المعونات الخارجية والمساعدات التي تبلغ ملايين الدولارات وتصل إلي جمعيات أهلية معينة ومنظمات المجتمع المدني تحولت إلي مال سايب لا نعرف من أين يأتي وكيف ينفق؟.. وحساب التبرعات الخاص بمكتبة الإسكندرية والذي يبلغ 145 مليون دولار والذي كان مسجلاً باسم سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق أثار موضوع مولد التبرعات وتحولها إلي سبوبة للقائمين علي الجمعيات الأهلية بسبب عدم وجود رقابة حقيقية من وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات.. كما أثار أيضا قضية المعونات الأجنبية الدولية التي ترد للدولة ووسائل إنفاقها وطرق مراقبتها.. فالمعونة الأمريكية وحدها تبلغ 300 مليون دولار وحولها علامات استفهام عديدة.. استطاع رموز الفساد بنظام مبارك منع المعونات الخارجية عن جهات ومنظمات تحتاجها وتوجيه الملايين من التبرعات إلي أشخاص في السلطة وجمعيات معينة لتحقيق الثراء الفاحش لرموز الفساد ونهب التبرعات وتحويلها إلي حسابات شخصية في البنوك رغم أنها مال عام والاستيلاء عليه جريمة يعاقب عليها القانون. أساتذة القانون والسياسة والمسئولون عن الجمعيات الأهلية والمعونات أكدوا أن حماية تلك الأموال من النهب تحتاج إلي قوانين جديدة.. وطالبوا بامتداد رقابة مجلس الشعب إلي الأموال التي ترد للجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني وأنها لا تقتصر علي المعونات الخارجية التي ترد للدولة كما هو حاليا.. إلي جانب ضرورة قيام الجهاز المركزي للمحاسبات بدور أكبر في متابعة أوجه إنفاق المعونات والمنح.. خاصة بعد أن ثبت أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال يتم إنفاقه علي حفلات في الفنادق ومظاهر بذخ تعكس فساداً واضحاً! يوضح الدكتور أنور رسلان عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقاً أن المعونات التي تحصل عليها الجمعيات الأهلية تشرف عليها وزارة التضامن الاجتماعي أما المساعدات الأوروبية فلابد أن تكون بموافقة وزارة الخارجية وكثير من المعونات تكون مشروطة وتشرف وزارة التعاون الدولي علي شروط المانح والمتلقي.. ولأن الدول المتلقية هي الأضعف فتكون الشروط من حق الطرف الآخر ولصرفها لابد من موافقة البرلمان لذلك يلعب مجلس الشعب دوراً جوهرياً في استكمال الإجراءات ولابد أن يتابع المجلس إنفاق المعونات ليتم في مصلحة المجتمع المصري ويساعد المواطنين علي تحقيق معدلات تنمية مرتفعة. يشير إلي أن هناك اتفاقيات دولية بين مصر وبعض الدول الأوروبية التي تقدم منحاً ومعونات لمصر تصرف في أماكن محددة وبطرق معينة مثلاً المعونة الأمريكية تبلغ 300 مليون دولار وتحدد أن أي مشتريات من أموال المعونة لابد أن تكون من منتجات أمريكية وبسبب غياب الرقابة علي التبرعات نجد سوء الصرف وسوء استغلال أموال المعونات ولابد أن نعرف أن التبرعات التي تأتي للجمعيات بصفة رسمية لابد أن تحدد الجهات المانحة أوجه صرفها ولابد أن يكون صرف هذه الأموال محكماً بالقانون لأنها أموال عامة والقانون الجنائي قادر علي حماية الأموال العامة. يضيف أن المعونات أهدافها ليست اقتصادية بل سياسية لأن المعونات الأجنبية ساهمت في نشر الديمقراطية وعلمت المصريين ممارسة الحرية وساهمت في التنمية السياسية بتدريب مؤسسات المجتمع المدني لمعالجة عيوب الدولة وتقصير الحكومة في مجالات عديدة ووزارة التضامن لها دور رئيسي في متابعة المنح والتبرعات بالجمعيات الأهلية والتي قد تتحول إلي حبر علي ورق بدون المعونات الخارجية ومشكلتنا في مصر هي عدم الالتزام وتنفيذ القانون في صرف المعونات ونحتاج بعض القوانين التي تحمي أموال التبرعات والمنح. نصيب الأسد يقول المستشار جميل قلدس بشاي رئيس المحكمة الابتدائية بالقاهرة سابقاً في العهد السابق كان لمصر نصيب الأسد من المعونات والتبرعات لكن جزءاً كبيراً منها كان يتم صرفه لمصالح أشخاص وليس من أجل الغرض الذي قدمته الدول المانحة.. والمعونات التي تأتي للجمعيات الأهلية والمنظمات لابد من مراقبتها ومعرفة أوجه إنفاق هذه المنح والمعونات.. ولا تستطيع أي جمعية أو هيئة صرف المنح والحصول عليها دون علم وزارة التضامن ووزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات.. لذلك لابد أن يتم تتبع سير المعونات وكيف يتم إنفاقها لأنها تدخل باسم مصر وتعتبر أموالاً عامة وحمايتها واجب وطني. يطالب بعد انتخاب مجلس الشعب الجديد أن يصبح له الحق في المراقبة والإشراف علي الجمعيات والمنظمات التي تتلقي تبرعات بالملايين ومتابعة صرف هذه الأموال في المجالات التي حددتها الدول المانحة.. ويجب أن يقدم الأعضاء استجوابات عن هذه الأموال.. كما أن النواب لابد أن يتابعوا دور وزارة التعاون الدولي لأنها هي التي تشرف علي صرف المعونات الدولية بالإضافة لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات ففي غياب الرقابة من الطبيعي أن تجد كثيراً من الجمعيات ترتكب مخالفات تعد إهداراً للمال العام. يؤكد عزالدين أحمد فرغل رئيس الاتحاد الإقليمي للجمعيات والمؤسسات الأهلية بالقاهرة أن وزارة التضامن هي التي تقوم بالتفتيش المالي والإداري ومراجعة الحساب الختامي سنوياً لكل جمعية ولا يمكن دخول أي مساعدات ومنح مالية من دول أوروبية إلا في حالة صدور إذن مسبق من وزارة التضامن.. وفي حالة عدم صدور هذا الإذن وقيام الجمعية بتلقي تبرعات بالمخالفة للقانون ودون موافقة وزارتي الخارجية والتضامن فإن القانون أوجب حل الجمعية وحل مجلس إدارتها.. وهناك أكثر من سبعة آلاف جمعية أهلية في القاهرة وكلها يجب أن تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ووزارة التضامن طبقاً للقانون. يوضح أن هناك نقطة ضعف في قانون الجمعيات الأهلية وهي ضرورة أن يتم إقرار المعونة من مجلس إدارة الجمعية وأن تودع ببنك مشهر ثم يتم إبلاغ الجهات الأمنية ويشترط عدم التصرف فيها إلا بعد صدور الموافقة الأمنية وقد يستغرق ذلك سنوات. فساد وإهدار السفير جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب وأمين عام المشاركة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي يشير إلي أن المعونات الدولية التي تأتي لمصر كانت بموافقة من البرلمان ووزارة الخارجية وكانت تسجل باسم رئيس الجمهورية.. ومهمة وزارة التعاون الدولي هي الإشراف علي المعونات الدولية والتي تقدر بالملايين وللأسف كان الجهاز المركزي للمحاسبات دوره محدودا في كشف فضائح الاستيلاء علي المعونات والمنح الخارجية وعدم صرفها في الأوجه المحددة لها. وضرب مثلاً بالمعونات التي جاءت لمصر لتحديث الصناعة وقيمتها 250 مليون يورو لكن مركز تحديث الصناعة أهدر هذه الملايين في الحفلات والفنادق والأكل ومظاهر البذخ مما يعكس فساداً واضحاً.. وهناك معونات تم إنفاقها بطريقة سليمة منها 62 مليوناً لقطاع الغزل والنسيج و83 مليون جنيه لتعمير محافظة جنوبسيناء وتم بناء مدارس ومساجد وكنائس وعمل مشروعات سكنية بهذه المعونة وهناك 97 مليون جنيه لرفع قدرات وإعادة تأهيل 30 مشروعاً.. كما تم توجيه مبالغ من المعونات لضمان سلامة النقل البري والاستفادة من الخبرات الأجنبية والفرنسية وهناك مشروعات لتنشيط السياحة وتحسين أوضاع سكان جنوبسيناء. تقول الدكتورة هدي زكريا أستاذ الاجتماع السياسي بكلية الآداب جامعة الزقازيق ان النظام السابق لم يكتف بنهب ثروات البلاد بل حجب المعونات الخارجية ليتم صرفها في أغراض أخري وبعضها ذهب لجيوب رموز النظام والقائمين علي هذه المؤسسات والجمعيات الأهلية.. مؤكدة أن هناك أزمة ثقة بين المؤسسات المانحة لهذه المعونات ودول العالم الثالث لأن الحكومات لا تحسن استخدام هذه المنح التي يذهب جزء كبير منها للصرف علي العزومات والمظاهر والمؤتمرات بالفنادق الكبري حتي صار الفساد نظاماً وليس جريمة. وحتي يتم إنفاق المعونات في الأوجه المخصصة لها ولا يتم الاستيلاء علي أموال التبرعات والمنح التي تأتي من الملوك بدول الخليج ورؤساء الدول الأوروبية لابد أن تقوم وزارة المالية بمراجعة بنود المساعدات والمعونات التي تأتي لمنظمات وجمعيات أهلية لمساعدة الفقراء والبسطاء.. خاصة أن بعض الجمعيات تخدم أعداداً محدودة من الأسر الفقيرة حتي يستطيع القائمون عليها تحقيق الثراء الفاحش من خلال الاستيلاء علي نسبة من هذه المعونات.. كما أن بعض الجمعيات تتعامل مع المواطنين المستهدفين وكأنهم يتسولون بل يقوم رؤساء هذه الجمعيات بالحصول علي توقيعات الفقراء علي إيصالات تثبت أنهم حصلوا علي أموال كمساعدات وفي كثير من الحالات يستغلون جهلهم وحاجتهم للمال ويضعون في هذه الإيصالات أرقاماً ومبالغ مالية كبيرة رغم أنهم يصرفون لهم مساعدات هزيلة!! تتعجب كيف يكون المراقب المالي بالجهاز المركزي للمحاسبات والذي يراقب منظمات وجمعيات تتلقي تبرعات من الخارج موظفاً في السلطة ويخضع لها؟.. فمن الطبيعي أنه لن يكشف أي مخالفات لجمعيات أو منظمات لها صلة بأحد رجال السلطة!! يطالب المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض سابقاً بوضع ضوابط لدخول المعونات والمساعدات الأوروبية للبلاد لأنها قد تكون ضد أمن واستقرار البلاد ولابد أن تكون وزارتا المالية والخارجية علي علم بحجم هذه الأموال ومن أين تأتي ولمن تذهب وكيف يتم إنفاقها حتي يتم إنفاق الملايين في مشروعات تنموية لصالح المواطنين والاقتصاد المصري.. موضحا أن المعونات التي تأتي باسم مصر هي أموال مخصصة لخدمة عامة وتعامل معاملة الأموال العامة والاستيلاء عليها بالتحايل يعد جريمة.