في ظل الإهمال الشديد من قبل الأجهزة التنفيذية بالمنيا.. تحولت قرية "زاوية سلطان" التي تبعد عن مدينة المنيا بحوالي 5 كيلو مترات ويبلغ عدد سكانها نحو 10 آلاف نسمة يعمل معظمهم بالمحاجر والزراعة إلي "زاوية الأموات" كما يطلق عليها أبناء المحافظة لاختلاط الأحياء بالأموات. حيث يقطن بعض الأهالي وسط أحبائهم الموتي. فيعيشون أعلي المقابر أو بأحواشها. أكد الأهالي أن حالتهم الاقتصادية والاجتماعية معدومة.. الأمر الذي اضطرهم إلي الإقامة بالقبور لا فرق بينهم وبين الأموات إلا في الحركة والمأكل والمشرب والملبس فقط. وليلاً الجميع يتساوي! يقول محمد عبدالحكم "موظف": معظم المقابر بزاوية سلطان تأخذ شكل القباب الذي يميزها عن القري الأخري.. مشيرا إلي أن فكرة بناء القبور بهذا الشكل جاءت منذ عهد الدولة الفاطمية. مما أعطاها منظراً وجاذبية لدي السياح الأجانب. خاصة الفرنسيين والانجليز الذين يحرصون علي تصوير هذه القباب. أضاف فتحي فرج الله "أحد سكان القبور" أنه من مواليد الخمسينيات ويعمل هو وزوجته وأبناؤه الأربعة بسقاية زوار القبور. لافتاً إلي أنه يبيع جركن المياه لأهل وأقارب المتوفي بسعر 30 جنيهاً ويعتمد علي مساعدات أهل الخير في سد الاحتياجات اليومية لأسرته. قال: العيشة والسكن وسط الأموات أفضل بكثير من الحياة مع الأحياء. وان الهدوء القاتل هو السمة الرئيسية لأهل القبور إلا أثناء تشييع الجنازات والزيارات فقط. مطالباً رئيس مصر القادم بضرورة النظر إليهم وتوفير مساكن بديلة لهم احتراماً لآدمية الإنسان. أشار مصطفي خير إلي أنه قام ببناء مسكن داخل حوشه الخاص لإيواء أسرته. وأنا أبناءه يحلمون بتوفير كوب ماء نظيف وحياة خالية من الصراخ والعويل الذي يصاحب كل جنازة. موضحاً أن الأهالي بمعظم قري المنيا يدفنون موتاهم بمقابر "زاوية الأموات". قال جرجس فوزي "أحد الأهالي": إن الجميع يخشون علي أنفسهم من السير وسط المقابر بعد صلاة العشاء اعتقاداً بأن المقابر مسكونة وبها أشباح وهناك حالات كثيرة فقدت الوعي وتوفيت في ظروف غامضة. إثر مرورها ليلاً بها. أضاف أن المنطقة تنبعث منها روائح كريهة تتسبب في اصابة المواطنين بالكثير من الأمراض وكذلك الأتربة التي تصيب كبار السن والأطفال بحساسية. أوضح أحمد عبدالكريم "مدرس" أن القرية اختلفت الآن عما كانت عليه منذ 25 عاماً وبسبب غياب الأمن والمحليات اضطر محدودو الدخل إلي بناء مساكن لهم فوق أسطح المدافن لسوء حالتهم الاجتماعية والمادية. عقب د.جمال إسماعيل الطحاوي -أستاذ علم الاجتماع ونقيب الاجتماعيين بالمنيا- قائلاً إن الحياة وسط القبور في هذا العصر تؤكد مدي الخلل الطبقي الواضح بين فئات المجتمع. وما يحدث بزاوية الأموات من مبان أعلي المقابر أو وسط المتخللات هو نتاج مجموعة من العوامل الاجتماعية في مقدمتها الفقر المدقع وقلة الامكانيات المادية. محذراً بأن المعيشة وسط القبور لا تتفق اجتماعياً ونفسياً وعرفياً وتسيء إلي الأموات وتخلق حالة من التنشئة الاجتماعية السلبية. خاصة للأطفال المقيمين بها الذين يمثلون قنابل موقوتة في المجتمع.