المعونات الخارجية القادمة لمصر من يراقبها؟.. سؤال يطرح نفسه للتأكد من وصولها لمستحقيها ولأنقاذ الدولة مما تعانيه من كساد اقتصادي, فالمعونة الأمريكية تصل إلي300 مليون دولار.. فكيف يمكن الاستفادة منها, والذي لا شك فيه اننا بحاجة إلي المعونة سواء كانت داخلية أو خارجية لبناء المجتمع في المرحلة المقبلة علي أن تكون خطوة للاستغناء عنها مستقبلا وأن يتوجه الدعم لصالح التدريب في مجالات التنمية مثل العلوم والتكنولوجيا. ومع العهد البائد حظيت مصر بنصيب الأسد في الحصول علي المعونات ورغم ذلك لم نكن نعلم من أين تأتي وإلي أين تذهب.. وكانت تسجل باسم الرئيس السابق واعوانه.. وكانت أكبر مفاجأة في مكتبة الإسكندرية, حيث فوجئ الجميع بوجود145 مليون جنيه مسجلة باسم السيدة سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق فكيف نحمي أي مبالغ تأتي من الخارج علي سبيل الاعانة أو الاقراض؟ وطبقا لتقرير صادر عن اتحاد الجمعيات الأهلية بمصر فإن هناك أكثر من300 جمعية أهلية تمولها جهات خارجية وتستحوذ القاهرة علي نصف المنح الأجنبية المخصصة للجمعيات الأهلية فهل هي قادرة علي إدارة المعونات؟ الخبراء أكدوا ضرورة اعادة هيكلتها من جديد فيؤكد الدكتور محمود السقا استاذ القانون بجامعة القاهرة أن المعونات كانت من الأمور المستحبة لدي الرئيس السابق واعوانه بالقصر الجمهوري, وكان يستفيد منها بشكل لا يتخيله عقل وكانت من الأسرار التي لا يعلم عنها الشعب شيئا ومن المفترض أن الدولة تستعين بهذه المعونات لبناء الدولة وانقاذها, من كارثة أو كساد اقتصادي مثل ما تعانيه مصر هذه الفترة نتيجة تأثر العديد من الأنشطة, ويقر القانون الدولي المعونات التي تأتي من الخارج ومن المفترض ان يضع ميزانيتها مجلس الشعب وأن يراقبها لصالح الشعب ويضعها بالجهات والأماكن المستحقة ولكن النظام السابق لم يكتف بالثروات الداخلية بل حجب المعونات الخارجية عن الجهات التي تحتاجها بالفعل ليتحقق لهم الثراء الفاحش المنقطع النظير الذي نسمع عنه ويزداد الشعب فقرا لذلك لابد من تعيين جهات تستقبلها وتراقبها لذلك يجب أن يضعها مجلس الشعب القادم في أولوياته بأن يكون له حق الرقابة والاستجواب عنها أين ذهبت وهل ذهبت لمستحقيها الفعليين. معونات بالجملة السفير جمال بيومي رئيس جمعية المستثمرين يرصد المعونات التي جاءت لمصر منها250 مليون يورو وجهت لمركز تحديث الصناعة ولكن لسوء إدارة وزير الصناعة السابق لم توجه كما كان المفروض علي تحديث الصناعة بل وجهت علي الأكل والشرب علي حد تعبيره ولكن هناك العديد من المعونات التي وجهت لأماكنها الصحيحة مثل معونة تصل إلي110 ملايين يورو لبرنامج رفع مستوي الخدمات الصحية, كما قدم البنك الدولي معونة لاصلاح التعليم ومعونة أخري ب155 مليون جنيه للصندوق الاجتماعي للتنمية لمشروعات الشباب, وهناك معونة83 مليون جنيه لتعمير جنوبسيناء وانفقت علي تحسين المنطقة علي الكنائس والجوامع, بالإضافة إلي62 مليونا لقطاع الغزل والنسيج و97 مليون جنيه لإعادة تأهيل ورفع قدرات30 مشروعا تأهيليا, كما حدثت مشروعات لتوأمة السلامة الملاحية وترقية أوضاع تنشيط السياحة, كما تم توجيه مبالغ لضمان سلامة النقل البري والاستفادة من الخبرات الأجنبية والفرنسية. أما فيما يخص ال145 مليون جنيه التي تخص مكتبة الاسكندرية ومسجلة بحساب سوزان ثابت فيقول: ليس دفاعا عن سوزان ولكن المبلغ مسجل لصالح المكتبة وهو ما يحسن موقفها قانونا. ويضيف أن المعونات التي تأتي لمصر كلها كانت تأتي تحت اشراف البرلمان ووزارة الخارجية وكانت تسجل باسم رئيس الجمهورية وتختص وزارة التعاون الدولي بالإشراف علي المعونات الدولية مطالبا بضرورة اشراف الجهاز المركزي للمحاسبات عليها. معونة مشروطة ويري الدكتور عبدالحميد زيد استاذ علم الاجتماع السياسي, وعضو مجلس الشوري سابقا أن المعونات التي تأتي لمصر مشروطة بأن تستهدف اعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتكون الدولة ملزمة بتنفيذ مشروعات خدمية في الصناعة أو الكهرباء مثلا وتتخذ أكثر من شكل من عينية وفنية ومعونات غذائية وتشكل نوعا من التعاون بين الدول الغنية والفقيرة وتشرف وزارة التعاون الدولي علي شروط المانح والمتلقي ولأن الدول المتلقية هي الأضعف فتكون الشروط مع الطرف الأقوي وفي الوقت ذاته الدول الفقيرة ملزمة بتنفيذ الاحتياجات الحتمية والضرورية وتحتاج لانفاقها موافقة البرلمان لاستكمال الاجراءات لذلك يعد للبرلمان دور جوهري في الاشراف عليها ووضعها لمصلحة المجتمع المصري, موضحا أن هناك أزمة ثقة بين دول العالم الثالث والمؤسسات المانحة لهذه المعونات لأن الحكومات لا تحسن استخدام هذه المنح ومع تحقيق معدلات تنمية مرتفعة يمكنها الاستغناء عنها تماما مستقبلا علي مدار السنوات العشر المقبلة. فصل الاختصاصات والسؤال الآن: هل مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في مصر مؤهلة للقيام بهذا الدور؟ يجيب الدكتور زيد ان الجمعيات الأهلية تعاني في مصر العديد من المشكلات المؤسسية, كما أن عددها قليل وهذا يحتاج إلي اعادة تشكيلها بأشخاص يمتلكون القدرة علي التعامل مع المعونات وتحديد أوجه صرفها وتنفيذ برامج لصالح المجتمع. ويري ضرورة فصل اختصاصات البرلمان عن المجتمع المدني حتي لا تكون الجمعيات مكبلة بالجهاز التنفيذي وبقوانين لذلك يجب ان تخضع لجهات مرنة لسهولة التصرف فيها وباشراف من الجهاز المركزي للمحاسبات, مؤكدا ان المجتمع المدني وقوته يسهم في بناء دولة ديمقراطية قادرة علي التوجيه. المعونات أهدافها ليست اقتصادية بل سياسية أيضا فيري الناشط الحقوقي نجاد البرعي أن المعونات الأجنبية ساهمت في قيام الثورة لأنها علمت المواطنين الديمقراطية وساهمت في التنمية السياسية بتدريب مؤسسات المجتمع المدني لمعالجة قصور الدولة, موضحا أن وزارة التضامن الاجتماعي لها دور مؤثر في توجيه المعونات, حيث أنه بدون تلك المنح والمعونات فسوف تصبح الجمعيات الأهلية حبرا علي ورق. كيان معترف به وعن الجهات التي يمكن ان تتلقي المعونات تري تهاني البرتقالي رئيسة جمعية أحباء مصر أن الجمعيات الأهلية مؤسسات لها كيان معترفا بإشراف وزارة التضامن ولكن هناك نقطة ضعف في قانون الجمعيات الأهلية وهي ضرورة أن تقر المعونة من مجلس إدارة الجمعية وتودع ببنك مشهر ثم يتم ابلاغ الجهات الأمنية ويشترط عدم التصرف فيها وفي الوقت ذاته قد تستغرق الموافقات خمسا إلي ست سنوات وتمنع الجمعيات من التصرف بها وهو ما يعوق التصرف بها. وأكدت أن نحو27 جمعية حلت مجالس إداراتها بسبب تصرفهم في المعونات لذلك لابد من تعاون وزارة التضامن لسد هذه الثغرة وتسريع اصدار الموافقات الأمنية. وتري أنه من الممكن ان يتم انشاء صندوق خاص بتلقي المعونات وتوزيعها علي الجمعيات لأخذ ثقة المتبرعين سواء داخليا, أو خارجيا ولكن هذا يعرقل محاولات بعض الجمعيات بالحصول علي تبرعات. وفي النهاية.. فمصر مع ما تمر به من مرحلة حرجة تحتاج إلي مؤسسات قادرة علي حسن استغلال كل جنيه تمتلكه لرفع معدلات التنمية سواء كان البرلمان أو وزارة التعاون الدولي أو وزارة الشئون الاجتماعية باعادة هيكلتها و دعمها بأشخاص قادرين علي إدارة هذه المعونات علي أن يتم الاستغناء عنها تماما خلال أقل من عشر سنوات وأن تقتصر علي تبادل الخبرات مع الدول الأخري في المجالات الحيوية.