جهاز أمن الدولة الذي تحول إلي جهاز الأمن الوطني بدأ يباشر عمله. وعاد الكثيرون من ضباطه يباشرون أعمالهم في التخصصات التي كانوا يتولونها في الجهاز القديم. بمعني أن هناك من هو مسئول عن الصحافة أو عن الجامعات أو عن الدعاة في وزارة الأوقاف أو عن التعليم أو غير ذلك من الجهات التي كانت خاضعة لعمل الجهاز المنحل. والذي كانت تجاوزاته أحد أسباب قيام ثورة 25 يناير. عاد الجهاز القديم إلي عمله تحت المسمي الجديد. وعلي وعد من وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي بأن عمل جهاز الأمن الوطني سوف يقتصر علي تأمين الوطن من الداخل والخارج ضد اعمال التجسس وضد العمليات الارهابية!! لقد ارتضينا هذا الوعد من الوزير الذي قوبل بارتياح نفسي من المواطنين. لكنه ظل وعدا شفهيا لم ينتقل أو لم يتحول الي قانون أو قرار يحدد اختصاصات الجهاز الجديد رسميا ويحدد مساره وطرق ممارسة عمله بحيث لا يتجاوز هذا المسار ويتحول مرة أخري إلي جهاز كريه ومكروه من الشعب. ان ما سمعناه عن وجود ضباط أمن وطني متخصصين لمراقبة ورصد كل أنشطة الدولة يقلقنا ويفقدنا الثقة في الوعود.. والحل الذي يجعلنا نطمئن إلي وعد الوزير هو صدور قرار أو قانون مفصل بعمل الجهاز الجديد يتم اعلانه علي الملأ من خلال وسائل الإعلام علي مختلف أنواعها وتوجهاتها. ويطرح للمناقشة العامة بحيث يمكن الوصول من خلال هذه المناقشة إلي صيغة تمكن الجهاز من القيام بمهامه الجديدة بكل حرية دون تجاوز إلي مهام أخري. اللواء مروان مصطفي المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية قال في ندوة "الأمن مسئولية مشتركة" ان الفلسفة الأمنية تغيرت بالفعل بعد الثورة. وتعهد بأنه لا عودة للممارسات القديمة والتجاوزات التي كانت تحدث من ضباط الشرطة.. وقال انه لا يستطيع ان يقول ان التغيير حدث بنسبة 100 في المائة.. ووعد بتنظيم زيارة إلي مقر الأمن الوطني الاسبوع القادم. وإذا كان اللواء مروان وهو من أهل الشرطة قد شهد بتجاوزات كانت تحدث من زملائه الضباط.. فان تجاوزات أمن الدولة كانت أشد وأغلظ لمن يقع تحت "ضرس" هذا الجهاز. ومن هنا فإن الشعب المصري كل الشعب المصري يرفض عودة هذا الجهاز إلي وضعه القديم.. نرفض زوار الفجر.. ونرفض التجسس علي التليفونات. ونرفض الدخول إلي حجرات نوم المواطنين.. ونرفض كل سلوك معيب للجهاز السابق. ومرة أخري.. لن نطمئن إلا بصدور قانون يحدد عمل الجهاز الجديد ووجود لجنة قضائية تراقب عمله يتم اعادة تشكيلها كل عام بحيث لا تصبح جزءا من عمل الجهاز.