادرا وخائنا يهدف إلي هدم استقرار عدد من الدول العربية علي رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ومصر!! قطر تلعب دورا قذرا في موضوع سد النهضة الأثيوبي وترشو السودان ليساهم في هذا الدور بهدف الاضرار بمصالح مصر الاستراتيجية وحصتها من مياه النيل. ويكفي أن السودان تحولت بمقدار 360 درجة في موقفها من سد النهضة حيث كانت تلتقي سياستها كليا مع موقف مصر المضاد لإقامة هذا السد دون مراعاة لحقها التاريخي وحصتها المقررة من مياه النيل.. ثم فجأة تحولت إلي تأييد اثيوبيا والوقوف ضد مصر. وتلعب حكومة السودان بالإضافة إلي ذلك دورا في تيسير اختراق الإرهابيين لحدود مصر الجنوبية وفتح حدودها لتكون معبراً لتهريب السلاح إلي هؤلاء الإرهابيين داخل البلاد. تاريخ حكومة الرئيس السوداني عمر البشير مع مصر ليس مشرفا منذ أن تولي مسئولية حكم السودان الذي انقسم في عهده إلي دولتين وارتكبت في عهده جرائم في حق مصر ابتداء من تبنيها لايواء الإرهابيين الذين حاولوا اغتيال الرئيس الاسبق حسني مبارك في أديس أبابا وتدريبهم ومدهم بالسلاح.. وتآمرها الحالي مع الإخوان لزعزعة الحكم في مصر وادخالها في دوامة الإرهاب .. ثم اختلاق النزاع علي منطقتي حلايب وشلاتين بين فترة وأخري. لن تنجح مؤامرات حكومة البشير ضد مصر حتي ولو مولتها قطر بمئات المليارات من الدولارات .. وحتي لو كانت هذه المؤمرات ترضي واشنطن وتل أبيب ضمن المخطط المرسوم لتفتيت دول المنطقة. ولن تضيع حقوق مصر في مياه النيل كما لن تضيع سيادتها علي أراضيها في حلايب وشلاتين. مصر ستتعافي قريبا .. وسيكون لكل حادث حديث إن شاء الله.