أثناء زيارته لأسوان في إطار جهود المصالحة بين قبيلتي الدابودية وبني هلال تحدث الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر للتليفزيون منتقداً بطء عملية التقاضي باعتبارها سبباً رئيسياً في تأجيج الثأر بالصعيد ومطالباً بإنشاء محكمة متخصصة لمحاكمة مرتكبي جرائم القتل حتي يكون الجزاء سريعاً ورادعاً. ويري خبراء القانون أن بطء التقاضي يرجع إلي قلة عدد القضاة بالنظر إلي كم القضايا الهائل الذي تحفل به المحاكم علي مستوي الجمهورية.. إضافة إلي أن إجراءات التقاضي ذاتها تستلزم المرور بمراحل عدة لاستيفاء العدالة الكاملة.. وهو ما يؤخر البت في القضايا من أول درجة إلي الاستئناف والنقض وإجراءات التأجيل.. كما أن قلة عدد المحاكم تمثل سبباً إضافيا ومهماً في بطء التقاضي. أما القضاة فيرون أن بطء التقاضي مشكلة عالمية وليس في مصر وحدها.. وأن القضايا الجنائية ومنها قضايا القتل تحتاج إلي وقت طويل التزاماً بدرجات التقاضي وشفوية المرافعة حتي يأتي الحكم في النهاية عنوانا للحقيقة.. وبالتالي لا يوجد أي تراخ وبدلاً من البحث عن محاكم خاصة لجرائم القتل يجب زيادة عدد المحاكم والقضاة. د. حسن جميعي "وكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة" يقول إن ما دعا إليه د. أحمد الطيب لضرورة إنشاء محكمة مختصة بمحاكمة مرتكبي جرائم القتل ربما يكون اقتراحاً جيداً.. نظراً لأن هذه المحاكم المختصة ستكون ناجزة وبالفعل تسهم في حقن الدماء لأنها تشعر المظلوم بأن حقه قد عاد إليه. أوضح أن السبب في تباطؤ التقاضي يرجع إلي أن القضاة لديهم عدد كبير من القضايا.. وفي الوقت ذاته عدد القضاة أقل من القضايا المطروحة ولكي تكون هناك عدالة ناجزة لابد من زيادة عدد القضاة والدوائر.. لكي تختص كل دائرة بقضية واحدة أو قضيتين.. ولا تحمل باعباء فوق طاقتها. التأجيل.. التأجيل أشار إلي أن هناك جانباً آخر يعد سبباً أساسيا في تباطؤ التقاضي وهو التأجيل في القضايا.. ومن تأجيل إلي آخر ومن شهر إلي شهر يزيد زمن التقاضي لذلك يفضل زيادة أيام العمل لقضاة الاستئناف والجنايات ليكون التأجيل مرة كل أسبوع لسرعة الإنجاز وهذا لا يؤثر بالسلب علي سير العدالة وحقوق المتهمين فاختصار الوقت لا يؤثر علي الأداء..!! أكد ضرورة التوسع في إنشاء أبنية المحاكم لعرض قضايا أكثر وكذلك تعيين دفعات جديدة من القضاة وتدريبهم لتوفير عدد أكبر لإنجاز القضايا. أضاف أن المحكمة الاقتصادية الخاصة بالقضايا الاستثمارية أحد أفضل المحاكم التي تقررت.. وبالفعل هي ناجزة. القانون والإجراءات المستشار محسن عيد سالم "أمين عام المجلس الاعلي للقضاء سابقاً ونائب رئيس محكمة النقض" يري أن من يعيش المشكلة علي أرض الواقع ليس كمن يحكم عليها وفقاً للشكل العام. لأن القضايا الجنائية مطلوب فيها من القاضي أن يقرأ ويكتب ويستمع لشهادة الشهود وتقرير الطب الشرعي وغيرها من الإجراءات فيما يسمي بشفوية المرافعة.. فالقاضي يبذل جهداً كبيراً لدراسة القضية حتي لا يضيع حق المتهم مشيراً إلي أنه في احدي القضايا قام بقراءة صحيفة المتهم أكثر من 20 مرة قبل جلسة الحكم.! أوضح أن تباطؤ التقاضي ليس مشكلة مصرية لكنها عالمية حيث تخضع لقانون الإجراءات وحقوق الإنسان وفي بعض الاحيان يكون التعطيل ليس بسبب الإجراءات فقد يقوم الدفاع أو المتهم برد المحكمة لتعطيلها. أكد أن التحقيق الناجز للعدالة قضية قومية تحتاج إلي منظومة كاملة ويكون الافضل للوصول إلي حل المشكلة عمل مؤتمر قومي يشمل قضاة من كل الدرجات وأعضاء النيابة ومحامين وأمناء سر ويكون ذلك علي مسمع المواطنين لمناقشة كل ما يخص مشكلة تباطؤ التقاضي وصولاً لحل يرضي جميع الاطراف باستبعاد إجراءات يمكن الاستغناء عنها. أشار إلي ضرورة عمل حصر بعدد القضاة في مقابل حصر عدد القضايا المعطلة والتفكير العلمي لحل هذه المسألة هو إنشاء أبنية للمحاكم وتجهيزها للعمل لتستوعب حجم القضايا وتوفير أماكن لعقد جلسات لتهيئة وتدريب من يصلح لممارسة مهنة القضاء لتأجيل جيل آخر من القضاة لإنجاز القضايا المطروحة. الرأي الآخر المستشار أحمد هلال "رئيس المحكمة الابتدائية بطنطا" يقول إنه ضد انشاء محاكم متخصصة لقضايا معينة مؤكداً أن الجرائم في مصر ليست كثيرة باستثناء تلك المرحلة التي تعاني فيها من عدم الاستقرار.. وعودة الدولة في الفترة الاخيرة لاحكام قبضتها علي المجرمين ستؤدي إلي تقليص هذه القضايا كما كانت من قبل فلا تستدعي الحاجة لمحاكم مختصة لجرائم القتل. أشار إلي أن تباطؤ التقاضي ليس هدفه التراخي لكن كل القضايا تخضع لإجراءات وكل اجراء له وقته وصولاً للنطق بالحكم. أضاف أن مشكلة الثأر في الصعيد خاصة سببها الأكبر التكتم علي القاتل نظراً لطبيعة بعض أهالي الصعيد في الثأر. أسعد هيكل "المحامي الحقوقي وعضو لجنة الحريات بنقابة المحامين" أوضح أن ما قام به شيخ الأزهر د. أحمد الطيب للصلح بين القبيلتين بادرة طيبة وهذه الخطوة مطلوبة من جميع مؤسسات الدولة للتفاعل الحقيقي والملموس مع مشاكل المواطنين. أشار إلي أن هناك حالة من التردي للعدالة في مصر والمحاكم لا تناسب الزيادة الكبيرة لأعداد المواطنين ولا تستوعب حاجة الناس إلي العدل فلدينا المحاكم كما هي منذ سنوات طويلة لم يضف اليها جديد لذلك نعاني من تباطؤ التقاضي.. ففي محافظة القاهرة مثلاً 6 محاكم يقابلها 28 قسماً وليس هناك إنجاز لذلك من الضروري انشاء محكمة في كل قسم أو دائرة حتي وإن لم تكن مختصة بقضايا بعينها وتشمل جميع أنواع القضايا المدنية والجنائية والاقتصادية.